وصفت الخارجية الأمريكية انتقاد الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية لجهود الإغاثة المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل في غزة بأنها "نفاق"، ما يثير التساؤلات حول أسباب سعي واشنطن وتل أبيب للهيمنة على إدخال المساعدات لغزة.
ووصفت الأمم المتحدة مشاهد الآلاف من سكان القطاع وهم يندفعون نحو مركز لتوزيع المساعدات جنوب القطاع بـ"المؤلمة"، فيما قالت وزارة الخارجية الأمريكية: "المسألة هنا تتعلق بتقديم المساعدات إلى غزة، وتحولت فجأة لشكاوى حول أسلوب أو طبيعة القائمين عليها، وهذا قمة النفاق".
وبدأت شركة أمريكية منذ أمس الثلاثاء، بتوزيع طرود غذائية على سكان المواصي في جنوبي القطاع، من خلال نقطة توزيع أنشأها الجيش الإسرائيلي، بزعم أن الآلية تحول دون وصول المساعدات لحركة حماس.
ويرى الخبير في الشؤون السياسية، أليف صباغ، أن "واشنطن وتل أبيب تعملان من أجل فرض السيطرة الإدارية على قطاع غزة، وسحب البساط من تحت أي جهة فلسطينية أو عربية لإدارة القطاع خلال مرحلة ما بعد الحرب".
وقال صباغ، لـ"إرم نيوز"، إن "السبيل الأمثل لذلك هو التحكم في آلية دخول المساعدات وتوزيعها لسكان القطاع"، مشيرًا إلى أن ذلك يساعد حكومة بنيامين نتنياهو وإدارة دونالد ترامب في تنفيذ مخططاتهم بشأن غزة.
وأضاف "تمهد الآلية الجديدة بشكل رئيس لمخطط الهجرة الطوعية لسكان القطاع، وتضمن إخلاء مناطق الشمال والمناطق الشرقية للقطاع من السكان، وبهذا فرض السيطرة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية على تلك المناطق".
وتابع "الولايات المتحدة في هذه الحالة تتولى المسؤولية الإدارية عن القطاع، وهو الأمر الذي سيقطع الطريق أمام المساعي العربية لترتيب الأوضاع في غزة وتشكيل لجنة لإدارته تحت إشراف السلطة الفلسطينية".
وبين أن "المنظمات الأممية والدولية تقف عائقًا أمام تنفيذ المخططات الأمريكية الإسرائيلية برفضها التعاطي مع الآلية الجديدة"، قائلًا: "تحاول واشنطن بتوجيه انتقادات علنية لتلك المنظمات بدفعها نحو القبول بأن تكون جزءًا من الآلية الجديدة".
ويرى الخبير بالشأن الدولي، باسل منصور، أن "مساعي الولايات المتحدة وإسرائيل للهيمنة على إدخال المساعدات وتوزيعها على سكان غزة تهدف لإعطاء الشرعية لاستمرار الحرب"، مشيرًا إلى أن توزيع المساعدات سيخفف من حدة الانتقادات الدولية لاستمرار القتال.
وقال منصور، لـ"إرم نيوز"، إن "واشنطن وتل أبيب تدركان أن عدم مشاركة المنظمات الأممية في الآلية الجديدة يمثل عقبة كبيرة أمام نجاحها"، لافتًا إلى أن ذلك يدفعهم نحو إحراج تلك المنظمات وتحميلها المسؤولية عن عدم وصول المساعدات للسكان.
وزاد "تحاول الولايات المتحدة إحراج المنظمات الدولية، ورفع أي مسؤولية على إسرائيل بشأن انهيار الوضع الإنساني وتفشي المجاعة بغزة"، مستبعدًا أن ترضخ المنظمات الدولية للضغوط الأمريكية بهذا الشأن.
واستكمل "بتقديري ستفشل الآلية الأمريكية الجديدة وستكون الولايات المتحدة وإسرائيل مضطرتين للقبول باستلام المنظمات التابعة للأمم المتحدة المسؤولية الكاملة عن توزيع المساعدات وتسهيل مهامها، وتجنب وضع أي عقبات"، وفق رأيه.