يثير سحب الولايات المتحدة الأمريكية لقواتها من النيجر وتسليم قاعدة أغاديز الاستراتيجية تساؤلات حول تداعيات ذلك على نفوذ واشنطن العسكري في منطقة الساحل الأفريقي.
وتسعى الولايات المتحدة منذ عدة أشهر لإعادة تنظيم قواتها وتموضعها في هذه المنطقة، لكن دون الإعلان عن خطط واضحة، في وقت يشهد فيه النفوذ الروسي توسعًا في دول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد.
وتعبر الإدارة الأمريكية عن مخاوفها بشأن تداعيات الانسحابات المتتالية من الساحل الأفريقي، فقد سبق أن قال قائد "أفريكوم"، الجنرال ميشيل لانجلي، إن "فقدان القواعد الأمريكية في الساحل سيقلل من قدراتنا على المراقبة والتحذير، بما في ذلك القيام بالمهام الدفاعية انطلاقًا من هذه القواعد".
وأشارت تقارير غربية إلى أن الولايات المتحدة تفكر في إقامة قاعدة عسكرية جديدة في دول مثل غانا أو ساحل العاج أو بنين لتعويض خسارة قاعدة أغاديز، التي كانت تتيح لواشنطن مراقبة تحركات الجماعات المسلحة.
وفي هذا السياق، قال الخبير العسكري المتخصص في الشؤون الأفريقية، عمرو ديالو، إن "من الواضح أن الإدارة الأمريكية استقرت على ساحل العاج، حيث أُعلن عن اتفاقيات عسكرية معها، وأعلن رئيس ساحل العاج، الحسن واتارا، عن إقامة قاعدة عسكرية أمريكية في بلاده".
وأضاف ديالو في تصريح خاص لـ "إرم نيوز": "الشيطان يكمن في التفاصيل، حيث لم يذكر واتارا ولا الجانب الأمريكي حجم القوات التي ستوجَد في القاعدة المرتقبة، ولا المعدات العسكرية التي سيتم جلبها، ولا المدة الزمنية التي ستظل فيها الولايات المتحدة محتفظة بهذه القاعدة".
وأوضح أن "قاعدة أغاديز لا يمكن تعويضها بسهولة، نظرًا لعدة عوامل، أبرزها أنها كانت تمنح الولايات المتحدة حرية التنقل لطائراتها المسيرة، مما يسهل مراقبة نشاط الجماعات الإرهابية. كما أن النيجر تقع في قلب الساحل الأفريقي، بينما ساحل العاج تحدها فقط مالي وبوركينا فاسو".
تعد ساحل العاج مثالًا يُشاد به من قبل المسؤولين الغربيين، حيث يسودها الاستقرار رغم الاضطرابات التي تعرفها المنطقة والنشاط المكثف للجماعات المسلحة.
وقال المحلل السياسي محمد الحاج عثمان: "هناك غموض في طريقة التعامل الأمريكية مع إعادة الانتشار الجديد في منطقة غرب أفريقيا، حيث اكتفت واشنطن بالصمت، ولم تعلن بعد عن خطوات فعلية لإقامة قاعدة جوية في ساحل العاج، ما يفتح الباب أمام العديد من التأويلات".
وأرجع الحاج عثمان في تصريح خاص لـ "إرم نيوز" "هذا الغموض إلى محاولة أمريكية لإيجاد وصفة سحرية لمواجهة التمدد الروسي في المنطقة، ولكن ليس لدى واشنطن الآن أي خطط مدروسة لذلك".
ويرى أن "الولايات المتحدة وفرنسا والقوى الغربية الأخرى لا تزال تعاني مأزقاً كبيراً لأنها لم تستوعب بعد حجم التغييرات السياسية والعسكرية التي يشهدها غرب أفريقيا".