سلسلة غارات إسرائيلية تستهدف مدينة غزة
تبحث الحكومة العراقية إمكانية دعم لبنان في ملف إعادة الإعمار، من خلال آليات تمويل يجري النقاش حولها بين الجانبين.
وقال مسؤول حكومي عراقي مطّلع على الملف، إن "بغداد شكّلت لجنة مشتركة تضم ممثلين عن وزارات التخطيط والتجارة والخارجية، بهدف بلورة رؤية واضحة لمساهمة العراق في إعادة إعمار لبنان، وتحديد طبيعة المشاريع التي يمكن دعمها في المرحلة الأولى".
وأضاف المسؤول الذي طلب حجب اسمه لـ"إرم نيوز" أن "اللجنة بدأت اجتماعاتها بالفعل، وتجري حاليًا مشاورات مع السفارة العراقية في بيروت، للمساهمة في تحديث بيانات الأضرار بالتنسيق مع الجهات اللبنانية المختصة، تمهيدًا لوضع خطة تنفيذية تتضمن جدولاً زمنياً وآلية تحويل التمويل".
وأشار إلى أن "الحكومة العراقية تدرس تخصيص جزء من مستحقاتها المالية لدى لبنان ضمن اتفاق الفيول (الوقود المخصص للكهرباء)، لصالح مشاريع إعادة الإعمار بعد أن خصصت سابقاً نحو 20 مليون دولار، على أن توضع تحت إشراف مباشر وتُصرف وفق أولويات تتفق عليها الحكومتان، لضمان فاعلية الدعم وتوجيهه إلى المناطق الأكثر تضررًا".
وخلّفت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان أضراراً واسعة في البنية التحتية والمناطق السكنية، لاسيما في الجنوب ومناطق الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث تضررت آلاف الوحدات السكنية بشكل جزئي أو كلي، إلى جانب تدمير شبكات الكهرباء والمياه وبعض المؤسسات الخدمية.
وتعمل الجهات اللبنانية حالياً على إعداد تقارير تفصيلية لتقدير حجم الخسائر، بالتعاون مع مكاتب هندسية وشركاء دوليين، وسط تحديات مالية وإدارية تعيق البدء الفعلي بعمليات إعادة الإعمار.
بدوره، قال الخبير الاقتصادي أحمد عبد ربه، إن "العراق يُظهر اهتمامًا جادًا بالمساهمة في جهود إعادة إعمار لبنان، خاصة بعد الأضرار التي لحقت به جراء العدوان الإسرائيلي الأخير".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "العراق قد يستخدم أموال الفيول المستحقة له لدى لبنان في مشاريع إعادة الإعمار، مما يعني تحويل هذه المستحقات إلى استثمارات مباشرة في البنية التحتية اللبنانية، مثل إعادة إعمار الوحدات السكنية المتضررة، وهو نموذج يعكس رغبة العراق في تقديم دعم فعّال دون تحميل ميزانيته أعباء مالية إضافية".
وأشار إلى أن "هناك إمكانية للعراق للاستثمار في لبنان، خاصة في قطاعات مثل الطاقة، والغذاء، والصحة، إذ يمكن أن يتخذ التعاون بين البلدين أشكالًا متعددة، بما في ذلك إنشاء مشاريع مشتركة أو تقديم خدمات في مقابل استثمارات".
وتسعى بغداد إلى تأكيد دورها كطرف رسمي في دعم لبنان من خلال مؤسسات الدولة، بما يعزز حضورها الإقليمي ويُبعد أي انطباع عن ارتباط التحرك بهياكل غير رسمية.
وسواء أدار العراق الأموال عبر الحكومة اللبنانية أو صندوق مشترك، فإن هذه الخطوة ستتحول إلى اختبار مزدوج لشفافية الدولتين، حيث يعاني المشهد اللبناني من أزمة ثقة داخلية، وأي إخفاق في إدارة هذه الأموال سيحرج العراق ويعرّضه لانتقادات شعبية، باعتباره يعاني هو الآخر من أزمة مالية داخلية، وتزاحم على التوظيف والموارد.
وقال الخبير الاقتصادي سرمد الشمري، إن "مساهمة العراق في إعادة إعمار لبنان قد تحمل بُعداً تضامنياً وسياسياً مهماً، لكنها تحتاج إلى إطار واضح يضمن ألا تتحول إلى عبء مالي جديد، خاصة في ظل الضغوطات الاقتصادية التي يعاني منها العراق داخلياً".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "الحديث عن تحويل مستحقات الفيول إلى مشاريع إعمار يجب أن يُربط بضمانات واضحة من الجانب اللبناني، تضمن صرف الأموال في وجهتها المحددة، وتفادي أي مخاطر تتعلق بسوء الإدارة أو غياب الشفافية".
وأشار إلى أن "لبنان سوق مضطرب من الناحية الاقتصادية، والدخول في استثمارات هناك يتطلب دراسة دقيقة للبيئة القانونية والتنظيمية، وتحديد القطاعات التي يمكن أن تعود بالفائدة المشتركة، دون المجازفة بأموال عامة في ظروف سياسية غير مستقرة".
ولدى العراق تجربة معقولة في مسار إعادة الإعمار، خصوصًا بعد الحرب على تنظيم داعش، وما خلّفته من دمار واسع في عدد من المدن العراقية، حيث جرى تنفيذ مشاريع إعادة بناء بدعم دولي وعربي، شملت قطاعات الإسكان والبنى التحتية والخدمات الأساسية.
وتُعد هذه التجربة، رغم تحدياتها، قاعدة يمكن الاستناد إليها في أي مساهمة عراقية في إعادة إعمار مناطق متضررة خارج الحدود، مثل ما هو مطروح حاليًا بشأن لبنان.