تثير الانتكاسات التي تعرضت لها مجموعة فاغنر، شبه العسكرية الروسية الخاصة، في الساحل الإفريقي، تساؤلات حول مستقبلها، وما إذا كانت قد انكسرت شوكتها في المنطقة.
وتكبدت فاغنر خسائر فادحة بشكل خاص في مالي عندما نصب المتمردون الطوارق كمينًا في منطقة تينزاوتين شمال البلاد في يوليو/ تموز الماضي أدى إلى مقتل العشرات من المجموعة وأسر آخرين في تطور لافت بعد نحو ثلاث سنوات من تدخلها في هذا البلد الواقع في الساحل الإفريقي.
ووصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، التي نشرت تقريرًا تضمن تفاصيل جديدة عن هزيمة فاغنر في مالي، ما حدث للمجموعة بأن صورتها انهارت في المنطقة، مشيرة إلى أن "الهزيمة لم تكن متوقعة، وشهدت سقوط 46 قتيلًا من عناصرها".
وعلق الخبير العسكري المتخصص في الشؤون الإفريقية، عمرو ديالو، على ذلك بالقول: "فعلًا هيبة مجموعة فاغنر انكسرت بشكل كبير بعد انتكاسة مالي، وهي انتكاسة تحفز العديد من الحركات المسلحة في مناطق مثل جمهورية إفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو على استهداف المجموعة وعناصرها الذين اهتزت معنوياتهم بشكل كبير".
وشدد ديالو في تصريح لـ "إرم نيوز" على أن "ما حدث في يوليو/ تموز الماضي في مالي قد يدفع الأنظمة العسكرية الصاعدة في الساحل الإفريقي إلى مراجعة إستراتيجياتها وتحالفاتها مع مجموعة فاغنر التي كانت تتباهى بقدرة عناصرها على بسط سيطرتها الكاملة على مالي ودول أخرى".
ورأى أن "مكاسب فاغنر في مالي انحسرت في السيطرة على كيدال، ثم بدأت تتعرض إلى انتكاسة تلو الأخرى، وهو أمر قد يؤدي إلى انهيار النفوذ الروسي في إفريقيا".
وأنهى ديالو حديثه بالقول إن "المؤشرات عن إمكانية انهيار النفوذ الروسي تتزايد بعد تعثر الهجوم المضاد الذي كان ينوي الجيش المالي وفاغنر شنه على الإطار الإستراتيجي الدائم للدفاع عن الشعب الأزوادي".
ومؤخرًا تزايد الحديث عن خلافات بين فاغنر والجيش المالي بسبب الهجوم المضاد على تينزاوتين الذي تم التراجع عنه بعد أيام من تقدم قوافل عسكرية صوب الشمال.
وقال المحلل السياسي المالي، قاسم كايتا، إن "فاغنر تعاني فعلًا مأزقًا حقيقيًّا، خاصة مع تصاعد الخلافات بينها وبين الجيش، ما قد يؤدي إلى خروج محتمل للمجموعة من مالي ودول أخرى، لا سيما أن روسيا تسعى لاستلام مواقع مهمة تخص مناجم ذهب وغير ذلك".
وأضاف كايتا في تصريح لـ "إرم نيوز" أن: "هذه السيطرة تعرقلها حاليًّا التعثرات الميدانية التي شهدتها فاغنر والجيوش النظامية في المنطقة، وهو أمر في اعتقادي سيعجل برحيل فاغنر وتحل محلها قوات أخرى ربما تكون من الجيش الروسي أو الفيلق الروسي – الأفريقي".
وأنهى حديثه بالقول إن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستعجل في الواقع السيطرة التامة على النفوذ في الساحل الإفريقي، وهو يُدرك أن تعثرات فاغنر قد تعرقل ذلك".