ذكرت مصادر أن الولايات المتحدة تستخدم فضيحة الفساد المالي الأخيرة في كييف، التي أجبرت رئيس مكتب زيلينسكي أندريه يرماك، على الاستقالة، كورقة ضغط على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي؛ ما وضع أوكرانيا في موقف حرج بين مصالح واشنطن الضاغطة وضمانات أوروبا المترددة.
وقال مصدر مطّلع إن "البيت الأبيض يستغل الأزمة السياسية الداخلية في كييف لإقناع زيلينسكي بتعديل الخطة الأوكرانية الأوروبية للسلام، بما يتماشى مع مصالح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب".
وبحسب "بوليتيكو"، أكد المصدر أن الدعوة الأوروبية لترامب للتوجه إلى برلين، الأسبوع المقبل، لمواصلة المحادثات، تبدو مستبعدة ما لم يتم إدخال تغييرات جوهرية على الخطة المشتركة؛ ما يعكس توتراً واضحاً بين واشنطن وأوروبا حول أفضل السبل لضمان استقرار المنطقة.
ويرى الخبراء أن هذه التطورات تأتي في ظل خطة أوكرانية جديدة تتضمن إنشاء "منطقة اقتصادية حرة" في دونباس ونزع السلاح من المنطقة، وتهيئة المنطقة لعمل الشركات الأمريكية، في محاولة لاستمالة ترامب وكسب دعمه.
وقالت المتحدثة باسم ترامب، كارولين ليفيت، يوم الخميس، إن ترامب، الذي بدا متشككاً بشأن احتمالات تحقيق انفراجة في تصريحاته من المكتب البيضاوي يوم الأربعاء، كان "على علم" بالخطة الأخيرة المكونة من 20 نقطة، التي أرسلتها أوكرانيا إلى البيت الأبيض يوم الأربعاء.
ويعتقد مراقبون أن استمرار الخلافات حول الضمانات الأمنية والضغط الأمريكي يضع كييف بين نارين: الالتزام بمصالح واشنطن لضمان دعم محتمل، أو التمسك بالموقف الأوروبي الذي يضمن حماية السلام على المدى الطويل.
ورغم أن الخطة الجديدة أزالت النصوص التي كانت تمنع أوكرانيا من الانضمام إلى الناتو وأكدت إجراء انتخابات، إلَّا أن موسكو ما زالت تطالب بالسيطرة الكاملة على دونباس، وضمانات تمنع انضمام أوكرانيا إلى الحلف؛ ما يعقد فرص التوصل إلى اتفاق شامل.
ويرى المحللون أن هذه الأزمة تظهر كيف يمكن لفضائح الفساد الداخلية في أوكرانيا أن تتحول إلى أداة ضغط خارجية؛ ما يجعل كييف في موقف هش بين قوى كبرى متنافسة، حيث تتشابك السياسة الداخلية مع الاستراتيجيات الدولية، ويصبح الرئيس أمام اختبار صعب للحفاظ على استقلال القرار الوطني، خاصة في ظل ضغوط ترامب المتجددة لإجراء انتخاباتٍ في البلاد.
غير أن التزام زيلينسكي الجديد بإجراء انتخابات بعد فترة وجيزة من إحلال السلام قد لا يكون كافياً لإرضاء موسكو، التي تصر على السيطرة على منطقة دونباس المتنازع عليها بأكملها، وأن تضمن حرمان أوكرانيا من الانضمام إلى حلف الناتو مستقبلًا.
