أصبح تكرار الإقالات والاستقالات للمسؤولين السياسيين والعسكريين والأمنيين حالة مربكة في الواقع السياسي والأمني داخل إسرائيل.
رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك"، رونين بار، أعلن أنه سيغادر منصبه في الـ15 من يونيو/حزيران، وذلك بعد أسابيع من التوتر مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي سبق أن طلب إقالته، مؤكدًا أن ذلك يأتي بهدف السماح بعملية منظمة لتعيين شخص جديد بالمنصب.
وتسبب الخلاف بين نتنياهو وبار في حالة من الإرباك في المشهد الأمني والسياسي في إسرائيل، ضمن موجة من الاستقالات التي عصفت بالمؤسسات الإسرائيلية مؤخرًا.
وإثر الحرب في غزة والخلافات العميقة بين المستوى السياسي في إسرائيل والمستويين الأمني والعسكري، قدم عدد كبير من القادة الأمنيين والعسكريين استقالاتهم من مناصبهم، فيما يسعى نتنياهو لتعيين شخصيات مقربة منه في هذه المناصب.
ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي، عليان الهندي، أن "قرار بار أحدث إرباكًا لدى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وقادة اليمين في حكومته"، مشيرًا إلى أن ذلك يأتي في إطار التحدي بين مؤسسات الدولة العميقة ونتنياهو.
وقال الهندي، لـ"إرم نيوز"، إن "نتنياهو استعجل في التحرك نحو إقالة بار لأسباب تتعلق بتحقيقات يجريها جهاز الشاباك في عدد من القضايا المتعلقة برئاسة الوزراء وهجوم الـ7 من أكتوبر"، مبينًا أن نتنياهو كان يحاول الحيلولة دون وصول التحقيقات إليه.
وأضاف: "رونين بار حدد الطريقة التي يريد الخروج عبرها، ووجه ضربة قوية لنتنياهو، حيث اختار الاستقالة وأثبت أن رئيس الوزراء ليس (رقم واحد) في إسرائيل، خاصة أن هناك فرقًا بين الانصياع للأوامر والإخلاص للشخص" وفق تعبيره.
وبين أن "قرار استقالة بار سيؤثر في نتنياهو، خاصة أنه يهدف إلى منع الائتلاف الحكومي من التصرف بالطرق التي يريدها، كما أنه يدفع كل أجهزة الدولة الرسمية وغير الرسمية لمراقبة التعيين المقبل لرئيس الشاباك".
وتابع أنه "بهذه الاستقالة سيكون لبار دور في اختيار خليفته في المنصب بالتعاون مع كبار المسؤولين في الجهاز، فوفق المتبع فإن رؤساء الأجهزة في إسرائيل يقدمون توصيات بشأن المرشحين المحتملين، وهو الأمر الذي يبعد نتنياهو عن اختيار المرشح الذي يرغب فيه".
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، سعيد زيداني، أن "الاستقالة ضربة سياسية ومعنوية لرئيس الوزراء وحكومته الذين سعوا لإقالة بار، خاصة أن الخلاف بين رئيس الشاباك ونتنياهو شخصي، ومرتبط بشكل أساس بالتحقيقات التي يجريها جهاز الشاباك".
وأوضح زيداني، لـ"إرم نيوز"، أن "التحقيقات تثير مخاوف نتنياهو، وتعد الحرب في غزة سببًا في موجات الاستقالات الأمنية والعسكرية".
وتابع أن "الاستقالة لن تؤثر في الشاباك داخليًّا؛ لكنها تمثل ضربة معنوية له، خاصة في ظل الملاحقة المستمرة لرئيسه والضربة الأساسية والسياسية لرئيس الوزراء".
ورأى أن نتنياهو "يريد تعيين أحد الموالين له ممن يحظون بثقته، إلا أن الاستقالة ربما تجبره على تعيين شخص آخر في إطار القواعد والإجراءات المتعارف عليها في إسرائيل"، مؤكدًا أن لنتنياهو فرصة ضئيلة لاختيار موالٍ له.
وشدد على أن "الصراع بين نتنياهو والدولة العميقة مستمر وسيزداد خلال الفترة المقبلة، وسيؤدي إلى موجة من التوتر في مختلف المؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية"، مؤكدًا أن ذلك سيكون له تأثير كبير على مسار الحرب في غزة.