بعد غياب دام نحو عامين في المنفى، عاد الإمام محمود ديكو، أحد أبرز القادة الدينيين في مالي، ليحرك الساحة السياسية مجددًا.
وفي خطوة مفاجئة، قرر ديكو البالغ من العمر 71 عامًا، استئناف نشاطه السياسي عبر قيادة "تحالف القوى من أجل الجمهورية" (CFR)، الذي يهدف إلى مواجهة النظام العسكري بقيادة العقيد أسيمي غويتا، وفق ما ذكرت مجلة "جون آفريك".
وكان الإمام ديكو أحد القادة الرئيسيين في الحراك الشعبي الذي أسهم في الإطاحة بالرئيس الأسبق إبراهيم بوبكر كيتا في أغسطس 2020، حيث قاد تحركات ضد حكومة كيتا أدت في النهاية إلى الانقلاب العسكري عليه.
ويعود الرجل السبعيني، اليوم ليقود تحالف "CFR"، الذي يسعى لاستعادة الحريات المدنية وحماية المواطنين، والدعوة إلى حوار وطني شامل مع كافة الأطراف، بما في ذلك الجماعات المسلحة، ضمن فترة انتقالية قصيرة.
ودعا ديكو في بداية ديسمبر 2025 إلى العصيان المدني ضد الحكومة العسكرية، مندداً بما أسماها "القرارات غير المنطقية"، كما طالب القضاة برفض القرارات القضائية التي تراها السلطة غير شرعية، داعياً العسكريين إلى مقاومة الأوامر التي تتناقض مع المصلحة العامة للبلاد.
وعلى الرغم من أن الإمام لم يعلق علنًا بعد، إلا أن تحركاته تشير إلى أنه بدأ استعراضًا جادًا للدخول في مواجهة مع النظام العسكري الحاكم في باماكو.
وتجدر الإشارة إلى أن التوتر بين ديكو والنظام العسكري الحالي ليس جديدًا، ففي فبراير 2025، مع تزايد التكهنات حول عودة الإمام، نشرت السلطات أكثر من ألف جندي لتأمين مطار باماكو، ما يعكس قلق الحكومة من تأثيره السياسي.
وأوضح "جون آفريك"، أنه رغم العلاقة التوافقية بين ديكو والمجلس العسكري قبل الانقلاب، حيث قدم المشورة وأيد تعيين موكترواني رئيسًا للوزراء، إلا أن الأمور تغيرت بعد استيلاء الجيش على السلطة، وتنفيذ الجنرال غويتا انقلاباً على شركائه المدنيين.
وفي محاولات سابقة للحد من نفوذه السياسي، قامت الحكومة بتقييد الأنشطة السياسية بشكل صارم، فتم حل "تنسيقية الحركات والجمعيات والمناصرين للإمام"(CMAS) في مارس 2024، واعتقل يوسوفو دياوارا، زعيم الحركة، بتهمة معارضة السلطة الحالية.
ورغم إطلاق سراحه في أكتوبر 2024، إلا أن هذه الإجراءات تسلط الضوء على محاولات الحكومة لتقليص قاعدة دعم ديكو في الأوساط الشعبية.
ويكشف تقرير المجلة الفرنسية، أن ديكو واجه في ديسمبر 2023 مشكلة بعد عودته من الجزائر بعد مشاركته في اجتماع حول اتفاق الجزائر.
وعلى الرغم من أن رحلته كانت تسير بسلاسة، إلا أن الحكومة العسكرية نجحت في وضعه بموقف حرج، حيث بقي عالقًا في الجزائر لأيام قبل عودته.
ويواجه الإمام ديكو، الآن تحديات كبيرة، لا سيما مع القيود المفروضة على الأحزاب السياسية ومنع التظاهرات في مالي، ومع ذلك، لا يزال أتباعه يثقون بقدرته على تحريك الشارع المالي وحشد الدعم الشعبي.
وأكدت "جون آفريك"، أن السؤال يبقى حول كيفية تعامل النظام العسكري مع عودة الإمام ديكو، إذ إن الساحة السياسية في مالي مرشحة لمزيد من التوترات، مشددة على أن قدرة ديكو على تعبئة الشعب المالي ستكون عاملاً حاسماً في تحديد مستقبل المواجهة السياسية في البلاد.