رئيس الموساد يعتبر أن على إسرائيل "ضمان" عدم استئناف إيران لبرنامجها النووي

logo
العالم

السباق النووي الثلاثي.. بكين تُربك واشنطن وتمنع بوتين من "الزر الأحمر"

الصواريخ النووية الروسية DF-5Cالمصدر: غيتي إيمجز

في سباق نووي ثلاثي تزداد وتيرته بين واشنطن وموسكو وبكين، كانت الصين اللاعب الأكثر هدوءًا، والأكثر إرباكًا.

كما فتح توسّعها النووي السريع جبهة جديدة في حسابات الكرملين، وقيّد اندفاعه نحو التهديد باستخدام السلاح النووي في أوكرانيا، بعدما أدرك أن الردع لم يعد معادلة ثنائية مع واشنطن فقط.

ويرى المؤرخ الأوكراني سيرهي بلوخي، صاحب كتاب "العصر النووي"، أن الصين أصبحت لاعبًا حاسمًا في ضبط اندفاع روسيا نحو التصعيد، ويقول: "الصين مترددة للغاية في لعبة حافة الهاوية النووية، وهذا وحده له تأثير مهدئ على روسيا"، بحسب مجلة "نيوزويك".

فبينما تحافظ بكين على حيادٍ معلَن تجاه حرب أوكرانيا، فإنها بقيت شريانًا اقتصاديًا أساسيًا لموسكو منذ فبراير 2022، وارتفعت التجارة الثنائية إلى مستويات غير مسبوقة.

أخبار ذات علاقة

تجهيز صاروخ أمريكي قادر على حمل رؤوس نووية لأغراض تدريبية

سباق نووي يلوح في الأفق.. لغة السلام "تتعثر" بين واشنطن وموسكو

ومع ذلك، تُدرك القيادة الصينية أن أي كسر للمحرّمات النووية سيقلب بيئة الأمن الاستراتيجي في آسيا رأسًا على عقب، وربما يقوّض طموحاتها الكبرى على المسرح الدولي. 

ولذلك، تكهنت تقارير عديدة، أيّدها لاحقًا وزير الخارجية الأمريكي السابق أنتوني بلينكن، بأن الرئيس شي جين بينغ حذّر بوتين من اللجوء إلى السلاح النووي.

متحدث السفارة الصينية في واشنطن أكّد لـ"نيوزويك" التزام بلاده بمبدأ عدم الاستخدام الأول للأسلحة النووية، والحفاظ على الحد الأدنى من الردع. وفي الوقت نفسه، تعمل بكين على توسيع ترسانتها بوتيرة هي الأسرع بين القوى النووية الخمس المعترف بها.

رسائل ردع واضحة

رغم أن المحللين يجمعون على أن الأسلحة النووية التكتيكية لن تمنح موسكو ميزة حاسمة في أوكرانيا، فإن تهديدات روسيا في عام 2022 أطلقت موجات قلق حقيقية في واشنطن. 

وتحدث مدير وكالة الاستخبارات المركزية حينها، بيل بيرنز، عن "خطر حقيقي" من تجاوز روسيا خطوطًا نووية حمراء.

لكن بلوخي يرى أن الغرب وقع ضحية "خدعة نووية" روسية، مؤكدًا أن إدارة بايدن بالغت في تقدير احتمال استخدام موسكو للسلاح النووي.

أخبار ذات علاقة

الغواصة الروسية

بعد إطلاق الغواصة "خاباروفسك".. هل تدخل روسيا في سباق نووي جديد مع الغرب؟

مغامرة موسكو

ومع ذلك، تُراقب الصين هذا السلوك بقلق. تونغ تشاو، الباحث في برنامج السياسة النووية في مؤسسة كارنيغي، يقول إن بكين تعتبر أن موسكو "مغامِرة أكثر مما يسمح به نطاق الأمان الصيني". 

ويضيف: "الصين لا تثق بقدرة روسيا على اتخاذ القرارات في الأزمات، وغالبًا ما ترى Kremlin يتصرف باندفاع استراتيجي يهدد الاستقرار الإقليمي".

تيموثي هيث، الباحث البارز في مؤسسة راند، يذهب أبعد من ذلك، فمن وجهة نظر الصين، استخدام السلاح النووي لا يُبرَّر إلا في حال التعرّض لهجوم نووي وشيك، وهو أمر لا ينطبق على روسيا. 

فموسكو ليست مهددة وجوديًا، ولا تواجه حربًا مباشرة مع الناتو، كما أن أوكرانيا تخلّت عن سلاحها النووي بموجب مذكرة بودابست.

بكين، التي أعادت مؤخراً التأكيد على مبدأ "عدم الاستخدام أولاً" في استعراض يوم النصر، تُدرك أن صراعًا نوويًا، حتى لو أجّجته دولة أخرى، سيفرض عليها التورط الاستراتيجي والاقتصادي، ويعطّل صعودها الهادئ في النظام الدولي. 

ومن هنا، فإن توسع الترسانة الصينية ليس دعوة للمواجهة، بل محاولة لردع الآخرين وضبط سلوك الحلفاء الخصوم في آنٍ واحد.

ترسانة صينية متنامية

في منشور على "تروث سوشيال"، اعتبر ترامب أن الصين "في المرتبة الثالثة بفارق كبير" في سباق التسلح النووي، لكنه توقّع أن تصل إلى مستوى الولايات المتحدة وروسيا خلال خمس سنوات. 

هذا التوقع يتقاطع مع الخطة الخمسية للحزب الشيوعي، التي أعلنت في أكتوبر الماضي نيتها سدّ الفجوة النووية تدريجيًا.

ووفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، تمتلك بكين نحو 600 رأس نووي، وتضيف ما يقرب من 100 رأس سنويًا منذ 2023. 

أخبار ذات علاقة

باحثو وكالة ناسا يستكشفون إمكانية إنشاء مفاعلات نووية صغيرة على القمر

سباق نووي على القمر.. واشنطن تُسرّع الخُطى لمواجهة تحالف بكين وموسكو

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة وروسيا تحتفظان بمخزون يفوق 5000 رأس لكل منهما، تشير تقديرات البنتاغون إلى إمكانية تجاوز الصين حاجز الـ1000 رأس نووي بحلول 2030.

هذا التوسع السريع تزامن مع كشف بكين عن حقول صواريخ جديدة، إضافة إلى أنظمة مزدوجة القدرات مثل DF-26، وصواريخ بعيدة المدى مثل DF-5C. 

وهو ما اعتبره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أكبر إفصاح صيني عن قدراته النووية منذ عقود.

الاختلاف الجوهري بين دوافع موسكو وبكين يشرحه ريان بروبست من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: "روسيا تريد قلب النظام العالمي، بينما تسعى الصين للسيطرة عليه؛ ولهذا تبدو بكين أكثر حذرًا في التعامل مع السلاح النووي".

زعزعة للاستقرار

فالصين، على عكس روسيا، ترى أن الاستخدام النووي زعزعة للاستقرار، لا وسيلة لاستعادة المبادرة.

لكن قرار ترامب الأخير بتوجيه وزارة الحرب لاستئناف الاختبارات النووية، رغم عدم وضوح شكلها، قد يشعل سباقًا جديدًا. 

وفي حال استأنفت واشنطن التجارب، يتوقع محللون أن تحذو روسيا والصين حذوها، مما يهدّد بإعادة العالم إلى أجواء الحرب الباردة.

وبرغم أن الشراكة الروسية الصينية تُصوَّر اليوم على أنها "بلا حدود"، فإن الماضي يذكّر بأن الخصومة التاريخية لا تزال كامنة؛ فقبل عقد واحد فقط، كانت روسيا تُجري سيناريوهات حرب نووية ضد الصين، وفق وثائق مسرّبة في 2024.

ويختتم بلوخي: "الصين، خلال العقد المقبل على الأقل، تمثل قوة إيجابية في ما يتعلق بمنع الاستخدام النووي. لكنها قوة إيجابية بدافع مصالحها، لا بدافع الإيثار".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC