تصاعدت الخلافات بين قائد قوات بورتسودان، عبد الفتاح البرهان، وقيادات الحركة الإسلامية، بعد قرارات مفاجئة تضمنت الاستغناء عن خدمات عدد كبير من الضباط المنتمين للحركة.
وكشفت وسائل إعلام سودانية أمس، عن محاولة للانقلاب على البرهان، مشيرة إلى أنها أتت على خلفية تلك القرارات التي مسّت عدداً كبيراً من ضباط الحركة الإسلامية بينهم اللواء نصر الدين عبد الفتاح، قائد سلاح المدرعات السابق.
وفي ظل أنباء عن انفراط تحالفه مع الكتائب الإخوانية، تتصدّر ميليشيتان المشهد السوداني، وهما "البنيان المرصوص" و"البراء بن مالك"، بتاريخهما المتقلب في التحالفات التي لا تبتعد عن السلطة.
وتبرز الميليشيتان الإخوانيتان بوصفهما أقوى وأبرز القوى العسكرية المتحالفة مع البرهان، واللتان تشكلان، بحسب مراقبين، الخطر الأكبر على قوات حكومة بورتسودان، كما أنهما من المرجّح أن تلعبا لاحقاً دوراً كبيراً في المشهدين السياسي والعسكري في البلاد، على نحو يزيدهما تعقيداً.
ويبدو السودان مقبلا على تغيير في خريطة الصراع، بما يتجاوز الثنائية بين قوات البرهان وقوات الدعم السريع، لتشمل فصائل ذات أجندات إيديولوجية ، مثل "البراء" و"البنيان"، المرتبطتين بالحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني المنحل، واللتين ستزيدان من حدة الصراع؛ ما يشكّل خطراً يتجاوز البلاد إلى الإقليم.
ميليشيا البنيان المرصوص
هي إحدى الكتائب الإسلامية البارزة التي تقاتل إلى جانب قوات البرهان، وترتبط تاريخياً بقوات الدفاع الشعبي، وهي تشكيلات شبه عسكرية أُسست في عهد الرئيس المخلوع عمر حسن البشير.
كان تأسيس هذه القوات عام 1989 ككيان قانوني لدعم الجيش في مواجهة الحرب الأهلية في جنوبي السودان، وتم حلها رسمياً في 2020 بعد الثورة السودانية التي أطاحت بالبشير.
واليوم تضم الكتيبة عناصر من جهاز الأمن والمخابرات الوطني السابق، إلى جانب متطوعين مدنيين؛ ما يمنحها خبرة عسكرية متقدمة؛ إذ خضعت عناصرها لتدريبات مكثفة على استخدام الأسلحة المتطورة؛ ما يميزها عن بعض المجموعات المتطوعة الأخرى ذات التدريب المحدود.
وتقاتل ميليشيا "البنيان المرصوص" بشكل رئيس في ولايات العاصمة الثلاث، وهي الخرطوم، أم درمان، وبحري، حيث تشارك في معارك ضد قوات الدعم السريع.
على الرغم من تعاونها الميداني مع قوات البرهان، تثير علاقتها بها جدلاً واسعاً؛ إذ يرى البعض أنها تعمل كذراع عسكرية للحركة الإسلامية، بينما يؤكد قادتها أنها تابعة للجيش وتدافع عن البلاد.
ويعكس هذا الجدل التعقيدات الأيديولوجية في الصراع السوداني، حيث تتداخل الأجندات السياسية والعقائدية مع الأهداف العسكرية.
لواء البراء بن مالك
تُعتبر ميليشيا "البراء بن مالك"، التي تحولت إلى "لواء" في نهاية 2024، الذراع العسكرية الأبرز للحركة الإسلامية في السودان، خصوصاً أنها تشكلت من عناصر سابقة في قوات الدفاع الشعبي وكتائب الظل، وهي مجموعات كانت نشطة في عهد البشير.
ويقود الميليشيا المصباح أبو زيد طلحة، المرتبط بالحركة الإسلامية، وقد برز اسمه بعد اعتقال أنس عمر، رئيس حزب المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم، في بداية الحرب.
تشارك الميليشيا بشكل فعّال في معارك الخرطوم، خاصة حول سلاح المدرعات، وتستخدم أسلحة متقدمة، بما في ذلك طائرات مسيرة؛ ما يشير إلى دعم لوجستي كبير.
وبحسب تقديرات غير رسمية، بلغ عدد مقاتليها حوالي 20,000 مقاتل بنهاية 2024، مع خطط للتوسع إلى "فيلق" يضم 35,000 مقاتل.
والميليشيا نشطة إعلامياً، حيث تنشر مقاطع فيديو تُظهر عملياتها العسكرية، مصحوبة بأناشيد إسلامية؛ ما يعزز حضورها الدعائي.
على الرغم من تعاونها مع قوات بورتسودان، أثارت الميليشيا مخاوف من نفوذها المتزايد؛ إذ يحذر محللون من أنها قد تُطيل أمد الصراع وتعرقل جهود السلام، خاصة مع اتهامات بأنها تسعى لتعزيز أجندة الحركة الإسلامية.
وفي يوليو/ تموز الماضي، أعلنت الميليشيا تحولها إلى نشاط مدني تحت اسم "هيئة الإسناد المدني (سند)"، لكن مراقبين شككوا في هذا التحول، معتبرينه تكتيكاً لإعادة تموضع الجماعة داخل الدولة مع استمرار نشاطها العسكري.