الجيش الإسرائيلي: يمكن لسكان مدينة غزة مغادرة المدينة باتجاه المواصي عبر شارع الرشيد بدون تفتيش
يبدو أن الدبلوماسية الأمريكية التي يسعى لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لتشكيل ملامحها لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، قد تصطدم مع التحركات الغربية لدعم كييف ماديًّا وعسكريًّا، تنفيذًا لأهدافها وأجندتها السياسية ضد الدب الروسي.
وخلال الساعات الماضية، أعلن وزير الجيوش الفرنسي، سيباستيان لوكورنو، أن بلاده سلمت أوكرانيا أولى طائرات "ميراج 2000-5" المقاتلة، وذلك لمساعدتها على الدفاع عن مجالها الجوي ضد روسيا، وفقًا لما نقلته وكالة "فرانس برس".
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعلن في يونيو 2024 عن إرسال هذه الطائرات المقاتلة إلى أوكرانيا؛ ومنذ ذلك الحين، يخضع الطيارون والفنيون الأوكرانيون لتدريب في فرنسا على الطائرات المعدلة.
وقال وزير الجيوش الفرنسي في أكتوبر الماضي إن مقاتلات "ميراج 2000-5"، بعد تعديلها، أصبحت تحتوي على معدات قتال جو-أرض لتنفيذ ضربات جوية والدفاع ضد الحرب الإلكترونية لمقاومة التشويش الروسي.
ووفقًا لتقرير الميزانية الفرنسية الصادر عن الجمعية الوطنية في الخريف الماضي، من المقرر نقل 6 طائرات من طراز ميراج 2000-5، من أصل 26 مقاتلة يملكها سلاح الجو الفرنسي إلى أوكرانيا.
وتعليقًا على هذه الخطوة الأوروبية، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن أي شحنات تحتوي على أسلحة موجهة إلى أوكرانيا تُعد هدفًا مشروعًا للجيش الروسي، وأن الولايات المتحدة ودول "الناتو" تشارك بشكل مباشر في النزاع، سواء من خلال إرسال الأسلحة أو تدريب القوات الأوكرانية داخل دول مثل بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وغيرها.
من جانبه، حذر عضو مجلس الدوما الروسي عن شبه جزيرة القرم، ليونيد إيفليف، من أن تزويد كييف بمقاتلات ميراج لن يساعد على تغيير مجريات المعركة الروسية الأوكرانية.
وقال سفير روسيا في باريس، أليكسي ميشكوف، إن إرسال مقاتلات "ميراج" الفرنسية إلى نظام كييف يُعد مثالًا واضحًا على عملية التخلص من الأسلحة القديمة بشكل مجاني، وفق تعبيره.
وأكد ميشكوف أن الهدف الأول الذي يقترب الآن من نهايته هو التخلص من الأسلحة المستعملة القديمة؛ فإما أن تدفع أموالًا كبيرة للتخلص منها عن طريق التصفية والتدوير، وإما أن ترسلها إلى أوكرانيا وتحسبها ضمن الإنجازات وكأنها مساعدة بملايين الدولارات.
وبعد تسلّم كييف أولى دفعات من مقاتلات ميراج 2000، يبقى التساؤل: ما سر هذه الخطوة الفرنسية الأوروبية في الوقت الذي يسعى فيه ترامب لإنهاء النزاع بين موسكو وكييف؟ وما تأثيرها في الخطة الأمريكية؟
ويقول العميد نضال زهوي، الخبير العسكري ورئيس قسم الاستراتيجية في مركز الدراسات الأنثروبولوجية، إن "طائرة ميراج 2000 توازي تقريبًا طائرة إف-16، وليست من الأجيال الشبحية التي تستطيع كسر التوازنات في هذا العالم، خاصة أنها ليست بمستوى القدرات العالية لطائرة إف-35 وسوخوي 35 متعددة المهام. وبالتالي، يمكن إسقاطها بواسطة الصواريخ الروسية بسهولة، ما يعني أنها لن تؤثر بشكل كبير في مجريات المعركة".
وأضاف زهوي في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن التأثير السياسي لهذه الطائرات هو أنها ستشجع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في مواقفه المتعنتة، كما أنها تمثل رسالة إحراج للولايات المتحدة الأمريكية التي تسعى لتسوية مع روسيا بشأن الأزمة الأوكرانية، وفق تقديره.
وأوضح أنه في حالة حدوث أي تسوية للأزمة الروسية الأوكرانية، فإن الأوروبيين هم اكبر المتضررين من هذه الأزمة؛ لأن الولايات المتحدة هي التي ورطت الغرب في هذه المعركة، وسحبت ملف الغاز من أوروبا باتجاه الشرق (الصين)، ما جعل الولايات المتحدة هي المتحكم في الاقتصاد الأوروبي، خاصة بعد أن ألغى ترامب المساعدات العسكرية لحلف "الناتو" من دون مقابل.
وأشار زهوي إلى أن السياسة العامة للأوروبيين تحاول الآن تأزيم الوضع أمام أي تسوية أمريكية روسية للأزمة في كييف، وذلك لوضع العراقيل دون أن يكون هناك مكاسب للأوروبيين من هذه المعركة، وبالتأكيد فرنسا هي أحد اللاعبين الأوروبيين البارزين في هذه الأزمة.
ومن جانبه، قال الأستاذ الزائر بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، رامي القليوبي، إن تسليم طائرات ميراج 2000 الفرنسية إلى أوكرانيا لن يكون له أي تداعيات سياسية أو عسكرية كبيرة.
وأشار القليوبي في تصريحات لـ"إرم نيوز" إلى أنه من الناحية العسكرية، فإن روسيا تتقدم على مختلف جبهات القتال، ولن تستطيع أوكرانيا صدها.
وتابع: "أما من الناحية السياسية، فإن تسوية الأزمة الأوكرانية يجب أن تكون موضع نقاش مع الولايات المتحدة الأمريكية وليست مع أي دولة أوروبية؛ لأن الدولة العميقة في أمريكا هي التي تدعم أوكرانيا".
وأضاف القليوبي أن الأمر اختلف الآن مع وصول ترامب إلى سدة الحكم، وفي كل الأحوال، لن يكون الحوار مع فرنسا، وفق تقديره.