بعد رفض الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي التنازل لروسيا وتحديه للضغوط الأمريكية، تتجه الأنظار إلى رد الفعل الأوروبي المحتمل في حال شنت موسكو هجومًا جديدًا على أوكرانيا.
ويبدو أن الموقف الأوروبي محكوم بإمكانات اقتصادية وعسكرية محدودة، إضافة إلى اختلاف الأولويات السياسية بين الدول الأعضاء، ما قد يحد من سرعة أو قوة أي استجابة.
ويرى خبراء أن الهجمات الروسية والأوكرانية مستمرة رغم ثبات الجبهات، وأن كل طرف يرفع سقف مطالبه لتقوية موقعه التفاوضي، في حين تحاول الولايات المتحدة إدارة المسار السياسي وتلعب أوروبا دور دعم أوكرانيا، لكنه محدود وغير كافٍ لتحقيق تقدم ميداني ملموس.
وأضاف الخبراء أن أي هجوم روسي جديد سيضع أوروبا أمام اختبار صعب، إذ قد تضطر لتعزيز الدعم السياسي والعسكري، لكن قيودها الصناعية والسياسية تجعل رد فعلها محكومًا بإمكاناتها، ما يزيد احتمالات استمرار النزاع بوتيرة استنزاف طويلة دون تغيير واضح في موازين المعركة.
مدير شبكة الجيواستراتيجي للدراسات، إبراهيم كابان، قال إن الهجمات الروسية والأوكرانية لم تتوقف عمليًا، مشيرًا إلى استمرارها رغم ثبات الأوضاع الميدانية في عدة جبهات.
وأضاف في تصريحات لـ "إرم نيوز" أنه حتى يتحقق شكل من أشكال التوازن في الحوارات والخطوات المطروحة بين الطرفين، يرفع كل طرف سقف مطالبه بما يجعل كل خطوة أشبه بوسيلة ضغط في مسار التفاوض.
وذكر أن الولايات المتحدة تحاول إدارة الملف بين الجانبين عبر دفع كل طرف لتقديم ما يسهم في إنجاح المسار السياسي، وفي الوقت نفسه تتجه روسيا إلى تصعيد الضغوط العسكرية لتعزيز موقعها التفاوضي.
وأوضح كابان أن أوروبا تمضي في دعم أوكرانيا بقوة، وهو ما قد يخلق صدامات سياسية ودبلوماسية تهدف إلى دفع موسكو لتقديم تنازلات، وأن المرحلة الراهنة تمثل مرحلة ضغوط متبادلة، حيث يسعى كل طرف لفرض شروطه عبر وسائل متعددة.
وأوضح أن زيلينسكي يضغط عبر أوروبا لزيادة الضغوط على روسيا، فيما تعتمد موسكو على قوتها العسكرية لإجبار كييف على تقديم تنازلات، مضيفًا أن ما يجري يمثل مواجهة مفتوحة على مسار التنازلات، إذ يسعى كل طرف لتحقيق مكاسب قبل أي تسوية محتملة.
من جانبه، قال رامي القليوبي، الأستاذ بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، إن أوروبا فعليًا لا تمتلك أدوات فاعلة لتقديم دعم حقيقي لأوكرانيا، وإن الدعم الأوروبي رغم قدرته على إبقاء أوكرانيا واقفة وتجنب انهيار الجبهات، إلا أنه غير كافٍ لتحقيق أي تقدم ميداني ملموس.
وأشار القليوبي في تصريحات لـ"إرم نيوز" إلى أن التقدم الأوكراني في مقاطعة خاركيف عام 2022 جاء نتيجة حصول كييف على صواريخ هيمارس أمريكية، كما أن الضربات اللاحقة اعتمدت على صواريخ أتاكمز أمريكية.
ولفت إلى أن الدعم الأوروبي وحده يطيل أمد النزاع ويزيد إراقة الدماء دون أن يُحدث فرقًا حقيقيًا في موازين المعركة.
وأضاف القليوبي أن محدودية الدور الأوروبي تعود إلى عاملين، وهما غياب الإرادة السياسية الموحدة داخل الاتحاد الأوروبي، وضعف القدرات الصناعية والعسكرية الأوروبية مقارنة بالولايات المتحدة.
وأكد القليوبي أن هذه العوامل تجعل أوروبا تتحرك دومًا خلف الحدث لا أمامه، وأن أي زيادة أوروبية في المساعدات تبقى محكومة بسقف سياسي واقتصادي يمنع تحويل الدعم إلى قوة حاسمة ميدانيًا.
وكشف أن النتيجة المباشرة لذلك استمرار الحرب بوتيرة استنزاف طويلة، دون قدرة أوروبية على فرض مسار جديد للصراع.