قالت مجلة "نيوزويك" الأمريكية إن البابا ليو الرابع عشر، أول شخص من الولايات المتحدة يتولى قيادة الكنيسة الكاثوليكية، يواجه "صداعًا ماليًا" في منصبه الجديد.
وذكرت أن المجمع البابوي اتخذ قراره بشأن من سيتولى قيادة الكنيسة الكاثوليكية، وذلك عندما تصاعد دخان أبيض من الفاتيكان، حوالي الساعة السادسة من مساء يوم الخميس.
وانتخب المجمع الكاردينال روبرت بريفوست من شيكاغو بابا جديدًا، وأصبح على الفور، ربما، الشخصية الدينية الأكثر شهرة وتأثيرًا على قيد الحياة، حيث يتمتع بنفوذ كبير على 1.4 مليار كاثوليكي حول العالم.
ورغم اتساع نفوذ الكنيسة، واجه الفاتيكان تحديات مالية في السنوات الأخيرة، وفق المجلة.
وقالت إن المهمة ستقع الآن على عاتق ليو الرابع عشر، الذي بدأ قيادته في الفاتيكان فور انتخابه خلفًا للبابا فرنسيس، الذي توفي في 21 أبريل/ نيسان الماضي.
وأنشأ البابا فرنسيس في فبراير/ شباط الماضي لجنة جديدة لتشجيع التبرعات للكنيسة الكاثوليكية، التي عانت من عجز في الميزانية في السنوات الأخيرة.
وفي عام 2023، كانت الكنيسة تعاني من عجز قدره 90 مليون دولار، وفقًا لما ذكرته مؤسسة كروكس الإخبارية الإلكترونية.
وصرحت عميدة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة نيو هامبشاير، ميشيل ديلون، لمجلة نيوزويك، بأنه من الصعب معرفة المدى الكامل لتحديات العجز بسبب خصوصيتها.
وقالت ديلون "إن الافتقار التاريخي والمستمر للشفافية من جانب البنك، حتى في التعامل مع البابا وكبار المسؤولين في الفاتيكان، يزيد من التحدي المحاسبي".
وبحسب ديلون، للكنيسة نفقاتٌ طائلة تشمل العقارات التي تتراوح من الكنائس الكبيرة إلى الكاتدرائيات، والتي لا تُفرض رسوم دخول على العديد منها رغم "تكاليف التشغيل الباهظة".
وأضافت أن جزءًا كبيرًا من نمو الكنيسة يتركز في المناطق الأقل ثراءً، وأن قاعدتها الميسورة في أوروبا والولايات المتحدة "ليست قوية بما يكفي لتلبية الاحتياجات المتعددة للكنيسة العالمية".
وبينت أن حملة جمع تبرعات القديس بطرس السنوية، التي تُعقد حول العالم، تعاني من عجز مالي، لافتة إلى أن الفاتيكان أفاد بأن الحملة حققت 52 مليون يورو في عام 2023، أكثر من ربعها من تبرعات الأبرشيات الأمريكية، لكن نفقات ذلك العام بلغت 109.4 مليون يورو.
وأكدت أن "هذا النوع من العجز غير قابل للاستمرار".
وقالت ديلون إن على البابا ليو الرابع عشر "إيجاد طرق ذكية لتطبيق إصلاحات فعّالة في البنك".
وستكون هذه "مهمة شاقة"، ويعود ذلك جزئيًا إلى أن مكاتب الفاتيكان، بما فيها البنك، "غارقة في ثقافة السرية".
ولفتت إلى أن البابا فرنسيس حاول تطبيق تغييرات هيكلية وإجرائية ورقابية في ممارسات البنك، وعيّن العديد من الخبراء الماليين الخارجيين المتعاقبين كمسؤولين تنفيذيين، لكن جميعهم تقريبًا غادروا وسط جدل وظهور فضائح جديدة".
من جانبها، صرحت الأستاذة المتخصصة في الدراسات المسيحية بجامعة شيكاغو، إيرين والش، لمجلة نيوزويك، بأن الكنيسة تواجه مخاوف مالية على جبهات متعددة.
وأضافت أن هذه المخاوف تشمل تراجع السياحة بعد جائحة كوفيد-19، والتقاضي المتعلق بفضيحة الاعتداء الجنسي التي عصفت بالكنيسة في العقود الأخيرة، وارتفاع تكلفة دعم رجال الدين المسنين.
ويُمثل صندوق معاشات الكنيسة قضية رئيسية أخرى تُشكل تحديًا ماليًا في المستقبل.
بدوره، صرح أستاذ الدراسات الدينية بجامعة مانهاتن، كيفن أهيرن، للمجلة، بأن الفاتيكان، لأكثر من قرن "يُكافح من أجل تمويل دولة صغيرة ذات نفوذ دبلوماسي عالمي"، لافتًا إلى أن لديها التزامًا بالأعمال الخيرية للفقراء، دون دخل ثابت.
وأضاف أهيرن أنه "يجب عليها أيضًا تغطية تكاليف ومعاشات الموظفين ونفقات المعيشة الأساسية.. إن وضع صندوق التقاعد مقلق للغاية، وهو مسألة عدالة للموظفين الذين يعتمدون عليه".
وقال أهيرن: "من التحديات الإضافية التي واجهها البابا فرنسيس في إعادة توجيه الكنيسة نحو الفقراء وانتقاد الاقتصاد العالمي، شعور بعض المانحين الأثرياء في الولايات المتحدة وأوروبا بالتهميش من أولوياته".
ورجح أن يسعى البابا ليو إلى إعادة بناء بعض هذه العلاقات، مشيرًا إلى أنه "لن يكون هذا سهلًا، إذ من المرجح أن يرغب في الحفاظ على موقف الكنيسة بشأن العدالة الاقتصادية والهجرة والرعاية البيئية".
ويرى رئيس قسم الدراسات الكاثوليكية في جامعة القلب المقدس، دانيال روبر، بأن وجود بابا أمريكي قد "يُحسّن الوضع بعض الشيء" فيما يتعلق بتبرعات المنظمات، حتى لو كان "غير متوافق" مع بعض المانحين.
وأشار إلى أن انتخاب ليون الرابع عشر "يعود جزئيًا إلى سمعته كمدير جيد".
وقال: "لدى العديد من هؤلاء المانحين الكبار أفكار خاصة عن الكنيسة يرغبون في سماعها وتطبيقها.. وقد أبدى بعضهم قبل هذا المجمع استعدادهم للتبرع مع البابا المناسب".