logo
العالم

2025.. عام "صدمة أووربا" من النظام العالمي الجديد لترامب

لقاء سابق بين ترامب وقادة أوروباالمصدر: رويترز

مع اقتراب عام 2026، تظل أزمة أوكرانيا عالقة على طاولة السياسة الدولية، وسط فشل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التوصل إلى حل شامل للنزاع مع روسيا. 

هذا الفشل لم يكن مجرد انتكاسة دبلوماسية، بل شكّل صدمة حقيقية للقادة الأوروبيين، الذين كانوا يعتمدون على الولايات المتحدة كركيزة للأمن والاستقرار الإقليمي. 

كما أن عدم قدرة ترامب على إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية أو وضع خطة سلام مقبولة لجميع الأطراف كشف عن حدود النفوذ الأمريكي في الأزمة، وزاد من شعور أوروبا بالقلق بشأن قدرتها على حماية مصالحها وحلفائها دون الاعتماد الكامل على البيت الأبيض، ما أعاد إلى الواجهة أسئلة وجودية حول مستقبل التحالف عبر الأطلسي.

ولقد أثبتت السنة الأولى من ترامب أنه من الصعب التنبؤ بسلوكه أو إدارته، وأن التوقعات التقليدية للعلاقة عبر الأطلسي لم تعد قائمة.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي

زيلينسكي: "الخطة الأمريكية" لا تمنع أوكرانيا من الانضمام للناتو

فقد أدى عداؤه الصريح تجاه الاتحاد الأوروبي إلى توترات عميقة بين الدول الأعضاء، وكشف الانقسامات الداخلية، ما يثير تساؤلات حول قدرة أوروبا على مواجهة التحديات المستقبلية دون الاعتماد على نفسها.

في هذا السياق، قالت جانا بوغليرين، زميلة سياسات أولى في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "لا يستطيع الأوروبيون قطع العلاقات مع الولايات المتحدة لأنهم ما زالوا يعتمدون بشكل كبير على التزامات واشنطن الأمنية"، لكنها أكدت أن المصالح طويلة الأجل لم تعد متوافقة كما كانت سابقًا، وأن ما نشهده اليوم يمثل «مشروعًا منافسًا» للنظام الدولي القائم على القواعد الغربية.

تحديات الهجرة والأمن الأوروبي

ضغط البيت الأبيض على أوروبا لتعديل سياساتها بشأن الهجرة والإنفاق الدفاعي أثار جدلاً واسعًا. 

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي، إن الرئيس ترامب يسلط الضوء على "الآثار المدمرة للهجرة غير المنضبطة" وارتباطها بارتفاع معدلات الجريمة وتأثيرها على الاستدامة المالية لبرامج الحماية الاجتماعية، معتبرةً أن الأوروبيين أنفسهم يدركون حجم هذه المشكلة.

في الوقت نفسه، أكد نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس خلال خطاب في مؤتمر ميونيخ للأمن، وكذلك في اجتماعاته مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على رؤية ترامب الواقعية والاقتصادية للعالم، والتي وصفها نيكوشور دان الروماني بأنها تحوّل من "طريقة أخلاقية للقيام بالأشياء إلى طريقة عملية واقتصادية للغاية".

أخبار ذات علاقة

كيريل دميترييف

"تجارة الحروب".. موسكو تتهم إدارة بايدن بالتربح من أزمة أوكرانيا

أوروبا تتكيف لكنها تحت الضغط

على الرغم من الضغوط، نجحت بعض الدول الأوروبية في إعادة الولايات المتحدة إلى طاولة التحالف عبر إجراءات تكتيكية، مثل الموافقة على فرض تعريفة جمركية جديدة بنسبة 15%، وزيادة الإنفاق الدفاعي للناتو بنسبة 5% خلال العقد المقبل. 

كما نجحت أوروبا في التفاوض على دعم أوكرانيا ماليًّا وعسكريًّا، إذ وافق الاتحاد الأوروبي على قرض بقيمة 90 مليار دولار لدعم الجيش الأوكراني لمدة عامين إضافيين، رغم اعتراض بعض الدول الحليفة لترامب مثل المجر وسلوفاكيا والتشيك.

مع ذلك، تبقى العلاقات معقدة؛ ففي أغسطس/آب، أطلق ترامب خطة سلام من 28 بندًا مع روسيا دون اطّلاع كامل للقادة الأوروبيين، ما أدى إلى مراجعتها بالتعاون مع أوكرانيا لتكون أقل انحيازًا. 

كما انتقد ترامب القادة الأوروبيين علنًا، واصفًا إياهم بالضعف وعدم القدرة على إدارة ملفات الهجرة، ومهددًا بالتدخل لدعم أحزاب اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية، في خطوة تعكس تصميمه على إعادة تشكيل القارة وفق مصالحه الخاصة.

أخبار ذات علاقة

الرئيس ماكرون وروبيو وويتكوف.

معركة الكواليس في واشنطن.. صراع روبيو وويتكوف يهدد مفاوضات أوكرانيا

إعادة رسم التحالفات وإضعاف الثقة

أكدت استراتيجية الأمن القومي الجديدة للأمن القومي الأمريكي هذا التوجه، معتبرة أوروبا وحلفاءها "غير موثوقين" ومعادية للمصالح الأمريكية. 

ووصفت كونستانز ستيلزن مولر، زميلة مركز بروكينغز، هذه التغييرات بأنها "غيرت بشكل دائم الاستراتيجية طويلة الأجل مع الولايات المتحدة"، داعية القادة الأوروبيين للاستعداد لأسوأ السيناريوهات في 2026.

في نهاية العام، أثارت محاولات ترامب للسيطرة على غرينلاند، وتعيينه مبعوثًا خاصًا للجزيرة، استياءً واسعًا، إذ اعتُبرت خطوة تهدد وحدة الحلف وتقوض الثقة بالولايات المتحدة كحليف موثوق. 

كما حاولت الإدارة تعزيز الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي، مقترحة صفقات ثنائية للدول التي تتعاون مباشرة مع واشنطن، على حساب التكتل المكون من 27 دولة.

تظهر تجربة العام الأول من ولاية ترامب الثانية أن أوروبا تواجه تحديًا مزدوجًا: الحاجة للتعاون مع الولايات المتحدة لضمان أمنها، مع الاعتراف في الوقت نفسه بأن السياسات الأمريكية لم تعد تدعم المصالح الأوروبية طويلة الأمد. 

أخبار ذات علاقة

طائرة ماغورا V5 البحرية الأوكرانية المسيرة

من أوكرانيا إلى آسيا.. الطائرات المسيّرة تهدد مستقبل البحرية الأمريكية

كما أن التحولات الاقتصادية والسياسية، والتهديدات المباشرة وغير المباشرة من الإدارة الأمريكية، تفرض على القادة الأوروبيين تطوير استراتيجية أكثر استقلالية وواقعية، لحماية مصالحهم، والحفاظ على تماسك تحالف عبر الأطلسي الذي دام ثمانية عقود.

كما خلص إيفو دالدر، سفير الولايات المتحدة السابق لدى الناتو، إلى أن "السؤال الأساسي الذي يواجه الأوروبيين الآن هو ما إذا كانت الانتصارات التكتيكية كافية للحفاظ على التحالف الاستراتيجي طويل الأمد"، مؤكدًا أن أوروبا لم تعد تستطيع الاعتماد على واشنطن كما في الماضي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC