فتح النجاح الاستعراضي الذي حققته تهديدات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، في فكّ عقد حرب غزة، أبواب التكهنات السياسية حول جدوى تكرار نفس سلاح التهديد الأمريكي في تعطيل خيارات الحرب الراهنة بين تركيا والفصائل الكردية المسلحة في شمال سوريا.
ووفقا لما رصدته "إرم نيوز"، يظهر الانطباع السائد أن نزعة الاستعراض في شخص الرئيس ترامب قد تغريه بتكرار ما حققه من تغيير في مواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن استدامة الحرب على غزة، وجعل ذلك نموذجًا للتعامل مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والقوى الكردية.
وقد يسعى ترامب بذلك إلى تسجيل سابقة تاريخية في مسيرته السياسية، تُظهِر قدرته على التأثير في ملفات الشرق الأوسط الساخنة، وتمهّد الطريق لتغيير خريطة المنطقة، بما يشمل منع تصعيد الحروب الطويلة والفوضى في كل من غزة وسوريا.
المحلل السياسي نعمان النقيب، الذي يثني على ملاحظة الاستعراض في تصريحات ووعود ترامب، يسجل أن الرئيس المنتخب كان قد أظهر التزامًا واضحًا بتحقيق اختراقات ملموسة في الملفات الشرق أوسطية الحساسة قبل موعد تنصيبه الرسمي في العشرين من يناير الجاري. ويستذكر النقيب، في حديثه مع "إرم نيوز"، أن ترامب في مؤتمره الصحفي الأخير اختصر المشهد الشرق أوسطي في ملفين متوازيين.
الأول يتعلق بغزة، حيث أشار إلى التهديد بفتح "باب جهنم" إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى بين حماس وإسرائيل قبل توليه منصبه. وهو تهديد موجه بوضوح إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بضرورة التخلي عن شرط إطلاق سراح الأسرى بدون وقف الحرب.
أما الملف الثاني الذي اهتم به ترامب، فهو سوريا. وقد صرح في وقت سابق عن سياسات أمريكية تجاه سوريا لا تتماشى مع المصلحة الوطنية الأمريكية.
ويؤكد النقيب أن تطورات الأوضاع السورية فرضت على ترامب أن يرسل ممثلين عنه إلى دمشق حيث التزموا بما لم يكن يرغب في الإفصاح عنه.
وعندما سُئل الصحفيون عن التدخل الأمريكي في سوريا، أجاب ترامب قائلا: "لن أخبركم عن ذلك؛ لأنه جزء من استراتيجية عسكرية".
ويخلص المحلل النقيب إلى قناعة بأن ترامب قد يحاول تكرار نموذج الضغط الذي مارسه على نتنياهو مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بهدف تحويل الدور التركي في سوريا من عامل استنفار مستمر إلى قوة تعزز الاستقرار، بدلا من أن يكون سببًا لصراع طويل مع الفصائل الكردية.
من جانبه، كشف المحلل السياسي والدبلوماسي السابق جهاد نويّر، في حديث مع "إرم نيوز"، عن تقارير دبلوماسية متطابقة تؤكد أن الرئيس الأمريكي المنتخب سيستخدم علاقته الشخصية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتفادي تحول السلاح التركي الثقيل في شمال سوريا إلى مصدر لتأجيج حالة الفوضى وتعطيل الاستقرار في المنطقة.
ووصف نويّر العلاقة بين ترامب وأردوغان خلال فترة رئاسته الأولى (2017-2021) بأنها كانت غامضة وأقرب إلى اللغز.
وأشار إلى أن هذه الخصوصية تجعل من الممكن قبول التقارير التي تشير إلى أن ترامب طلب مؤخرًا من أردوغان تعزيز اتفاق منبج لوقف إطلاق النار في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والعمل على تقليص حدة التوترات الناجمة عن التهديدات التركية بعمليات عسكرية ضد الفصائل الكردية المسلحة.
ويخلص المحلل نويّر إلى أن ترامب قد يستخدم نجاحه في الضغط على نتنياهو لوقف الحرب في غزة كنموذج يعتمده في تعاملاته مع أردوغان، بهدف إنهاء التصعيد العسكري في شمال سوريا.
وتبقى هناك تقارير متداولة تشير إلى أن هذا الأمر قد حدث فعلا في الأيام القليلة الماضية، التي تلت زيارة مبعوثي ترامب إلى دمشق ولقائهم مع رئيس الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل سيكون التهديد الأمريكي فعالا في حل معضلة أكراد سوريا، أم أن المسار سيكون أكثر تعقيدًا مما يتوقعه ترامب؟