أثار إعلان الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر نقابة في البلاد، عن إضراب عامّ سيتمّ تنفيذه يوم 21 يناير/كانون الثاني المقبل تساؤلات حول دلالات ذلك وما إذا كان سيقود إلى تعمّق الأزمة مع السلطات.
وهذا الإضراب هو احتجاج على ما يسميه الاتحاد "تقييد الحقوق النقابية"، وأيضاً للمطالبة بالزيادة في الأجور من خلال حوار ومفاوضات مباشرة مع السلطات التي أقرّت في وقت سابق رفعاً آلياً في الرواتب من خلال فصول في قانون المالية، الأمر الذي أثار غضباً من النقابة.
ويأتي هذا التطوّر في وقتٍ أثارت فيه تصريحات للأمين العام المساعد لاتحاد الشغل، حفيّظ حفيّظ، بشأن الوضع العامّ في تونس وطريقة إدارة الرئيس قيس سعيّد للبلاد جدلاً واسعاً بسبب انتقاده لـ"الحصار المفروض على الحريات"، وفق قوله.
وعلق المحلل السياسي التونسي، هشام الحاجّي، على الأمر بالقول: "في اعتقادي، إعلان الاتحاد العام التونسي للشغل عن القيام بإضراب عام الشهر القادم هو تأكيد أن القطيعة بين المركزية النقابية والسلطة السياسية قد استفحلت واقترب الطرفان من نقطة اللا عودة التي قد تعني اللجوء إلى محاكمة القيادة النقابية، وهو ما أشار إليه الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي في كلمة غير مسبوقة في حدتها وفي درجة تحدي السلطة السياسية".
وتابع الحاجّي في تصريح لـ"إرم نيوز": "من هذه الزاوية الإضراب العام هو أحد أسلحة الاتحاد العام التونسي للشغل التي لجأ إليها في هذا الوقت بالذات، وأعتقد أن إعلان الإضراب العام يحمل تحديا كبيرا للاتحاد نفسه، لأن السنوات الأخيرة شهدت اللجوء عدة مرات للإضراب العام وهو ما أفقده كثيرا من وزنه المعنوي".
وشدد على أن "الاتحاد العام التونسي للشغل أيضا في الفترة الأخيرة ليس في أفضل حالاته وهو ما يجعل من الإضراب العام امتحانا حقيقيا ومفصليا للاتحاد وقيادته".
وحذّر الحاجي من أن "فشل الإضراب ستكون له تداعياته السلبية، خاصة على المكتب التنفيذي الحالي، في حين أن نجاحه سيدعم موقف الأمين العام، نور الدين الطبوبي، والمكتب التنفيذي بالدرجة الأولى".
وتأتي هذه التطورات في مناخ سياسي متوتّر أصلاً في تونس، فقد أوقفت السلطات نشطاء سياسيين على خلفيّة أحكام صادرة في حقهم في إطار قضية التآمر على أمن الدولة، ومن شأن هذا الإضراب أن يشلّ قطاعات حيوية على غرار الصحة والتعليم والنقل.
وقال المحلل السياسي التونسي، محمد صالح العبيدي، إنّ "هذا التطور يعكس اشتداد الأزمة السياسية في تونس، فالاتحاد يبحث عن استعادة دوره من خلال سلاح الإضرابات، فيما يحاول الرئيس قيس سعيّد تقويض نفوذ المركزية النقابية التي لطالما أكدت دورها السياسي".
وأضاف العبيدي في تصريح لـ"إرم نيوز" أن "الإضراب العام سيكون اختبارا جديا لقدرة الاتحاد على تحشيد أنصاره وقواعده في وقت يواجه فيه بالفعل تهميشا سياسيا متزايدا".