يبدو أن مصير ومستقبل يمين الوسط في فرنسا بات على المحك، وسط ترجيحات بأن مسلسل نهاية "الجبهة الجمهورية" قد وصل محطته الأخيرة، وأن الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية المقبلة قد تشهد تحالفات غير تقليدية، تنهي فترة العزل السياسي لليمين المتطرف.
وبحسب تقرير لصحفية "التليغراف" البريطانية، يستعد الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي لإطلاق حقبة جديدة من سياسات اليمين المتطرف، حيث بدأ يدير ظهره للجبهة الجمهورية.
وأشار التقرير، إلى أنه بعد خروجه من قصر الإليزيه وصولاً إلى سجن باريسي كئيب، فإن نيكولا ساركوزي يسعى لإحداث واحدة من أكبر التحولات السياسية في فرنسا الحديثة، مُهددًا في الوقت نفسه بسحق حركته السياسية.
وقالت "التليغراف"، إن ساركوزي كسر هذا الشهر، محظورًا سياسيًا دام عقودًا بتخليه عن "الجبهة الجمهورية" للأحزاب التي خاضت معارك انتخابية متتالية ضد حزب التجمع الوطني بزعامة مارين لوبان، مؤكدة أن خطوة ساركوزي قد تضفي شرعية فعلية على تحالفه مع الحزب الذي سعى سابقًا إلى احتوائه، وهو تحالف قد يُنهي مسيرة يمين الوسط في فرنسا إلى الأبد.
التحول الذي يقوده الرئيس الفرنسي السابق، ربما يكون خلاصة 20 يومًا من العصف الذهني في السجن، خاصة أن الرجل ـ وفق التليغراف ـ قرأ رواية كلاسيكية تدور أحداثها حول رجل سُجن ظلمًا ثم نهض ليُدبّر سقوط خصومه.
وأكدت الصحيفة أن ساركوزي لا يمانع الآن في إجراء مكالمة هاتفية مع زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، وعندما سُئل عما إذا كان سيمنع وصولها إلى السلطة، أجاب: "قطعًا: لا"، مضيفًا أن استبعاد التجمع الوطني من الجبهة الجمهورية سيكون "خطأً"، مشددًا على أنه "لا يمكن إعادة بناء اليمين إلا من خلال أوسع تحالف ممكن، دون استثناءات أو عداء".
التحول الجديد في موقف ساركوزي السياسي، بدأه بالإشادة بجوردان بارديلا (30 عاماً)، حليف لوبان، والذي من المتوقع أن يترشح للرئاسة الربيع المقبل، بالرئيس الراحل جاك شيراك، الذي ناضل طوال حياته ضد الجبهة الوطنية، قائلاً: "خطاب بارديلا لا يختلف كثيرًا عن خطابنا في ذلك الوقت"، مقدمًا إياه على أنه الوريث المعاصر لحزب شيراك المحافظ المؤيد للمشاريع، حزب التجمع من أجل الجمهورية.
من جانبه، أشاد بارديلا بتصريحات ساركوزي واصفًا إياها بـ"الواضحة"، وقال إن حزب الجمهوريين "أصبح حزبًا صغيرًا لا يستطيع الفوز بمفرده"، وأصرّ على أن سياسة العزل السياسي القديمة قد ولّت".
ونقلت صحيفة التلغراف عن بارديلا قوله: "الجبهة الجمهورية ليست سوى مكائد سياسية بين أشخاص لا يتفقون على شيء سوى حماية مواقعهم"، وأضاف "لا يمكن أن يكون هدفهم الوحيد منع حزب التجمع الوطني من الفوز"، وفق تعبيره.
التقارير التي تتحدث عن الفصل الأخير في حياة يمين الوسط في فرنسا، تدعمها الأرقام بقوة، فالحزب الذي كان يحكم فرنسا في السابق، انخفض عدد أعضائه في شكله الجديد إلى 49 نائباً فقط مقارنة بـ 123 نائباً لحزب التجمع الوطني (اليمين المتطرف)، وهو ما يشكل صدمة وجودية بالنسبة ليمين الوسط، على حد وصف "التليغراف".
وتشير استطلاعات رأي جديدة إلى أن الناخبين الفرنسيين ذوي الميول اليمينية يوافقون على الرأي القائل بأن الأحداث تجاوزت يمين الوسط، وربما أصبح جزءاً من الماضي.