الجيش الإسرائيلي: استعدنا خلال "عربات جدعون" 10 جثامين لإسرائيليين كانوا محتجزين في غزة

logo
العالم

"بين الأمس والغد".. الجزيرة الأمريكية التي تلامس حدود روسيا

"بين الأمس والغد".. الجزيرة الأمريكية التي تلامس حدود روسيا
جزيرة ألاسكاالمصدر: yandex.com
15 أغسطس 2025، 5:30 م

بينما يجتمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم في مدينة أنكوريج، تُذكّر جزيرتان صغيرتان في مضيق بيرينغ بالعلاقات الثقافية والتاريخية والجغرافية العميقة التي تربط الولايات المتحدة بروسيا.

وفقاً لتقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، يمثل هذا اللقاء أول زيارة لرئيس روسي إلى ألاسكا، على الرغم من أن أكبر ولاية أمريكية كانت مستعمرة روسية بين عامي 1799 و1867. 

وتأتي هذه القمة، التي أُطِّرَت كمحادثة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، بعد أكثر من 150 عامًا على شراء الولايات المتحدة مساحة تقارب 600 ألف ميل مربع من روسيا القيصرية مقابل 7.2 مليون دولار فقط، أي أقل من سنتين للفدان الواحد.

أخبار ذات علاقة

أنكوريج

من قلب الجليد.. ماذا تعرف عن "أنكوريج" مسرح أول مواجهة بين ترامب وبوتين؟

مياه مشتركة وتاريخ مشترك

قبل إتمام الصفقة، كان مضيق بيرينغ الضيق، الذي لا يتجاوز عرضه 51 ميلًا في أضيَق نقاطه، ممرًا حيويًا للتجار السيبيريين، والمبشرين الأرثوذكس الروس، وشعوب الإينوبياك واليوبيك الأصليين. لقرون، تنقّلت هذه المجتمعات بحرية بين القارتين للتجارة والزواج والصيد.

ولا تزال آثار تلك الروابط واضحة في ألاسكا حتى اليوم؛ إذ يمكن للزائر رؤية الكنائس الأرثوذكسية ذات القباب البصلية، والتعرف على سكان بأسماء عائلات روسية، ورؤية قطع أثرية روسية في المتاحف. غير أن أقوى مظاهر هذا القرب تتجلى في جزيرتي ديووميد.

كاتدرائية القديس إنوسنت الأرثوذكسية

الأمس والغد

تقع الجزيرتان البركانيتان الصخريتان على بعد 2.4 ميل فقط من بعضهما، ويفصل بينهما البحر والجليد الموسمي. تنتمي جزيرة ديووميد الصغرى إلى الولايات المتحدة، بينما تتبع ديووميد الكبرى لروسيا. ويمر بينهما خط التاريخ الدولي، ما يجعل ديووميد الكبرى تسبق جارتها بـ21 ساعة، وهو ما دفع السكان المحليين لتسميتهما بـ"جزيرتي الأمس والغد“.

ديووميد الكبرى غير مأهولة اليوم باستثناء محطة حرس حدود روسية، بينما يعيش في ديووميد الصغرى نحو 80 شخصًا معظمهم من الإينوبياك. وتقع منازلهم على الشريط الساحلي المسطح الوحيد المحصور بين منحدرات شاهقة وبحر هائج. يصل البريد وبعض الإمدادات عبر رحلات مروحية أسبوعية، لكن الضباب والرياح العاتية كثيرًا ما تؤخر هذه الرحلات لأيام أو أسابيع. ويعتمد السكان منذ قرون على صيد الأسماك والفقم وطيور البحر كمصدر للعيش.

الجزيرتان

شعب واحد فرّقته الحرب الباردة

وعلى مدى آلاف السنين، سكن السكان الأصليون الجزيرتين وكانوا يعبرون بينهما بحرية. حتى بعد شراء ألاسكا عام 1867، ظلتا تشكلان مجتمعًا واحدًا لأكثر من 80 عامًا. لكن في عام 1948، ومع بدايات الحرب الباردة، نقل الاتحاد السوفييتي سكان ديووميد الكبرى إلى البر الروسي وأغلق الحدود، فيما عُرف لاحقًا بـ"ستار الجليد"، الأمر الذي فرّق العائلات، ولا تزال هذه القطيعة قائمة حتى اليوم.

وقال تشارلز وولفورث، المؤلف المشارك لكتاب إلى روسيا مع الحب: رحلة ألاسكية: "فجأة وجدت العائلات نفسها منقسمة عبر مضيق بيرينغ. انقطعت هذه الروابط ولم تُستعد لما يقارب 40 عامًا“.

أخبار ذات علاقة

قاعدة إلمندورف-ريتشاردسون قبيل انطلاق قمة ألاسكا

ألاسكا.. قمة مصيرية ومنعطف خطير في علاقة واشنطن وموسكو

إعادة فتح ستار الجليد

بدأ الانفراج في 13 يونيو/ حزيران 1988 مع "رحلة الصداقة" التي أقلت شخصيات سياسية وشيوخًا من سكان ألاسكا الأصليين من مدينة نوم إلى بروفيدينيا في روسيا، ليلتقوا بأقاربهم الذين لم يروهم منذ الطفولة. 

ووفقًا لديفيد رامسور، المتحدث باسم حاكم ألاسكا آنذاك ومؤلف كتاب "إذابة ستار الجليد"، أطلقت هذه الرحلة أكثر من عقدين من التبادلات الشعبية بين الطرفين، شملت السباحين في المياه الباردة والصحفيين والموسيقيين الشعبيين.

ومن أبرز تلك المبادرات "بعثة مضيق بيرينغ" عام 1989، حيث قطع متزلجون وفرق كلاب زلاجات أمريكيون وسوفييت، بمن فيهم مشاركون من السكان الأصليين في ألاسكا وتشوكوتكا، نحو ألف ميل من شبه جزيرة كامتشاتكا في سيبيريا إلى شبه جزيرة سيوارد في ألاسكا، في رحلة عُرفت بدبلوماسية الزلاجات الكلبية، تجسيدًا للتاريخ المشترك والنوايا الطيبة. 

ويذكر رامسور أن فريق الحاكم خطط لتوقيع معاهدة على الجليد بين الجزيرتين، لكن عاصفة شتوية أفسدت الخطة، كما أدى طلب لجوء سياسي من صحفيين روس إلى تقويض أجواء الود.

من التعاون إلى الحذر

بدأت فترة الود تتراجع في أوائل الألفية الجديدة مع تقليص موسكو تواصلها مع الغرب. وبعد غزو روسيا لأوكرانيا، ازدادت البرودة في العلاقات. ففي عام 2023، أنهت أنكوريج شراكتها كمدينتين شقيقتين مع مدينة ماجادان الروسية، وفي مدينة نوم، التي تبعد 160 ميلًا فقط عن روسيا، بدأ السكان بصناعة أجهزة تشويش للطائرات المسيرة وخياطة دروع واقية من الكيفلار لإرسالها إلى أوكرانيا. ومن المقرر تنظيم مظاهرات مناهضة لبوتين في أنكوريج تزامنًا مع القمة.

ورغم أن جدار الصالة الرياضية في مدرسة ديووميد الصغرى لا يزال يحمل لوحة تظهر يدين متصافحتين عبر الماء وكلمة "صديق" باللغتين الإنجليزية والروسية، إلا أن السكان يراقبون من كثب تحركات القوات والسفن والمروحيات الروسية، خاصة مع ازدياد النشاط نتيجة ذوبان الجليد وفتح طرق شحن محتملة في القطب الشمالي، ويشاركون هذه المعلومات مع الجيش الأمريكي في أنكوريج.

وسواء أسفرت محادثات أنكوريج عن نتائج ملموسة أو أبقت العلاقات في حالة جمود، فإنها ستُراقَب عن قرب من جانبي مضيق بيرينغ، حيث يمكن أن تتغير السياسة، مثل الجليد، في أي لحظة.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC