كشفت تصريحات رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري، عن دخول لبنان مرحلة "جديدة" مختلفة كليا عما كانت عليه قبل الحرب بين إسرائيل وحزب الله.
تصريحات المسؤولين اللبنانيين بعد سريان الهدنة، التي ركزت على تعزيز حضور الجيش اللبناني وإعادة إعمار المناطق المتضررة، تفتح الباب أمام تساؤلات حول طبيعة هذه المرحلة، خاصة في ظل الضربات التي تلقاها حزب الله خلال المعارك الأخيرة، وتأثيرها على دوره في الداخل اللبناني.
تعزيز دور الجيش
أعلن ميقاتي في كلمته أن الحكومة اللبنانية ملتزمة بتطبيق قرار مجلس الأمن 1701 وتعزيز حضور الجيش اللبناني جنوب الليطاني.
هذه الخطوة تُفسر من قبل مراقبين للشأن اللبناني بأنها محاولة لإعادة سيطرة الدولة اللبنانية على المناطق الحدودية مع إسرائيل، بعد سنوات من هيمنة حزب الله على تلك المنطقة.
يقول أحد المحللين السياسيين في بيروت: "تصريحات ميقاتي تعكس توافقًا داخليًا ودوليًا على ضرورة إنهاء دور حزب الله العسكري جنوب البلاد، خصوصًا بعد الضربات العسكرية التي تلقاها الحزب والتي أضعفت منظومته العسكرية بشكل واضح".
مرحلة "اختبار الطوائف اللبنانية"
بدوره، أكد نبيه بري أن لبنان يدخل مرحلة جديدة تتطلب التكاتف الوطني.
حديث بري عن "اختبار الطوائف" يُشير إلى مساعٍ لإعادة ترتيب المشهد السياسي اللبناني بما يتجاوز الانقسامات التقليدية التي استغلها حزب الله في ترسيخ نفوذه.
مصادر مقربة من حركة أمل ترى أن تصريحات بري هي دعوة إلى تحجيم التدخلات المسلحة في السياسة الداخلية، خصوصًا مع تراجع شعبية حزب الله داخليًا بعد الخسائر التي تكبدها في الحرب الأخيرة.
حزب الله.. بين التراجع العسكري والدور السياسي
وفقًا لمصادر لبنانية مطلعة، فإن حزب الله يمر بمرحلة إعادة تقييم لدوره، خاصة مع فقدانه العديد من قياداته العسكرية وتضرر بنيته التحتية.
يقول أحد المراقبين: "رغم الضربات العسكرية، حزب الله سيحاول تعويض ذلك بتعزيز دوره السياسي، مستفيدًا من شبكة تحالفاته داخل البرلمان والحكومة".
لكن هذا المسار قد يواجه تحديات، خاصة مع تزايد الدعوات الداخلية لتقليص نفوذ الحزب وإعادة بناء مؤسسات الدولة بعيدًا عن الهيمنة المسلحة.
وتظهر تصريحات بري الداعية للإسراع في اختيار رئيس للجمهورية، محاولة لاستغلال طبيعة المرحلة الجديدة، التي قد تشهد اضمحلالا للدور السياسي لحزب الله الذي كان معطلا على مدار سنوات اختيار رئيس توافقي للبلاد.
يتفق العديد من المراقبين على أن المرحلة المقبلة قد تحمل تغييرات جذرية في المشهد اللبناني، أبرزها اختيار رئيس توافقي للبلاد.
ورأى المراقبون أن تعزيز حضور الجيش اللبناني يعكس رغبة دولية في استقرار المنطقة الحدودية ومنع تحول جنوب لبنان إلى ساحة صراع دائم.
كما أن تحجيم دور حزب الله العسكري مع الالتزام بتنفيذ قرار 1701، يظهر توجهًا لإعادة هيكلة النفوذ العسكري في الجنوب لصالح الجيش اللبناني.
ويشكل ملف إعادة الإعمار وعودة النازحين، أولوية للحكومة اللبنانية، وهو ما يتطلب دعمًا دوليًا وإجماعًا داخليًا.