logo
العالم

ما وراء اعتراف ترامب.. هل أصبحت حرب أوكرانيا "ملفاً خاسراً ومكلفاً"؟

وحدة مدفعية أوكرانية تطلق النارالمصدر: أ ف ب

في لحظة بدت وكأنها اعتراف غير مسبوق بالعجز السياسي، أقر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الصراع الروسي الأوكراني أصعب من قضايا الشرق الأوسط، في إشارة تحمل أكثر من دلالة على عمق المأزق الدولي الذي وصلت إليه الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين ونصف العام.

تصريحات ترامب، التي جاءت خلال لقائه رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، فتحت باب التساؤلات حول ما إذا باتت واشنطن تدرك أن الملف الأوكراني خرج عن السيطرة، وأن محاولات الحل الدبلوماسي لم تعد ممكنة في ظل تغير موازين القوة على الأرض.

أخبار ذات علاقة

ترامب خلال ترأسه اجتماعا وزاريا في البيت الأبيض

ترامب: نكثف الضغوط لإنهاء حرب أوكرانيا

ملف خاسر ومكلف

على أرض الواقع، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن المبادرة الاستراتيجية أصبحت بالكامل بيد الجيش الروسي، مؤكدًا أن قواته حررت أكثر من 5 آلاف كيلومتر مربع و212 بلدة منذ مطلع العام. 

وبحسب تصريحات رئيس هيئة الأركان الروسية فاليري غيراسيموف، فإن جيش بلاده يتقدم فعليًا في جميع الاتجاهات، من بوكروفسك إلى دنيبروبتروفسك، مع تكثيف الضغط في الشمال الشرقي قرب كوبيانسك وسومي وخاركيف.

ويرى مراقبون أن واشنطن لم تعد تنظر إلى أوكرانيا باعتبارها جبهة للدفاع عن الديمقراطية، بل كملف خاسر مكلف سياسيًا واقتصاديًا، الأمر الذي يدفعها إلى التفكير في تجميد النزاع بدلًا من حسمه.

وبحسب خبراء تحدثوا لـ«إرم نيوز»، فإن تصريحات ترامب تمثل تحولًا استراتيجيًا في نظرة واشنطن للصراع، بعدما أدركت أن استمرار الحرب بلا أفق يعني استنزافًا طويل المدى لأوروبا والولايات المتحدة على السواء.

وأكد الخبراء أن الإدارة الأمريكية تتعامل الآن بمنطق الصفقة الممكنة لا الانتصار الكامل، وأنها قد تضغط على كييف للقبول بتسوية تضمن مكاسب محدودة بدلًا من مواجهة مفتوحة لا نهاية لها. 

أخبار ذات علاقة

قوات أوكرانية تتوجه إلى مقاطعة دونيتسك شرق البلاد

من المنح إلى البيع.. عقيدة ترامب الجديدة في دعم أوكرانيا

تحوّل جوهري 

في هذا الصدد، يقول المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأمريكية، توفيق حميد، إن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي اعتبر فيها أن حل الصراع الأوكراني أصبح أصعب من قضايا الشرق الأوسط، تعكس تحولا جوهريا في رؤية الإدارة الأمريكية الحالية لهذا الملف.

وأشار، في حديث لـ«إرم نيوز»، إلى أن ترامب الذي يتبنى سياسة «أمريكا أوّلًا» لا يرفض إيجاد حلول للأزمات الدولية، لكنه يرفض أن تتحمل بلاده كلفة مالية ضخمة كما حدث في عهد جو بايدن خاصة فيما يتعلق بالدعم العسكري والمادي لكييف.

عقليّة رجل المال والأعمال

وأشار حميد إلى أن ترامب ينظر إلى الحرب الأوكرانية بعقلية «رجل الأعمال»؛ إذ يرى أن استمرار الصراع ينعش قطاع الصناعات الدفاعية الأمريكية ويخلق فرصا اقتصادية عبر مبيعات السلاح، لكنه في الوقت ذاته يدرك أن الحرب أصبحت عبئا ماليا ثقيلا على الاقتصاد الأمريكي إذا استمرت واشنطن في تمويل كييف بلا سقف زمني. 

وأضاف المحلل السياسي أن الإدارة الحالية ربما تتجه إلى «تهدئة غير معلنة» تقوم على تفاهمات ضمنية مع موسكو، تضمن عدم توسعها في أوروبا الشرقية مقابل تجنب مواجهة مباشرة.

وتابع: «ترامب لم يعد يعتبر الملف الأوكراني أولوية مطلقة، طالما أن الولايات المتحدة تحقق استفادة اقتصادية غير مباشرة، مؤكدًا أن هذا التوجه قد يدفع واشنطن إلى ممارسة ضغوط على كييف للقبول بالأمر الواقع وإنهاء الحرب تدريجيًا، خاصة في حال تراجع التمويل الأوروبي».

وقال إن موقف ترامب بات «أكثر براغماتية وواقعية»، إذ يضع المصلحة الاقتصادية الأمريكية فوق أي اعتبارات سياسية أو أيديولوجية.

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب وفلاديمير بوتين

روسيا: فرص اتفاق سلام في أوكرانيا بعد لقاء بوتين وترامب "تبددت"

فشل دبلوماسي كبير 

في المقابل، يرى ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية بمركز الدراسات العربية الأوراسية، أن تصريحات ترامب الأخيرة تعد إقرارا صريحا بفشل دبلوماسي كبير في إدارة ملف الحرب الأوكرانية، وعجزًا عن إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوقف العمليات العسكرية أو الدخول في مفاوضات جدية. 

وأكد، في حديث لـ«إرم نيوز»، أن الأزمة الراهنة «مرتبطة بانهيار الثقة بين القوى الكبرى» مما يجعل التوصل إلى تسوية دبلوماسية أمرًا شديد التعقيد، معتبرًا أن ما يحدث الآن هو «إخفاق إداري واضح» في تعاطي واشنطن مع هذا الملف مقارنة بملفات أخرى شهدت بعض التقدم، مثل أزمة أذربيجان أو تطورات الشرق الأوسط بعد اتفاق شرم الشيخ.

وأشار ديميتري بريجع إلى أن الحرب مرشحة للاستمرار لسنوات ما لم يطرأ تغيير جذري على الجبهات أو يتم تدخل دبلوماسي حاسم، محذرًا من أن أي توسع محتمل للنزاع قد يشمل حلف "الناتو" ودول البلطيق، وهو ما سيغير شكل العلاقات الدولية والمفاهيم الجيوسياسية القائمة. 

وقال إن إخفاق إدارة ترامب في إقناع بوتين بفتح قنوات تفاوض فعالة رغم الاتصالات المحدودة القائمة يوضح عمق الأزمة الحالية، ويؤكد أن واشنطن لم تنجح بعد في تحويل مسار الحرب نحو أي حل مستقر.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC