شهدت واردات الأسلحة الأوروبية ارتفاعًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، فبين الفترتين 2015-2019 و2020-2024، ارتفعت بنسبة 155%، وفقًا لبيانات جديدة حول عمليات تصدير الأسلحة نُشرت من قبل معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI).
وأوضح المعهد أنه على مدى السنوات الخمس الماضية، أصبحت أوروبا المنطقة الثانية في العالم التي استوردت أكبر عدد من الأسلحة: 28% من إجمالي الواردات بين عامي 2020 و2024، وهذا الاتجاه تأثر إلى حد كبير بالحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في 24 فبراير 2022.
ويقول ماثيو جورج، مدير برنامج نقل الأسلحة في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام إن "البيانات الجديدة بشأن عمليات نقل الأسلحة تعكس بوضوح اتجاهًا مستمرًا نحو إعادة التسليح من جانب الدول الأوروبية في مواجهة التهديد الروسي".
ويشير التقرير إلى أن إعادة التسلح هذه استفادت منها الولايات المتحدة إلى حد كبير، حيث تمثل أسلحتها 64% من المعدات العسكرية التي استوردتها الدول الأوروبية في السنوات الأخيرة، مقارنة بـ 52% خلال الفترة السابقة.
وضع معقد لأوروبا
لكن السؤال الذي يطرح نفسه في ظل هذا الارتفاع في التسلح، إذا لم تتحرك الولايات المتحدة لمساعدة حلفائها في الناتو هل يستطيع الأوربيون الصمود حال تعرضهم لهجوم روسي؟
بحسب مسؤولين عسكريين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم لمجلة "بلومبرغ" يمكن أن يصبح الوضع معقدًا للغاية بالنسبة لأوروبا في حال وقوع هجوم روسي. ففي ظل غياب القوات والدفاعات الجوية والذخائر، فإن دفاعات الخطوط الأمامية في أوروبا لن تنجح في صد روسيا إلا لبضعة أسابيع في أفضل الأحوال.
وسلط الخبراء الضوء على العديد من أوجه القصور، كقلة الجنود على مدى السنوات الثلاثين الماضية، حيث خفضت الدول الأعضاء الرئيسة قواتها بنحو 50%، ليصل عدد العسكريين النشطين اليوم إلى ما يقرب من 1.7 مليون فرد.
كذلك نقص المواد، إذ على سبيل المثال تملك الولايات المتحدة 17 طائرة متطورة مجهزة بمعدات قادرة على اكتشاف رادارات العدو وأجهزة الراديو والاتصالات، بينما يوجد في المملكة المتحدة ثلاثة فقط، كذلك قد تشكل الأمور اللوجستية بعض المشاكل.
ويرى الخبراء أن استبدال كل الدعم الأمريكي اللوجستي قد يستغرق أكثر من خمس سنوات بالنسبة للاتحاد الأوروبي.
أوروبا أقل استعدادا
من جهته يقول المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية إن أوروبا، التي لا تشارك في صراع مسلح، تواجه خطر أن تصبح أقل فعالية في مواجهة الجيش الروسي الذي تم تعبئته منذ ثلاث سنوات.
أما بالنسبة للمعدات العسكرية الأوروبية، فقد تكون عرضة لبعض التعقيدات أو القيود، فبينما تكمن قوة أوروبا في تجميع القوات، لكن ليس كلها تستخدم نفس المعدات وليست كلها متوافقة، كما يشير موقع " Sudinfo ".
ومن بين المخاوف الأخرى التي قد تواجهها أوروبا القيود التي تفرضها الدول الموردة للمعدات العسكرية، مثل الولايات المتحدة. وقد تخضع مبيعات الأسلحة لشروط الاستخدام؛ ما يحد من قوة الترسانة الأوروبية.
الاضطرابات النووية
وسيكون تخلي الولايات المتحدة عن أوروبا مقلق للغاية ففي الواقع، تمتلك كل من موسكو وواشنطن ترسانة نووية كبيرة (أكثر من 5000 رأس حربي لكل منهما) وهي أكبر بعشر مرات من الترسانتين البريطانية والفرنسية مجتمعتين، وفق ما يؤكد الصحفيان ماثياس بينجويلي وكليمنت دانييز بمجلة "لاكسبريس" الفرنسية.
ويؤكد الصحفيان أنه في الوقت الحاضر، تعتمد حماية القارة الأوروبية جزئيًا على ترسانات هاتين الدولتين العضوين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولكنها تعتمد أيضًا على عدد معين من قواعد حلف شمال الأطلسي التي تضم القاذفات الجوية الأمريكية.
ومن خلال ترك حلفائه، قد يقرر ترامب الانسحاب من هذه القواعد ومن ثم فإن الخلل النووي في أوروبا سيصبح أكثر وضوحًا من أي وقت مضى.
لكن الأمر المؤكد هو أن أوروبا تستعد لذلك، حيث أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، مؤخرًا عن خطة استثنائية بقيمة 800 مليار يورو مخصصة للدفاع عن الدول الـ27 بالاتحاد، أطلق عليها اسم "إعادة تسليح أوروبا". بيد أنه في الوقت الحاضر، لا تزال الخطوط العريضة الدقيقة لهذه الخطة غير مؤكدة.