يواجه البابا ليو الرابع عشر أول اختبار دبلوماسي كبير، إذ انتخبت المجموعة الحكومية التي تُنظّم الكنيسة الكاثوليكية في الصين أسقفين، أحدهما لمدينة شينشيانغ، التي سجنت الأسقف الذي عيّنته روما.
وبحسب تقرير لصحيفة "التايمز"، بينما كان العالم لا يزال في حداد على وفاة البابا فرنسيس، أصدرت الجمعية الكاثوليكية الوطنية الصينية، وهي الهيئة الحكومية المسؤولة عن تنظيم الكاثوليكية في البلاد، مرسومًا في 29 أبريل/ نيسان، ينصّ على "انتخاب" أسقفين جديدين؛ أسقف مساعد في شنغهاي، وأسقف كبير في شينشيانغ، وهي مدينة تقع في وسط مقاطعة خنان.
وقالت الصحيفة إن هذا الفعل فاقم مشكلتين؛ أولهما، وفاة البابا، إذ إن البابا وحده هو من يملك صلاحية تعيين الأساقفة؛ وثانيهما، وجود أسقف في شينشيانغ بالفعل.
فقد أمضى الأسقف جوزيف تشانغ ويزو، الذي عيّنه البابا يوحنا بولس الثاني عام 1991، عقودًا في الخدمة الدينية من دون موافقة بكين، بما في ذلك إنشاء معهد ديني لتدريب كهنة "سريين" موالين لروما.
وأضاف التقرير أن هناك حوالي 30 أسقفًا سريًا يعملون في الصين من دون موافقة الدولة، وعدد غير معروف من الكهنة.
وقد أُلقي القبض على تشانغ في عام 2021 في أثناء تعافيه من جراحة سرطان، ولا يزال رهن الاحتجاز من دون محاكمة.
كما أن آخر أسقفين مُعيّنين من قِبل روما في شنغهاي محتجزان لدى الشرطة.
وفي هذا السياق، قالت مديرة مركز الحريات الدينية في معهد هدسون، نينا شيا: "لقد وضعت الصين البابا ليو في موقف حرج، وعليه الآن أن يقرر ما سيفعله".
وأضافت شيا: "لقد عُرض على البابا ليو هذان الأسقفان الجديدان، وله الحق إما في الموافقة عليهما أو الاعتراض، وهو أمر ستكون له عواقب وخيمة".
وأشارت الصحيفة إلى أن الحزب الشيوعي، بقيادة ماو تسي تونغ، حاول عند توليه السلطة عام 1949 القضاء على الإيمان المسيحي؛ حيث طُرد المبشرون وأُغلقت الكنائس.
وفي حين أُمر الكهنة بالخضوع لسيطرة الحكومة المركزية، فإن من رفض منهم وُصم كعدو للدولة وتعرّض للتعذيب، بينما مارس كثيرون شعائرهم الدينية سرًا.
وتابعت الصحيفة أن البابا فرنسيس ووزير خارجيته، الكاردينال بييترو بارولين، أبرما في عام 2018 اتفاقًا مع الرئيس شي جين بينغ في محاولة لتخفيف الاضطهاد الديني وتطبيع العلاقات بين بكين والكرسي الرسولي.
وعلى الرغم من أن النص الكامل للاتفاق ظل سريًا، فإن بارولين صرّح لاحقًا بأن الاتفاق منح السلطات الصينية دورًا في اختيار الأساقفة الجدد من خلال جمعية الكاثوليك الصينيين، بينما احتفظ البابا بسلطة السيامة؛ أي صلوات وضع اليد على الراهب بعد اختياره لرتبة الأسقفية، وكذلك الكرادلة.
ولفتت الصحيفة إلى أن ما لا يقل عن 9 أساقفة كاثوليك صينيين آخرين يقبعون رهن الاحتجاز لأجل غير مسمى، أو اختفوا، أو أُجبروا على ترك مناصبهم.
كما تم القبض على الأسقف جيمس سو تشيمين، الذي تم تعيينه في باودينغ بمقاطعة خبي، عام 1997، وقضى السنوات الـ28 الماضية في السجن، أو في معسكرات العمل القسري، وفقًا للجنة الولايات المتحدة للحريات الدينية الدولية.
وأردفت أن تعيين أسقفين في شنغهاي وشينشيانغ يُعد أحدث مثال على تجاوز جمعية الكنائس الكاثوليكية الصينية لحدود الاتفاقية مع الكرسي الرسولي.
وأوضحت أن الصين، في مناسبات عديدة، عيّنت من جانب واحد كبار رجال الدين من دون إذن من روما، بل وأعادت رسم حدود الأبرشيات، وهي سلطة أخرى ينبغي أن تكون من اختصاص البابا.
ورغم أن الفاتيكان اعترف لاحقًا، في بعض الحالات، بهذه التعيينات؛ مثل تنصيب الأسقف جوزيف شين بن كبير أساقفة شنغهاي من دون موافقة البابا في عام 2023، حيث صادق البابا فرنسيس على التعيين بعد 3 أشهر من المداولات "لصالح الأبرشية".
لكن لا يُعرف الكثير عن موقف ليو الرابع عشر من هذه المسألة، نظرًا لأنه قضى معظم حياته المهنية مبشرًا في بيرو.
ويأمل كثيرون أن يواصل البابا الجديد ليو نهج البابا فرنسيس، وأن يستمر في سياسة الحوار مع حكومة بكين، وتحسين العلاقات مع الصين تدريجيًا، مع تجنب المواجهة المباشرة.