مع تصاعد هجمات المتطرفين في مختلف أنحاء غرب القارة الأفريقية، تعمل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) على تسريع الخطط الرامية إلى تشكيل قوة إقليمية لمكافحة الإرهاب لمواجهة الأزمة الأمنية المتصاعدة.
ووفقا لرئيس مفوضية المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، عمر عليو توراي، فإن الاستعدادات لتشكيل القوة التي طال انتظارها تجري "على قدم وساق"، حيث تستعد الدول الأعضاء للمساهمة بقوات لها.
ومن المقرر أن يجتمع وزراء المالية والدفاع قبل منتصف يونيو المقبل، لوضع اللمسات الأخيرة على استراتيجيات التمويل. وتأتي هذه الحاجة الملحة في أعقاب تصاعد أعمال العنف المتطرفة، ولا سيما في نيجيريا وبنين، ففي أبريل وحده، قُتل أكثر من 100 شخص في شمال شرق نيجيريا.
أما في بنين، فقد قتل مسلحون مرتبطون بتنظيم القاعدة 54 جنديًا الشهر الماضي في غارات عبر الحدود يُعتقد أنها انطلقت من النيجر وبوركينا فاسو.
ووافقت "إيكواس" على تفعيل قوة احتياطية لمحاربة الإرهاب والتحديات الأمنية المشتركة في المنطقة خلال القمة الـ43 لقادة أركان دول المجموعة في مارس الماضي. وجاء القرار تنفيذا للتوصيات والمقترحات التي تم تقديمها في أغسطس 2024.
ولم يتضح بعد متى أو أين ستُنشر قوة الإيكواس الاحتياطية أولاً، ورغم تأكيد المحلل النيجري أمادو كوديو، في تصريح لـ"إرم نيوز" على أهمية تفعيل هذه القوة العسكرية؛ مما يعكس تصميما جماعيا على مواجهة تمدد التطرف، أعرب عن مخاوفه بشأن قدرتها على الصمود أمام التغييرات السياسية الطارئة في دول الساحل.
وكشف عن تخطيط قوة "إيكواس" لحشد 5 آلاف جندي فقط من أعضاء المجموعة، وهو ما يراه نسبة ضئيلة بجانب الدول التي وافقت في البداية على المساهمة، 3 منها أصبحت الآن خارج الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا؛ لذلك اعتبر أن من المهم سد هذه الفجوة أولا.
وانفصلت بوركينا فاسو ومالي والنيجر رسميا عن "إيكواس" في 29 يناير من العام الماضي، وشكلت تحالف دول الساحل. ورغم هذا الانقسام، تأمل هذه الكتلة الإقليمية في التعاون مع هذه البلدان لمواجهة المتشددين والتحديات الأخرى.
وشدد المحلل النيجري على "ضرورة استعادة العلاقات بين المجموعة ومنطقة الساحل الأفريقي؛ لأنه دون ذلك يصعب على الوحدات العسكرية في معظم الدول، الانتشار السريع عبر الحدود"، وقد عانى التعاون الإقليمي منذ انسحاب مالي وبوركينا فاسو والنيجر من الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا. وقوّض هذا الخلاف تبادل المعلومات الاستخبارية والعمليات المشتركة، مما زاد من تعريض الحدود غير المحكمة لاستغلال المتطرفين.
في المقابل، شكّل انسحاب النيجر من القوة المشتركة ببحيرة تشاد مع نيجيريا وتشاد والكاميرون في مارس ضربةً أخرى للتنسيق الإقليمي. متجاهلة تصنيف مؤشر الإرهاب العالمي منطقة الساحل كأخطر بؤرة للعنف المتطرف في العالم، حيث شهدت نصف إجمالي الوفيات المرتبطة بالإرهاب.
وناقش المسؤولون فعالية قوة الدعم الاقتصادي المحتملة. وخلال حوارٍ حول هذه المسألة في كلية أبوجا للفكر الاجتماعي والسياسي النيجيرية، قال اللواء المتقاعد نيكولاس روجرز، إن القوة تواجه نقصا في التمويل وعدم الاستقرار والحواجز اللغوية.
وقال روجرز، القائد السابق لعملية الملاذ الآمن التي يقودها الجيش النيجيري ضد قطاع الطرق في ولايات كادونا وبلاتو وتارابا، إن "قوة الاحتياط لا يمكنها العمل إلا عندما تتمتع الدول المشاركة بهويات مماثلة وتكنولوجيا كافية وسلام نسبي"، وفقا لصحيفة الشعب النيجيرية.
وأضاف روجرز: "من الصعب على منطقة فقيرة اقتصاديًّا أن تمتلك قوة احتياطية؛ لأننا نتحدث عن معدات وتكنولوجيا وجنود على الأرض وبدلات للقوات وبرامج طبية ودعم جوي. لا يمكن إنشاء قوات احتياطية بمجرد إجراءات ورقية؛ بل يجب أن تتوفر لديك القدرة المالية والتكنولوجيا اللازمة".
ومع ذلك، قال الرئيس الغاني السابق نانا أكوفو أدو، إن صندوق الاستقرار المالي سيكون حاسما للاستقرار والأمن الإقليميين.
وقال أكوفو أدو، لموقع "غانا ويب": "لو وُجدت هذه القوة في وقت سابق، لكانت رادعةً لتعدد الانقلابات وانتشار الإرهاب"، مضيفا أن "إنشاء هذه القوة ضروريٌّ للحفاظ على الاستقرار والأمن الإقليميين. وستُمكّن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا من الاستجابة السريعة والفعالة للتهديدات، ودعم الحكم الديمقراطي، وتعزيز السلام في جميع أنحاء غرب أفريقيا".