ما زال شبح الضربة الإسرائيلية للعراق يخيم على الأجواء، رغم محاولات بغداد الحثيثة لتجنيب البلاد تبعات التصعيد في المنطقة.
وخلال الأيام الماضية كثف العراق حراكه الدبلوماسي الخارجي بعد تهديدات إسرائيلية باستهداف البنى التحتية للبلاد فضلاً عن استهداف قوى "الحشد الشعبي" وقيادات سياسية مرتبطة بالفصائل المسلحة.
ورغم تمكن العراق من حشد الجامعة العربية وإدانتها محاولات إسرائيل توسيع الحرب في الشرق الأوسط بما في ذلك في العراق، إلى جانب مواقف مشابهة من عدة دول أجنبية، فإن مراقبين للشأن الأمني والسياسي يرون أن الضربة الإسرائيلية على العراق آتية، إلا إذا كان لدى الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، خيارات أخرى.
وقالت الأكاديمية والخبيرة في الشأن الأمريكي، مريم الغانمي، لـ "إرم نيوز"، إن "المتوقع أن تكون الضربة الإسرائيلية للعراق حتمية، وفق المعطيات على الأرض، والتحشيد الإسرائيلي الإعلامي تجاه التلويح بالهجوم في القريب العاجل، وفقاً لما تتناوله وسائل الإعلام الإسرائيلية، وتصريحات مسؤولين وقيادات عسكرية إسرائيلية".
واستدركت الغانمي بالقول: "في السياسة العالمية هناك محددات تخضع لها الدول، حتى إسرائيل، رغم ضربها كل القوانين بعرض الحائط؛ إذ إن واشنطن يمكن اعتبارها المؤثر الوحيد على تل أبيب، وهذا ما ستحدده سياسة الرئيس ترامب تجاه العراق بشكل خاص وما يجري في المنطقة عموماً".
وكانت وزارة الخارجية العراقية وجهت رسائل رسمية إلى مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة، والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، رداً على تهديدات إسرائيل بقصف العراق.
وأكدت الوزارة أن "العراق يعد ركيزة للاستقرار في محيطه الإقليمي والدولي، ومن بين الدول الأكثر التزاماً بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، محذرة من "سياسة إسرائيلية ممنهجة لخلق مزاعم وذرائع بهدف توسيع رقعة الصراع في المنطقة".
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، تقدم في 18 من تشرين الثاني الحالي، برسالة إلى مجلس الأمن الدولي طالب فيها باتخاذ إجراءات فورية بشأن نشاط الفصائل العراقية، التي تستخدم أراضيها لمهاجمة إسرائيل، وحمّل فيها الحكومة العراقية مسؤولية كل ما يحدث على أراضيها وأكد أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها لحماية مواطنيها.
ومن جهتها دعت وزارة الخارجية العراقية المجتمع الدولي، لـ "التدخل ووقف السلوكيات العدوانية، التي تشكل انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي".
المحلل السياسي، جعفر الحسيني، قال إن "العراق خاض حراكاً واسعاً بهدف إقناع الدول الكبرى المؤثرة بالمزيد من الضغط على إسرائيل لتلافي الضربة على العراق، ومنها واشنطن".
وأشار، في تصريح لـ "إرم نيوز"، إلى مطالب عراقية متكررة أثمرت أخيرا عن "استجابة إدارة بايدن ووضع فيتو على ضرب العراق".
واستدرك الحسيني بالقول: "هذا الفيتو إما أن يتعزز مع وصول ترامب، أو أن يحدث العكس إذا تمكنت إسرائيل من إقناعه بتأييد الضربة الإسرائيلية على العراق، خصوصاً أن حجة إسرائيل هي استهداف أذرع إيران في المنطقة، وهذا ما سيقرره ترامب وحده".
وذكر الحسيني، المقرب من مكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أن "الحكومة أبدت خطوة استباقية إيجابية من خلال اتصال السوداني بالرئيس ترامب وتهنئته، وكان حديث ترامب عن الشراكة الاقتصادية وغيرها مطمئناً إلى حد ما بأنه يريد استمرار الدعم والشراكة الاستراتيجية مع العراق".
وبطلب من العراق، عقدت الجامعة العربية اجتماعاً عاجلاً، الأحد الماضي، وأصدرت قراراً أدان مخاطبة إسرائيل لمجلس الأمن، معتبراً ذلك خطوة لتوسيع العدوان في منطقة الشرق الأوسط.
ومن جهتها، دعت لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة إلى توفير الحماية اللازمة للعراق وفق الاتفاقيات الأمنية الموقعة بين الطرفين.
وقال عضو اللجنة، علاوي البنداوي، لـ "إرم نيوز"، إن "العراق والتحالف الدولي بقيادة واشنطن وقعا العديد من الاتفاقيات الأمنية، التي تحتم حماية العراق من أي اعتداءات خارجية، خصوصاً ما يتعلق بالأجواء العراقية التي يجب عليها حمايتها مع وجود طيران التحالف في أجوائنا".
وأضاف أن "إسرائيل ما زالت تهدد العراق وتلوح باستهدافه، لذا تحركت الحكومة باتجاه الدبلوماسية الدولية، بهدف تحشيد المجتمع الدولي للوقوف بوجه إسرائيل"، داعياً "الحكومة لشراء منظومات الدفاع الجوي المتطورة بشكل عاجل لحماية أجواء البلاد".
وكان العراق قد تلقى إشعاراً من الولايات المتحدة بأنها استنفدت كل أوراق الضغط على إسرائيل لمنعها من استهداف العراق، في وقت بدأت فيه وسائل الإعلام الإسرائيلية تكثيف موادها الإعلامية التي تشير فيها لقرب استهداف الفصائل والميليشيات المسلحة الموالية لإيران وتوسيع دائرة الحرب.
وكانت مصادر خاصة كشفت، الأربعاء الماضي، لـ "إرم نيوز"، عن قرار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مواجهة الفصائل والميليشيات المسلحة التي تستهدف المصالح الأمريكية وأهدافا إسرائيلية، في وقت دخلت فيه القوة الجوية والدفاع الجوي العراقي حالة "الإنذار القصوى".
وكان وزير الخارجية العراقي كشف، الجمعة الماضي، عن تلقي العراق تهديدات مباشرة و"واضحة" من إسرائيل، مؤكدًا أن الحكومة العراقية لا تريد الحرب وأن سياستها إبعاد التصعيد عن البلاد.