تحشد روسيا قوات قتالية على حدودها مع فنلندا، في كشفٍ وثّقته مؤخراً صور للأقمار الصناعية، نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" أظهرت خياماً وملاجئ لطائرات مقاتلة ومستودعات لمركبات عسكرية قرب أحدث الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي.
ورأت "نيويورك تايمز" أن تعزيز القوات الروسية لقواعدها وبناء بنى تحتية عسكرية قرب الحدود الفنلندية، يكشف عن استراتيجية موسكو لما سيحدث بعد حرب أوكرانيا.
وفنلندا التي انضمت إلى الناتو قبل عامين، تفصلها عن روسيا حدود يبلغ طولها 830 ميلاً، وهي تُمثل الآن أطول خط تماس للحلف الغربي مع روسيا.
ويتوقع المحللون العسكريون أن تصبح بؤرة توتر، ولا سيما أن جزءاً كبيراً منها يقع في الدائرة القطبية الشمالية التي تشهد نزاعاً متزايداً.
ويتوقع مسؤولو الدفاع الفنلنديون أنه في حال انتهاء المرحلة الحاسمة من حرب أوكرانيا، وهو أحد أهداف جهود السلام المتعثرة الجارية في تركيا، ستعيد روسيا نشر آلاف الجنود على الحدود الفنلندية.
ومع التحركات العسكرية والإشارات السياسية التي ترسلها موسكو تجاه الغرب لما بعد الحرب على أوكرانيا، تعددت التوقعات لسيناروهات الحرب "القادمة"، التي ترى مجلة "فورين بوليسي" أنها لن تشبه أبداً الحرب الجارية الآن على الأراضي الأوكرانية، إذ ستسعى موسكو إلى تجنب حرب شاملة، والتركيز على كسر عزيمة التكتل.
وفي أقصى الغرب، تسارع دول الناتو إلى إعادة تسليح نفسها، فيما يحذر العديد من رؤساء أركان دفاع الحلف من أنه يجب أن يكون مستعداً لمواجهة أي هجوم روسي على عضو أو أكثر من أعضاء الحلف في غضون ثلاث إلى سبع سنوات.
والأخطر من ذلك، أن مسؤولين دنماركيين حذروا من أن روسيا قد تشن هجوماً ما في غضون ستة أشهر من تباطؤ أو انتهاء الحرب في أوكرانيا.
وفي الحرب "القادمة" لن يكون الهدف الرئيسي لروسيا في حرب ضد الناتو الاستيلاء على أراضٍ واسعة، على الأقل ليس في البداية، بل تدمير التحالف ككيان سياسي وعسكري قادر على معارضة موسكو، وهذا لن يتطلب هزيمة قوات الناتو في معركة مفتوحة والزحف إلى برلين، وفق "فورين بوليسي".
ستعمل روسيا على تدمير وحدة الناتو وعزيمته، حيث يراهن الكرملين على أن التحالف سيتصدع تحت الضغط، ومن المرجح أن تتمكن موسكو من توليد القوى لمثل هذا التكتيك الضغطي على المدى القصير، خاصة بعد تباطؤ القتال في أوكرانيا أو انتهائه.
لذلك، تُشكل روسيا تهديداً خطيراً ووجودياً لحلف الناتو بطريقة مختلفة تماماً عن نوع الحرب الحالية في أوكرانيا.
وتدرك روسيا، بحسب "فورين بوليسي"، أنها ستخسر على الأرجح حرباً تقليدية شاملة مع الناتو، حتى بدون تدخل الولايات المتحدة؛ لذا يُعدّ تجنب صراع استنزافي طويل الأمد وضمان حل سريع وملائم أمراً بالغ الأهمية بالنسبة لروسيا.
ولن يهدف أي هجوم روسي على الناتو في المقام الأول إلى تدمير قدرته الكلية على شن الحرب، مع أن إضعاف إمكاناته العسكرية على المدى القصير سيكون على الأرجح هدفاً مبكراً.
وسيركز الجهد الرئيسي على تقويض عزم الناتو واستعداده للمقاومة، ومن المرجح أن تُفضّل روسيا حملة قصيرة وعالية الكثافة تهدف إلى تمزيق التماسك السياسي للناتو، وسيكون الهدف هو إبقاء المواجهة محلية، لا تشمل سوى دولة واحدة، يرجح أن تكون فنلندا، أو عدد قليل من دول الناتو على الأكثر، وإنهائها بسرعة.