من قلب الولايات المتحدة إلى سيدني ومانشستر والهند، استحوذت هجمات دموية وقعت سنة 2025 على اهتمام العالم، خاصة وأنها استهدفت مدنًا عريقة تُصنّف كـ"آمنة".
في الـ14 من ديسمبر الحالي في أستراليا، كان أحد شواطئها مسرحا لأكثر عمليات إطلاق النار الجماعي دموية منذ عقود، بعد أن أطلق أب وابنه النار على حشد تجمع للاحتفال بعيد يهودي على شاطئ في سيدني.
ونفذ رجلان في 14 ديسمبر على شاطئ بوندي هجومًا أسفر عن مقتل 15 شخصاً وإصابة العشرات في اليوم الأول من عيد حانوكا اليهودي. ويُتهم نويد أكرم، البالغ من العمر 24 عاماً، وهو أسترالي المولد، بارتكاب هذه المجزرة مع والده ساجد أكرم، البالغ من العمر 50 عاماً، والذي قُتل برصاص الشرطة في اليوم ذاته.
ولفت نويد أكرم انتباه المخابرات الأسترالية لأول مرة في عام 2019، عندما كان مراهقًا وكان على صلة بمؤيدي تنظيم الدولة في سيدني. ويواجه الابن المتهم (24 سنة) الذي نقل من المستشفى إلى السجن ما يصل إلى 59 تهمة من بينها القتل والإرهاب.
وفي اليوم نفسه يوم 14 ديسمبر في أحدث سلسلة هجمات على المدارس والجامعات في الولايات المتحدة، قُتل شخصان وأصيب تسعة آخرون في إطلاق نار داخل حرم جامعة براون بولاية رود آيلاند الأميركية.
وقد أعلنت الشرطة الأمريكية العثور على جثة الرجل الذي يشتبه بأنه وراء حادثة إطلاق النار الجماعي في جامعة براون. وبعدها بأيام قال أوسكار بيريز، قائد شرطة مدينة بروفيدنس، للصحافيين إن المشتبه به الذي حدد هويته على أنه برتغالي يبلغ 48 سنة "انتحر".
وشهدت الولايات المتحدة حيث عدد الأسلحة أكبر من عدد السكان، أكثر من 300 حادث إطلاق نار جماعي هذا العام، بما يشمل هذا الحادث، وفق بيانات "أرشيف عنف الأسلحة النارية" التي تعرّف عمليات إطلاق النار الجماعي بأنها الحوادث التي تُستخدم فيها أسلحة نارية وتؤدي إلى إصابة أربعة أشخاص أو أكثر.
وفي الأسبوع الأخير من نوفمبر، أطلق مسلح النار على أفراد من الحرس الوطني الأمريكي في واشنطن بمنطقة قريبة من البيت الأبيض؛ مما أسفر عن مقتل مجندة وإصابة آخر بجروح بليغة، وكشفت وسائل إعلام أن المشتبه به في تنفيذ الهجوم أفغاني عمل مع الجيش الأمريكي في أفغانستان قبل أن يتم إجلاؤه إلى الولايات المتحدة.
وفي وقت سابق وصف الرئيس دونالد ترامب الهجوم بـ"عمل إرهابي" مؤكدا أنه أفغاني وصل إلى أمريكا في 2021.
وذكر مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) جون راتكليف أن المشتبه به البالغ 29 عاما عمل مع الوكالة ومع الجيش الأمريكي وهيئات حكومية أخرى ووصل إلى الولايات المتحدة في سبتمبر 2021 بعد شهر من انسحاب القوات الأمريكية من هذا البلد وسط فوضى عارمة.
وقال وزير الحرب بيت هيغسيث عقب الهجوم إن ترامب طلب نشر 500 جندي إضافي في واشنطن العاصمة.
وإلى الهند التي شهدت انفجارًا وقع بالقرب من معلم القلعة الحمراء التاريخي في نيودلهي مخلفا 15 قتيلا، وكان الحادث حدث في العاشر من شهر نوفمبر، عندما انفجرت سيارة خارج بوابة محطة مترو أنفاق في منطقة دلهي القديمة بالقرب من القلعة الحمراء التي تعد واحدة من أروع المباني في تاريخ العمارة الإسلامية الهندية، ومن أعظم وأضخم الآثار المغولية الباقية في الهند.

وقبل أشهر في أبريل، أعلنت الشرطة الهندية مقتل 24 شخصا على الأقل في هجوم على سياح في الشطر الهندي من كشمير، وهو الأسوأ بالمنطقة منذ ما يقرب من عام.
ووقع الهجوم في باهالغام، وهي مقصد سياحي شهير يقطنه غالبية من المسلمين ويجذب آلاف الزوار كل صيف مع تراجع حدة العنف المسلح في السنوات القليلة الماضية.

وتشهد المنطقة الواقعة في جبال الهيمالايا وتتقاسم الهند وباكستان السيطرة عليها أعمال عنف منذ اندلاع تمرد مناهض للهند في عام 1989.
وقتل عشرات الآلاف، خلال وقائع العنف التي تراجعت حدتها في السنوات القليلة الماضية. ولم تتوقف تماما الهجمات على السائحين في كشمير لكنها انحسرت في السنوات الماضية.

وإلى بريطانيا، في مطلع أكتوبر الماضي قُتِل شخصان وجرح 3 في عملية دعس وطعن أمام كنيس في مانشستر (شمال غربي إنجلترا). وكشفت الشرطة البريطانية لاحقا عن تفاصيل جديدة حول هجوم استهدف كنيسا يهوديا المتزامن مع يوم كيبور (الغفران) - أقدس أيام التقويم الديني اليهودي - بمدينة مانشستر والذي تتعامل معه على أنه "عمل إرهابي".
وأوضحت أن المهاجم كان يرتدي سترة تبدو كأنها عبوة ناسفة، وعبرت عن اعتقادها بأنها تعرف هوية المهاجم.
والمهاجم يدعى جهاد الشامي، وهو بريطاني من أصل سوري يبلغ من العمر 35 عاماً، قاد سيارته نحو المارّة خارج كنيس هيتون بارك هيبرو كونغريغيشين قبل أن يهاجمهم بسكين. وقد قُتل برصاص الشرطة في مكان الحادث.
هجمات باكستان
وفي باكستان شهدت تفجير بإسلام آباد في نوفمبر، حين فجر انتحاري نفسه أمام مجمع قضائي في العاصمة، مما أسفر عن مقتل 12 شخصاً، في هجوم هو الأعنف في المدينة منذ سنوات.
وقبلها في يونيو شهدت تفجير مير علي، بعدما استهدف هجوم انتحاري بشاحنة مفخخة قافلة للجيش في شمال وزيرستان في يونيو، مما أدى لمقتل 16 جندياً على الأقل.
وفي أبريل الماضي تعرضت عدة سجون فرنسية لسلسلة هجمات تراوحت بين حرق مركبات وإطلاق النار من أسلحة آلية، تبنتها مجموعة مجهولة تطالب باحترام حقوق الإنسان داخل السجون الفرنسية.
فمن مدينة تولون في الجنوب الفرنسي إلى فالانس بالشمال ومرورا بمدينة مرسيليا، العديد من هذه المؤسسات تحولت إلى أهداف جعلت وزير العدل يتحدث عن وجود "خطة منسقة لترهيب الدولة".
ومن بين هذه المؤسسات، يمكن ذكر سجن مرسيليا المعروف باحتوائه على سجناء تم الحكم عليهم بتهمة تجارة المخدرات وسجن تولون بالجنوب الفرنسي بالإضافة إلى سجن في مدينة فالانس الواقعة في الشمال الفرنسي فضلا عن سجن إيكس أون بروفانس ونانتير.
وهذه الظاهرة جديدة نوعا ما في فرنسا وتزامنت مع فتح سجن شديد الحراسة في بلدة "كوندي سور سارت" بمنطقة لورن (محافظة نورماندي غرب باريس) في شهر يوليو بمبلغ قدر بـ4 ملايين يورو.
وبالعودة إلى الولايات المتحدة، في 1 يناير 2025، قاد شمس الدين جبار، وهو رجل أمريكي يبلغ من العمر 42 عامًا، شاحنة صغيرة وصدم بها حشدًا في شارع بوربون بمدينة نيو أورلينز، لويزيانا، بالولايات المتحدة الأمريكية، ثم ترجّل من الشاحنة واشتبك مع الشرطة قبل أن يُقتل بالرصاص.
وقد قُتل أربعة عشر شخصا، بالإضافة إلى الجاني، وجُرح ما لا يقل عن سبعة وخمسين آخرين، من بينهم ضابطا شرطة أُصيبا بالرصاص. وقع الهجوم خلال احتفالات رأس السنة الجديدة في المدينة، التي كان من المقرر أن تستضيف مباراة "شوغر بول" لعام 2025 في وقت لاحق من ذلك اليوم.
كان المُهاجم، شمس الدين جبار، أمريكي المولد ومقيمًا في هيوستن، تكساس وعُثر على علم لتنظيم الدولة الإسلامية في الشاحنة. وخلص مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى أن جبار استلهم أفكاره من التنظيم المتطرف.