رئيس وزراء أستراليا: الحكومة ستتبنى إصلاحات للقضاء على الكراهية والتطرف
أطل شبح الحرب الباردة برأسه من جديد، بينما لم تخمد نيران الحرب في أوكرانيا بعد، لكن هذه المرة في شكل "سباق نووي" تتصدره واشنطن وموسكو.
فبعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نيته إجراء اختبارات نووية جديدة "لمجاراة روسيا والصين"، جاء الرد الروسي حادًا من الرئيس فلاديمير بوتين، الذي توعد بأن موسكو ستجري تجارب مماثلة إذا أقدمت أي قوة نووية على ذلك.
وفي نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أصدر ترامب توجيهاته للبنتاغون ببدء اختبارات نووية تضمن ما سماه "التكافؤ الاستراتيجي" مع روسيا والصين، قبيل لقائه بالرئيس الصيني شي جين بينغ في كوريا الجنوبية.
ولم تمضِ أيام حتى جاء الرد من الكرملين، إذ أمر بوتين كبار مسؤوليه بصياغة مقترحات لاستئناف التجارب النووية، موجهًا وزارتي الدفاع والخارجية والأجهزة الاستخباراتية لإعداد خطة متكاملة لإعادة تفعيل موقع "نوفايا زيمليا" في القطب الشمالي، الذي كان أحد رموز سباق التسلح إبان الحقبة السوفييتية.
وقال وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف إن الإجراءات الأمريكية الأخيرة تجعل من "المستحسن الاستعداد لإجراء تجارب نووية واسعة النطاق"، مؤكدًا أن البنية التحتية الروسية جاهزة لذلك خلال فترة وجيزة.
في المقابل، نفت بكين تورطها في أي اختبارات من هذا النوع، مؤكدة التزامها بسياسة عدم استخدام السلاح النووي أولاً وداعية واشنطن إلى احترام تعهداتها في معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية.
وتمتلك روسيا نحو 5580 رأسًا نوويًّا، والولايات المتحدة بـ5225 رأسًا، وضاعفت الصين قدراتها لتصل إلى نحو 600 سلاح نووي وهو ما يعيد إلى الأذهان ملامح سباق التسلح في النصف الثاني من القرن الـ20.
ويرى الخبراء، أن توجيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإجراء اختبارات نووية جديدة ورد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتهديدات مباشرة بالرد يمثلان تحول خطير في ميزان القوى العالمية.
وأشار الخبراء أن هذا التصعيد يكسر توازن الردع الذي حفظ الاستقرار الدولي منذ الحرب الباردة، ويكشف عن مرحلة جديدة من التنافس النووي والعسكري بين واشنطن وموسكو وبكين.
وأضاف الخبراء أن الحديث عن التجارب النووية يوجه ضربة قوية لفرص السلام في أوكرانيا، فحين تتحول لغة التفاوض إلى لغة التهديد النووي، تتراجع الدبلوماسية إلى الخلف.
في البداية، أكد ديميتري بريجع، مدير "وحدة الدراسات الروسية" في "مركز الدراسات العربية الأوراسية"، أن التوجيه الأخير من ترامب بإجراء اختبارات نووية جديدة لمجاراة روسيا والصين، ورد الرئيس فلاديمير بوتين بتهديد واضح بالرد على أي تجربة نووية أمريكية، يمثل مرحلة جديدة وخطيرة من التصعيد الاستراتيجي في النظام الدولي تتجاوز حدود الحرب الأوكرانية الروسية.
وأشار بريجع، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هذا التحول لا يمكن النظر إليه كحدث منفصل بل كجزء من عملية إعادة تشكيل موازين القوى العالمية، حيث تتنافس القوى الكبرى في الميدان العسكري التقليدي وفي مجال الردع النووي والهيمنة التكنولوجية.
وأضاف أن عودة الحديث عن التجارب النووية تعني انهيارًا ضمنيًّا لإحدى أهم قواعد الاستقرار التي حافظت على توازن الرعب طوال العقود الماضية.
وتابع: "العالم، منذ توقيع معاهدة حظر التجارب النووية الشاملة عام 1996، عاش في ظل تفاهم غير مكتوب مفاده أن اختبار السلاح النووي لم يعد أداة سياسية مشروعة، بل تصرف خطير يهدد السلم العالمي".
وأشار إلى أن توجيهات ترامب تكسر هذا التفاهم وتعيد فكرة الردع عبر الاستعراض إلى واجهة المشهد، مما سيدفع روسيا والصين وربما دول أخرى إلى اتخاذ خطوات مماثلة حفاظاً على هيبتها النووية، وهو ما يشكّل الخطر الحقيقي في سباق جديد قائم على من يمتلك القدرة على التلويح بالسلاح الأكثر تدمير لا من يمتلك الرؤية السياسية الأشمل.
وأكد بريجع أن هذا التصعيد يوجه ضربة مباشرة لأي أمل واقعي في استئناف المفاوضات حول السلام في أوكرانيا، فحين تتحدث واشنطن وموسكو بلغة التهديد النووي، تتراجع لغة الدبلوماسية إلى الخلف، ويصبح الطرفان أكثر تصلباً، وكل تنازل يبدو وكأنه ضعف يمكن استغلاله.
من جانبه، قال د. نزار بوش، أستاذ العلوم السياسية بجامعة موسكو، إن روسيا منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 لم تُجرِ أي اختبار أو تفجير نووي على الإطلاق"، وحتى إنها لم تُجرِ من عام 1991 إلى عام 2000 أي تجارب على الصواريخ الباليستية، في حين أجرت الولايات المتحدة العديد من التجارب النووية وتجارب الصواريخ.
وأضاف، لـ"إرم نيوز"، أن روسيا، عندما أدركت الخطر الذي يهددها نتيجة توسع حلف الناتو ووصوله إلى حدودها، كان لا بد لها من العمل على تطوير منظومة الصواريخ والدفاع الجوي، حتى وصلت إلى منظومة "إس-400"، وهناك حديث عن منظومة أحدث هي "إس-500"، وذلك من أجل حماية أراضيها.
وأوضح أن الولايات المتحدة هي التي بدأت سلسلة الانسحابات من الاتفاقيات والمعاهدات المشتركة مع روسيا، مثل اتفاقية «السماوات المفتوحة» ومعاهدة «ستارت»، مشيراً إلى أن موسكو لم تكن البادئة بهذه الانسحابات، بل إن واشنطن هي من سعت إلى «لي ذراع موسكو» عبر محاولات الاحتواء والتأثير الاقتصادي والعسكري.
وأشار إلى أن كل تلك الإجراءات لم تنجح في كسر روسيا اقتصاديًّا أو عسكريًّا، رغم ما واجهته من أزمات حادة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، لكنها منذ عام 2010 بدأت تتعافى تدريجيًّا حتى أصبح اقتصادها أكثر قوة واستقرارًا.
ورأى أن ما أعلنه ترامب من استعداد بلاده لإجراء تجارب نووية يُعد «خطوة خطيرة جدًّا»، ما استدعى ردًّا روسيًّا واضحًا. وأوضح أن اجتماع مجلس الأمن الروسي الأخير شهد توجيهات من بوتين بجمع المعلومات الاستخباراتية ودراسة ما تحضّره الولايات المتحدة استعدادًا لأي رد روسي محتمل.
ولفت إلى أن بوتين منح الضوء الأخضر للاستعداد لإجراء التجارب الروسية إذا اقتضت الضرورة، مشيرًا إلى أن «البنية التحتية الروسية جاهزة بالفعل لذلك»، بعكس الولايات المتحدة التي تحتاج من عام إلى عامين لتهيئة منشآتها لإجراء مثل هذه التجارب.
وأكد بوش أن روسيا تبدو مستعدة لكل هذه الخطوات في إطار الرد على التصريحات الأمريكية الأخيرة، لافتًا إلى أن هذه التطورات ستنعكس بلا شك على مجريات الحرب في أوكرانيا وعلى الموقف العسكري الروسي هناك.
وأضاف أن موسكو ترى أن الغرب يسعى لاستفزازها من خلال الإجراءات العدائية ونشر الأسلحة في دول مجاورة مثل بولندا، وربما عبر نشر أسلحة نووية في حدودها مع فنلندا، محذرًا من أن «هذه الخطوات ستكون في غاية الخطورة وستقابل برد روسي حازم».
وأوضح أن روسيا بدأت بالفعل بتصعيد عملياتها العسكرية في أوكرانيا، حيث تحاصر بعض المقاطعات بشكل شبه كامل مثل خاركوف ولوغانسك، وتوجه ضربات مدمرة لقطاع الطاقة الأوكراني، إلى جانب استهداف شحنات المساعدات العسكرية التي تدخل الأراضي الأوكرانية.
وأشار إلى أن الجيش الروسي يستخدم حاليًّا صواريخ متطورة من طراز «كينجال» و«إسكندر»، وهي أسرع من الصوت بعشر مرات، ولا تستطيع منظومات «باتريوت» الأمريكية اعتراضها أو إسقاطها، موضحًا أن هذا التصعيد يأتي ردًّا على الخطوات الغربية، وخاصة تزويد أوكرانيا بأسلحة جديدة مثل صواريخ «توماهوك».
ورأى بوش أن فرص السلام حتى الآن «تبدو بعيدة المنال»، إذ لا توجد أي بوادر لانفراج في هذا النفق المظلم، مشددًا على أن روسيا لن تتنازل عن أهداف عمليتها العسكرية التي بدأت عام 2022، ولن تتراجع عن الأراضي التي ضمتها مثل زابوروجيا وخيرسون ولوغانسك ودونيتسك.