أثارت الخطط التي أقرتها الحكومة الإسرائيلية بشأن التعامل العسكري مع قطاع غزة مخاوف الفلسطينيين من إحياء ما عُرف بـ"خطة الجنرالات" التي حاولت إسرائيل تطبيقها قبل اتفاق التهدئة في يناير/ كانون الثاني الماضي والذي انهار بعد ثلاثة أشهر.
وكانت "خطة الجنرالات" تنص على إخلاء مناطق شمال قطاع غزة ومدينة غزة من السكان وتحويلها لمنطقة عسكرية، وفرض حصار كامل على هذه المناطق، لكن الخطة لم تطبق بعد رفض عدد كبير من سكان شمال غزة مغادرة منازلهم.
وأقرت إسرائيل خطة عرضها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال اجتماع مطول للمجلس السياسي والأمني المصغر (الكابينيت) للسيطرة على مدينة غزة.
وتتضمن الخطة التي يريد نتنياهو تنفيذها احتلال قطاع غزة بشكل كامل بدءًا من مناطق شمال القطاع، و"تطهيره" من عناصر حركة حماس، ثم تسليمه لقوات عربية أو دولية لإدارته.
يأتي ذلك رغم اعتراض رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير الذي اعتبر أن هذه المهمة ستكون طويلة وشاقة وبلا هدف واضح.
وقال الشاب غازي أحمد الذي يعيل أسرة من خمسة أطفال إنه "يخشى تهجيره من المنزل الذي عاد إليه بعد اتفاق التهدئة في يناير/ كانون الثاني الماضي"، مشيرًا إلى أنه لا يريد العودة لكابوس النزوح من منطقة سكنه.
وأضاف أحمد الذي يقيم في منزل تدمر جزئيًا في منطقة تل الهوى غرب غزة لـ"إرم نيوز": "كنت نازحًا في منطقة المواصي جنوب قطاع غزة وسمعنا كثيرًا عن خطة الجنرالات عندما كنا هناك، لكن الواضح أن إسرائيل ستعود الآن لتنفيذها".
وقال أحمد إنه تلهف للعودة إلى منزله بعد أكثر من عام من النزوح منه، لكنه غير متيقن مما إذا كان سيستطيع رفض أوامر الجيش الإسرائيلي بمغادرة منزله في حال صدورها، رغم إدراكه للمعاناة الكبيرة التي سيعيشها إذا عاد للنزوح مجددًا.
وتقول السيدة علا الصوالحي التي فقدت منزلها في مخيم جباليا شمال قطاع غزة وتقيم في منزل استأجرته هي وعائلتها غرب مدينة غزة، إن "القرار الإسرائيلي وتبعاته المحتملة على عائلتها تجعلها تفاضل بين خيارات جميعها سيئة".
وأضافت في حديث لمراسل "إرم نيوز": "لم أغادر منزلي حين طلب الجيش الإسرائيلي إخلاء شمال قطاع غزة، وبقيت فيه حتى دمره الاحتلال ثم نزحت لداخل مدينة غزة، إلا أن القرار الجديد باحتلال غزة سيجعلنا أمام خيار الموت في منازلنا أو المغادرة نحو المجهول".
وتابعت: "إسرائيل تعلن أن خطتها احتلال مدينة غزة، لكن تنفيذ القرار سيعني تفريغ كل منطقة شمال قطاع غزة من السكان؛ لأن هذه المناطق تدمرت وأصبح سكانها نازحين في مدينة غزة، وهو ما يعني تطبيق خطة الجنرالات التي تحدثت عنها إسرائيل قبل الحرب".
ودمّر الجيش الإسرائيلي بالفعل مناطق شمال قطاع غزة، إذ طال التدمير بلدة بيت حانون أقصى شمال القطاع بالكامل بعد إفراغها من سكانها، وكذلك بلدة بيت لاهيا إلى الشمال الغربي من قطاع غزة، كما دمّر الجيش الإسرائيلي مخيم جباليا وغالبية أجزاء بلدة جباليا.
وأصبح غالبية سكان هذه المناطق نازحين في مناطق غرب ووسط مدينة غزة، وفي حال قررت إسرائيل إصدار أوامر إخلاء لمدينة غزة، فإن ذلك سيشمل سكان المدينة وسكان مناطق شمال قطاع غزة الذين يقيمون فيها.
وبالنسبة لعلي حمّاد الذي يقيم مع أسرته في مدينة غزة، بعد نزوحه أكثر من 8 مرات منذ بدء الحرب، فإن "إسرائيل تطبق خطة الجنرالات بشكل منهجي حتى قبل صدور قرار احتلال مدينة غزة".
وقال حمّاد في حديث لـ"إرم نيوز": "إسرائيل مسحت شمال قطاع غزة بالكامل ودمّرت مناطق الشجاعية والتفاح والزيتون شرق مدينة غزة، والآن ستصدر أوامر إخلاء للناس فيما تبقى من مدينة غزة بعد أن تجمع كل سكان هذه المناطق فيها".
وأضاف: "في بداية الحرب حين أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر نزوح للسكان في شمال غزة كان أمامهم خيارات الذهاب إلى رفح أقصى جنوب قطاع غزة، أو إلى منطقة المواصي غرب خان يونس، لكن الآن الوضع مختلف".
وتابع: "رفح محتلة بالكامل وسكانها نازحون، ومناطق شرق خان يونس جميعها مدمرة ولا يستطيع سكانها الوصول إليها، ومنطقة المواصي غرب خان يونس مكتظة بالنازحين ولا تستوعب إمكانية نزوح مليون شخص جديد إليها".
وتساءل كيف يمكن أن يتم استيعاب الفلسطينيين في حال صدرت أوامر إخلاء لمدينة غزة، مضيفًا: "ستكون كارثة بكل المعايير".