أكد خبراء مختصون في الشأن الإيراني والعلاقات الدولية، أن تركيز واشنطن وتل أبيب على سيناريوهات اختيار خليفة للمرشد الإيراني آية الله علي خامنئي، في وقت بات مهددًا فيه بالاستهداف والاغتيال، يأتي ضمن "الحرب النفسية"، وأن الهدف من التركيز على ذلك هو تفكيك الجبهة الداخلية والعمل على دبّ الانقسام في نظام الحكم بطهران.
وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن قيام خامنئي بترشيح خلفاء له يتسبب في انقسام أكبر بين المحافظين والإصلاحيين في حال ترشيحه لأحد في هذا المنصب، لافتين إلى أنه ليس من الطبيعي أن يرشّح شخص ثلاثة خلفاء من بعده؛ ما يولّد صراعات، حيث إن الترشيح يكون لشخص واحد.
وقالوا إن خامنئي ليس من أنصار ترشيح بديل أو خليفة، وهو من أنصار الشورى في الاختيار عبر مجلس الخبراء، بحسب ما نص عليه الدستور الإيراني.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية نسبت إلى مطلعين على خطط الطوارئ للحرب، دون ذكر أسمائهم، أن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي سمّى ثلاثة من كبار رجال الدين كمرشحين لخلافته في حال مقتله، في دلالة على اللحظة الحرجة التي يواجهها حكمه الممتد لثلاثة عقود.
وأكد الخبراء في هذا الصدد، أن المعلومات التي قدّمتها "نيويورك تايمز" غير دقيقة، ومن الواضح أن لها أهدافًا في ظل المواجهة القائمة بين طهران وتل أبيب، التي دخلت فيها الولايات المتحدة مؤخرًا.
وأوضحوا أن نشر مثل هذه التقارير غير منطقي، نظرًا لاعتبارات تتعلق بمنصب المرشد وشخص خامنئي، وفق قولهم.
ويرى الخبير في الشؤون الإيرانية، الدكتور أحمد الياسري، أن هذه المعلومات التي قدّمتها "نيويورك تايمز" غير دقيقة، ومن الواضح أن لها أهدافًا في ظل المواجهة القائمة، وأن نشر مثل هذه التقارير غير منطقي، نظرًا لاعتبارات تتعلق بمنصب المرشد أو بشخص خامنئي.
وأشار الياسري لـ"إرم نيوز"، إلى أن "خامنئي" أعطى صلاحياته الأمنية، في ظل توقع الاغتيال، إلى مجلس الأمن القومي الذي يضم كبار قادة الدولة؛ أما الصلاحيات الفقهية والسياسية فهي أمر مرهون بمجلس الخبراء المكوّن من 88 فقيهًا يتم اختيارهم بالانتخاب المباشر.
وبيَّن الخبير في الشؤون الإيرانية أن خامنئي كان مرشّحًا من مجلس الخبراء الذي كان يقوده أكبر هاشمي رفسنجاني في تلك الفترة، مشيرًا إلى أن "خامنئي" كان معترضًا على ترشيحه، لأنه كان يرى أن المرشد يجب أن يكون "مجتهدًا" أي بلغ درجة استنباط الأحكام وأصول الشريعة، وهو كان في الطريق إلى ذلك ولم يُكمل إلا بعد تولّيه موقع المرشد.
وأشار الياسري إلى أن مؤسسة ولاية الفقيه، في ظل دخول الإصلاحيين والمحافظين في صراع، بات موقع المرشد الصورة الأبرز للمواجهة بينهما، لأن صاحب هذا المنصب يمتلك الصلاحيات في الأمن والدفاع، ولذلك يخشى "خامنئي"، المعروف بأنه محافظ، أن يَحدث انقسام في المنظومة الحاكمة إذا قام بترشيح أحد من طرفه.
وأورد الياسري، أن خامنئي ليس من أنصار الترشيح، بل من أنصار الشورى عبر مجلس الخبراء، لذلك لا توجد مشكلة في حال اغتيال المرشد، حيث سيُعقد وقتئذ مجلس الخبراء جلسة ويدير عملية الترشيح والاختيار، بحسب ما نص عليه الدستور الإيراني.
ولفت إلى أن من الأسماء التي قد تكون مؤهلة لهذا المنصب، علي الخميني، الابن الأوسط لأحمد الخميني، وهو درس في النجف وأكمل "الاجتهاد" هناك، وعلى علاقة نسب بالسيد علي السيستاني، وهو حفيد المرشد الأول روح الله الخميني، وقريب للغاية من مكتب المرشد الحالي علي خامنئي، وقد تولّى سابقًا إدارة أوقاف "الخميني" في النجف.
ويتفق معه الباحث في الشؤون الإيرانية، الدكتور محمد المذحجي، بالقول إن هذا الخبر في وسائل الإعلام الأمريكية لم يحظَ حتى بتفاعل من الإعلام الإيراني المعارض، الذي كان سيستغل مثل هذه النقطة ويظهرها على أنها دليل تخبط وتهديد للنظام، إذا كانت موثوقة.
وأضاف المذحجي لـ"إرم نيوز"، أن المرشح الأقوى في هذه الظروف لخلافة المرشد هو مجتبى خامنئي، بالإضافة إلى الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني.
ويعتقد الباحث في الشؤون الإيرانية، أن النقطة الفاصلة التي قد ترجّح كفة "مجتبى خامنئي" ليكون مرشدًا قادمًا، هي سيطرته على قادة الحرس الثوري الذين يتصادمون معه، إذ سيكون لذلك أثر كبير في تجاوز العقبة الكبرى للتواجد في هذا الموقع.
من جانبه، يقول الخبير في الشؤون الدولية، راضي الرازي، إن فكرة وضع ثلاثة مرشحين لخلافة المرشد أمر يصعب حدوثه لعدة اعتبارات، من أبرزها أن ذلك، حتى في الأوقات العادية، يؤدي إلى انقسام الصفوف وحدوث مواجهات بين جبهات داخلية تستغلها أطراف خارجية، فكيف في الوضع الحالي الذي يُعتبر "حالة حرب".
وأوضح الرازي لـ"إرم نيوز"، أن من يفعل ذلك كأنه يطلق دعوة عامة لإسقاط النظام، ومن الطبيعي أن المرشد لا يقوم بذلك، وإذا وُجدت ترشيحات فستكون لشخص واحد حتى يلتفّ حوله الجميع، مشيرًا إلى أن ورقة اغتيال المرشد وخلافته هي الورقة الأقوى في يد واشنطن وتل أبيب لتفكيك الداخل الإيراني ودبّ الانقسام في نظام الحكم بطهران.
وختم بالقول، إن التركيز على نقطة خلافة المرشد في الإعلام الأمريكي والإسرائيلي هو استكمال لدور في هذه المواجهة، لإظهار أن إيران تنهار، وأن النظام ورأسه يدركون أنهم مستهدفون وسيسقطون، وكل ذلك يندرج في إطار الحرب النفسية المتبادلة بين الجانبين.