قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية إن منطقة الشرق الأوسط تشهد مرحلة مفصلية في مصير ما يُعرف بـ"محور المقاومة"، وهو التحالف الذي رعته إيران لعقود عبر وكلاء مسلحين في عدة دول.
وذكرت الصحيفة أن هذا المحور يمرّ بمرحلة "أفول تدريجي"، نتيجة للضربات الإسرائيلية المتصاعدة، والتغيرات الجيوسياسية، والتصدعات في مركز القرار الإيراني.
انطلقت فكرة "محور المقاومة" من طهران بعد الحرب العراقية الإيرانية، كمظلة استراتيجية للدفاع خارج الحدود.
واستندت هذه السياسة إلى دعم حلفاء مسلحين مثل حزب الله في لبنان، وحماس في غزة، وميليشيات عراقية، والحوثيين في اليمن، بهدف تطويق إسرائيل وردع أي تهديد مباشر لإيران.
وكشفت الضربات التي تلقّاها هذا المحور منذ عام 2024 تصدعه، ففي جنوب لبنان، شنّت إسرائيل حملة عسكرية دمّرت خلالها بنى أساسية لحزب الله، وأدت إلى مقتل حسن نصر الله في سبتمبر 2024، وهو ما مثّل ضربة رمزية واستراتيجية قاسية.
وتواصل التدهور عندما قصفت إسرائيل منشآت نووية داخل إيران في يونيو 2025، دون أن تتلقى ردًا عسكريًا من طهران، ما كشف تراجع قدرة إيران على فرض معادلة الردع.
وتعود جذور هذا الضعف إلى اغتيال الجنرال قاسم سليماني عام 2020، الذي كان ينسق محور المقاومة إقليميًا، إذ إنه ومنذ غيابه، بدت شبكة الحلفاء أقل فاعلية وتنسيقًا.
إضافة إلى ذلك، غيّرت "اتفاقيات أبراهام" العلاقات الإقليمية، ومعها التقارب الإيراني-السعودي عام 2023، وهو ما أسهم في تهدئة ساحات عدة مثل اليمن.
لكن رغم هذه التهدئة، لم تنجح طهران في استثمار الفُرَص لتعزيز مكانتها.
الحدث المفاجئ كان هجوم حماس بقيادة يحيى السنوار في 7 أكتوبر 2023، والذي تم دون تنسيق مع إيران، ما أربك طهران التي خافت من التورط في مواجهة مباشرة مع إسرائيل.
ورغم تصاعد هجمات الميليشيات الحليفة لإيران بعد ذلك، فإن الاستجابة بدت محدودة التأثير ومتقطعة.
كما شنت إسرائيل في عام 2024، سلسلة ضربات نوعية استهدفت قيادات إيرانية في سوريا وغزة، شملت قادة بارزين في الحرس الثوري، وأسفرت عن مقتل السنوار وإسماعيل هنية، ما زاد شعور طهران بالعجز أمام التفوق الاستخباراتي والعسكري الإسرائيلي.
ودفعت هذه التطورات طهران إلى مراجعة استراتيجيتها، ولا سيما مع انتخاب الرئيس الإصلاحي مسعود بَزِشكِيان بعد وفاة إبراهيم رئيسي.
وبات من الواضح أن إيران تميل إلى خفض التصعيد والبحث عن قنوات دبلوماسية، بدلًا من استمرار سياسة الحروب بالوكالة.
تفكك محور المقاومة بات واقعًا تفرضه المعطيات على الأرض، بحسب "لوموند".
وإذا ما استمرت طهران في تجنب الردود العسكرية المباشرة، فإن مرحلة جديدة قد تبدأ في الشرق الأوسط، يكون فيها النفوذ الإيراني محصورًا، وتتفرد فيها إسرائيل بمبادرات القوة والتأثير.