كشف دبلوماسي أوروبي أن "السخط يتزايد" مع فقدان المسؤولين في دول الاتحاد صبرهم بسبب النهج التصعيدي الذي يتخذه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في غزة، ومشاهدتهم منعطفا مظلما آخر في الحرب والحصار الذي استمر قرابة 3 أشهر على الغذاء والدواء.
وأضاف الدبلوماسبي الذي لم يكشف عن اسمه لصحيفة "واشنطن بوست"، أن المسؤولين الأوروبيين وأيضا المواطنين: "يستمرون في رؤية هذه الصور المروعة من غزة. لقد وصلنا إلى أقصى ما نستطيع تحمله. وهذا، في رأيي، مؤشر على شعور أوسع نطاقا في جميع أنحاء أوروبا".
وأكد مسؤول أوروبي للصحيفة الأمريكية، أنهم يُطلعون نظراءهم الأمريكيين بانتظام على القرارات المتعلقة بإسرائيل، ولكن الطرفين لم يتفقا على النهج المُتبع.
حول ذلك، نقلت الصحيفة وصف مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية رفض الكشف عن اسمه، إدانة الحلفاء الغربيين بأنها "مجرد استعراض للقوة"، وعلق على قرار بريطانيا الأسبوع الماضي بتعليق محادثات اتفاقية تجارية جديدة مع إسرائيل بأنه "مخيب للآمال للغاية".
وأبرز "التوبيخ النادر" الذي وجهته ألمانيا لإسرائيل هذا الأسبوع استعداد أوروبا المتزايد للضغط على حكومة نتنياهو بسبب حصارها وقصفها لقطاع غزة، وهو ما يختبر مدى تسامح بعض أقوى حلفاء إسرائيل، بحسب تقرير الصحيفة.
وبعد المجازر الإسرائيلية في غزة، صرّح المستشار الألماني فريدريش ميرتس، بأنّ إلحاق الضرر بالمدنيين "لم يعد مُبررا بمحاربة إرهاب حماس" - وهو ما يمثل انحرافًا حادًا في دفاع ألمانيا الشامل عن إسرائيل خلال الحرب، وفق قوله.
وحذّر ميرتس إسرائيل من القيام "بأي شيء لا يقبله أصدقاؤها في مرحلة ما"، وفق قوله.
وأدلى المستشار الألماني بتصريحاته في الوقت الذي بدأ فيه الاتحاد الأوروبي مراجعة علاقاته التجارية مع إسرائيل بعد أكثر من عام ونصف من الحرب. وقادت هولندا، الحليف الوثيق لإسرائيل، الجهود الرامية إلى مراجعة الاتحاد الأوروبي للعلاقات التجارية.
ويوم الثلاثاء، وصفت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، وهي أيضًا مناصرة شرسة لإسرائيل، توسع الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة بأنه "مُشين".
وتدعو بعض دول الاتحاد الأوروبي إلى تعليق كامل للعلاقات التجارية. وتحاول دول أخرى النأي بنفسها عن الصور المروعة التي تظهر من غزة. إلا أن تحركها الجماعي لم يتجاوز بعد مجرد التلويح بالاتهامات، ويقول مسؤولون إن إصدار إجراءات عقابية سيكون أكثر صعوبة وقد يكشف عن انقسامات الاتحاد، بحسب ما جاء في التقرير.
من جهته، قال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، الذي كانت بلاده من أشد منتقدي حرب إسرائيل في غزة وشاركت في قيادة اقتراح العام الماضي، صحيفة واشنطن بوست: "كان على بعض الدول أن ترى... أمورًا تتنافى حتى مع أبسط معاني الإنسانية: منع الطعام عن المدنيين، ورؤية صور الأطفال الرُضّع المروعة".
وأضاف ألباريس: "العنصر الثاني هو أننا نرى أن حكومة إسرائيل لا ترغب في استخدام الدبلوماسية".
وبحسب، مديرة معهد الشؤون الدولية في روما، ناتالي توتشي، فإن الهجوم العسكري الإسرائيلي، وارتفاع عدد القتلى، والمجاعة، أصبحت أمورًا "مبالغًا فيها" لدرجة يصعب على القادة الأوروبيين ربطها بهم أو غض الطرف عنها.
وأردفت: "ثم هناك بالطبع خطة صريحة لإعادة احتلال غزة، وطرد جماعي؛ هناك تأثير تراكمي".
ولفتت توتشي إلى أن دعوات المسؤولين الإسرائيليين لإجبار سكان غزة على النزوح، وخطة حكومة نتنياهو للسيطرة الدائمة على معظم القطاع الفلسطيني، جعلت استمرار تأييد أوروبا للحرب غير مقبول، وحلفاء إسرائيل يشعرون بالاشمئزاز، على حد تعبيرها.
في الإطار ذاته، انتقد مسؤولون من الاتحاد الأوروبي الترتيبات التي اتخذتها إسرائيل لتوزيع المساعدات من خلال منظمة خاصة لها علاقات بالحكومتين الإسرائيلية والأمريكية والتي تتجاوز الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة - وهو النظام الذي شبهه مسؤولو المساعدات بشكل من أشكال التحكم في السكان.
ورغم أن الولايات المتحدة تعد الداعم العسكري الأكبر لإسرائيل بلا منازع، إلا أن الأوروبيين يتمتعون بنفوذ كبير ترددوا في استخدامه، فبحسب التقرير، يعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل، وألمانيا هي ثاني أكبر مورد لها بالأسلحة.
