logo
العالم

وسط صراع دبلوماسي.. عودة العقوبات على إيران تعمّق تبعيتها للطاقة الصينية

وسط صراع دبلوماسي.. عودة العقوبات على إيران تعمّق تبعيتها للطاقة الصينية
نائب وزير الخارجية الروسي ونائب وزير الخارجية الصيني ونائ...المصدر: (أ ف ب)
30 أغسطس 2025، 8:34 ص

دخلت الصين مرحلة دقيقة في تعاملها مع إيران بعد أن فعّلت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، المعروفة بمجموعة الدول الأوروبية الثلاث، آلية "الزناد" لإعادة فرض العقوبات الأممية على طهران، استناداً إلى قرار مجلس الأمن رقم 2231 المرتبط بالاتفاق النووي الإيراني الموقع العام 2015.

جاءت هذه الخطوة قبل أكتوبر/تشرين الأول لتفادي استغلال روسيا، الصديقة القوية لإيران، لرئاستها المقبلة لمجلس الأمن في تعطيل العملية.

وفي خضم هذا التصعيد، أكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، عودة بعض المفتشين الدوليين إلى إيران بعد أن طردتهم طهران في يوليو/تموز الماضي، لكن دخولهم اقتصر حتى الآن على محطة نووية مدنية، في وقت ما زالت فيه طهران تفرض قيوداً مشددة على التعاون الرقابي منذ اندلاع حربها مع إسرائيل في يونيو/حزيران الفائت.

النفط الإيراني والصين في قلب المشهد

ورغم أن العقوبات المتجددة لا تطال بشكل مباشر صادرات النفط الإيرانية، فإنها قد تزيد من اعتماد طهران على بكين باعتبارها أكبر مشترٍ لنفطها، بحسب "المونيتور"، فتستورد الصين نحو 90% من إجمالي الصادرات النفطية الإيرانية، إذ تعتمد المصافي المستقلة الصينية على شحنات بأسعار مخفضة تتجاوز العقوبات الغربية.

أخبار ذات علاقة

آلية الزناد

أبرزها تجميد 12 مليار يورو.. إيران تترقب "تسونامي" آلية الزناد

إلا أن الأرقام تشير إلى تقلب في حجم هذه الواردات. ففي مارس/آذار 2024، استوردت الصين ما يقرب من 1.71 مليون برميل يومياً من النفط الإيراني، وهو ما يعادل 13% من إجمالي وارداتها من الخام.

لكن في أبريل انخفضت الكمية إلى 740 ألف برميل يومياً، قبل أن تعود للارتفاع قليلاً في مايو إلى 1.1 مليون برميل يومياً، لكنها بقيت أقل بنحو 20% مقارنة بالعام الماضي.

وتشير بيانات رسمية إيرانية إلى أن صادرات النفط تجاوزت 30 مليار دولار خلال الأشهر العشرة الماضية حتى يناير/كانون الثاني 2025، فيما يُقدّر أن الصين وحدها استحوذت على نحو 27 مليار دولار من هذه الصادرات خلال العام 2024.

وفي الوقت ذاته، تعمل بكين على تنويع مصادر الطاقة وتقليل المخاطر المرتبطة بالاعتماد المفرط على النفط الإيراني؛ ففي مطلع الشهر الجاري، ضاعفت شركة "تشنهوا أويل" المملوكة للدولة صفقتها مع شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك"، للحصول على نحو 200 ألف برميل يومياً من حقل بوحصا النفطي الإماراتي.

الاستثمارات المؤجلة والاتفاقية الكبرى

لكن العقوبات الأممية الجديدة قد تهدد بتقليص شهية الصين للاستثمار في الداخل الإيراني، خاصة في إطار "اتفاقية الشراكة الاستراتيجية" الموقعة العام 2021 لمدة 25 عاماً، والتي نصت على استثمارات صينية تصل قيمتها إلى 400 مليار دولار في قطاعات البنوك والاتصالات والموانئ والسكك الحديدية والرعاية الصحية وغيرها، مقابل تدفق نفطي مستمر بأسعار تفضيلية.

أخبار ذات علاقة

إيران ودول الترويكا الأوروبية

"حرق المراكب".. آلية الزناد ترسم ملامح "طلاق بائن" بين إيران والترويكا

غير أن السنوات الأربع الماضية لم تشهد تنفيذًا ملموسًا لهذه الالتزامات، ومع عودة العقوبات يتوقع أن تزداد المخاطر؛ ما قد يدفع الشركات والبنوك الصينية لتوخي حذر أكبر.

لا تتوقف تعقيدات المشهد عند حدود العلاقة مع إيران، بل تمتد إلى العلاقات الصينية–الأمريكية؛ فبكين تسعى في الوقت الراهن إلى تخفيف حدة التوتر التجاري مع واشنطن، خصوصاً بعد الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضتها إدارة ترامب.

وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال، فإن لي تشنغ قانغ، أحد كبار مساعدي المفاوضين الصينيين، وصل إلى واشنطن هذا الأسبوع لإجراء محادثات مع مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى.

وفي هذا السياق، لا تبدو الصين راغبة في الدخول في مواجهة مفتوحة مع الولايات المتحدة، خاصة وأن الأخيرة دعمت بقوة الخطوة الأوروبية لإعادة فرض العقوبات على طهران.

الدور الروسي والدبلوماسية النشطة

أما موسكو، فقد وزعت مشروع قرار في مجلس الأمن يقضي بتمديد العمل بالقرار 2231 لمدة ستة أشهر إضافية، حتى أبريل/نيسان 2026.

في المقابل، كثفت بكين اتصالاتها مع المسؤولين الإيرانيين؛ إذ أجرى نائب وزير الخارجية الصيني، ما تشاو شو، اتصالاً مع نظيره الإيراني كاظم غريب آبادي، وأكد على أهمية الحلول الدبلوماسية والسياسية.

أخبار ذات علاقة

العلمان الروسي والصيني

روسيا والصين تحذّران من تداعيات تفعيل "آلية الزناد" ضد إيران

كما التقى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، مع السفير الصيني لدى طهران، كونغ بيوو، لمناقشة التطورات.

لكن فعالية هذه التحركات تظل محدودة، إذ صُممت آلية "الزناد" بحيث تُعاد العقوبات بشكل تلقائي إذا فشل مجلس الأمن في التمديد؛ ما يجعل حتى الأعضاء الدائمين عاجزين عن استخدام حق النقض (الفيتو).

ويبقى السؤال المحوري أمام بكين يتمثل في مدى استعدادها لمواصلة دعم طهران في ظل العقوبات الأممية المتجددة، وتشير المؤشرات الحالية إلى أن الصين تتبنى سياسة براغماتية؛ فهي تعلن دعمها للدبلوماسية بشكل علني، بينما تتحرك في الوقت نفسه بهدوء لحماية مصالحها الطاقية والتجارية، دون أن تبلغ مرحلة القطيعة مع واشنطن أو الانخراط الكامل في الدفاع عن إيران.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC