يرى خبيران أن ملفات لبنان ستظل معلقة ما لم تُحل مسألة سلاح "حزب الله"، وسط استياء واسع من ربط ملف الإعمار والملفات الإصلاحية بنزع السلاح.
وبينما تؤكد جهات سياسية أن حصر السلاح بيد الدولة بات أولوية بعد البيان الوزاري وخطاب القسم الرئاسي، يرى آخرون أن أي خطوة في هذا الاتجاه تعني "استسلامًا" طالما استمر الجيش الإسرائيلي وانتهاكه المستمر لقرارات الأمم المتحدة.
ويؤكد الخبراء أن الأزمة لن تُحل دون ضغط أمريكي فعلي على إسرائيل لوقف خروقاتها، في وقت تُتهم فيه أطراف لبنانية باستغلال ملف الإعمار سياسيًّا لخدمة أجندات خارجية، في تجاهل لمعاناة آلاف اللبنانيين الذين ينتظرون إعادة بناء منازلهم.
في هذا السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي غسان ريفي إن "حصر السلاح بيد الدولة هو أمر أساس تم التأكيد عليه في خطاب القسم لرئيس الجمهورية وفي البيان الوزاري لحكومة القاضي نواف سلام، لكن الوصول إلى هذا الهدف يتطلب خطوات معقدة، خصوصًا أن لبنان يعيش بين أولويتين".
وأوضح ريفي لـ"إرم نيوز" أن "الأولوية الأولى هي انسحاب إسرائيل الكامل، والالتزام بوقف إطلاق النار، وإطلاق الأسرى، ووقف الخروقات والاغتيالات، وتطبيق القرار 1701. بعد ذلك يمكن فتح حوار وطني داخلي حول سلاح حزب الله وإدماجه ضمن الاستراتيجية الدفاعية الوطنية".
وأشار إلى أن "الأولوية الثانية لبعض القوى السياسية ورئيس الحكومة هي وضع جدول زمني لتسليم السلاح بغض النظر عن الخروقات الإسرائيلية، التي تجاوزت 3000 خرق منذ اتفاق وقف إطلاق النار".
وأضاف: "هناك انقسام داخلي حول هذا الملف. ويبدو أن الجميع بات مقتنعًا بأن حزب الله لا يمكنه تسليم سلاحه في ظل هذه الخروقات، لأن الحرب لم تتوقف من الجانب الإسرائيلي رغم انخفاض وتيرتها، بينما التزم لبنان والحزب بالاتفاق ولم يخرقاه قط".
وشدد على أن "هناك ضغطًا دوليًّا على لبنان، لكن هناك مقاومة سياسية من الأطراف التي ترفض تسليم السلاح قبل انسحاب إسرائيل الكامل واحترام الاتفاقات الدولية. الولايات المتحدة مطالبة بالضغط على إسرائيل لتحقيق هذا الانسحاب، وعندها يمكن للبنان أن يناقش موضوع السلاح داخليًّا مع حزب الله لإيجاد حل توافقي".
وأضاف: "إذا بقي الوضع معلقًا عند هذه النقطة، ستبقى كل الملفات الأخرى مجمدة حتى يقتنع الغرب وأمريكا بضرورة احترام خصوصية لبنان والضغط الجدي على إسرائيل لدعم عهد الرئيس جوزيف عون". وذكّر بتصريح مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، في الـ11 من فبراير الماضي، حيث أكدت التزام الولايات المتحدة بانسحاب إسرائيل من لبنان في الـ18 من فبراير، وهو ما لم يحصل.
وأكد ريفي أن "إسرائيل فعلت العكس واحتلت النقاط الخمس وواصلت خروقاتها وشن الغارات والاغتيالات. هذه الأزمة لن تحل إلا عندما تمارس الولايات المتحدة ضغطًا حقيقيًّا على إسرائيل. حينها يمكن للرئيس عون وحزب الله الوصول إلى صيغة مقبولة بشأن السلاح".
من جهته، قال المحلل السياسي سامي سماحة إن "حماية الوطن وتحرير الأراضي مسؤولية الدولة اللبنانية، لكنها لم تؤدِّ هذا الدور منذ النكبة حتى اليوم".
وأوضح سماحة لـ"إرم نيوز" أن "حصر السلاح بيد الدولة، وإنهاء مفعول سلاح المقاومة، دون تمكين الدولة من امتلاك سلاح قادر على حماية الحدود وتحرير الأرض، يُعد استسلامًا كاملًا لإسرائيل وتنفيذًا عمليًّا لاتفاق الـ17 من أيار، ويفتح الباب أمام استمرار الاعتداءات على الشعب اللبناني".
وأضاف: "ربط ملف إعادة الإعمار في لبنان بمسألة تسليم السلاح أصبح أداة سياسية بيد بعض الأطراف التي تسعى لإنهاء حزب الله، دون الاكتراث لمعاناة عشرات الآلاف من اللبنانيين الذين ما زالوا بلا منازل".
وأشار إلى أن "المقاومة لم تكن يومًا عائقًا أمام الإصلاح أو المشاريع التنموية في لبنان، فقد أنجزت الدولة العديد من المشاريع الكبرى عبر مجلس الإنماء والإعمار ومجلس الجنوب دون أي اعتراض".
ولفت إلى أن "الدولة مستمرة في ملفاتها الأخرى، مثل: تعيينات السلك الدبلوماسي، وزيادات الرواتب، وإجراء الانتخابات البلدية والنيابية، ولم يواجه ذلك اعتراضًا حقيقيًّا، ومن اعترض في البيان الوزاري عاد ووافق داخل الحكومة".
وختم سماحة بالتأكيد أن "الربط بين الإعمار وتسليم السلاح ليس موقفًا شعبيًّا، بل توجه بعض القوى التي تسعى إلى التطبيع مع إسرائيل. الحل يكمن في الفصل بين ملف سلاح المقاومة وملف الإعمار، وترك موضوع السلاح للحوار القائم بين رئيس الجمهورية وقيادة حزب الله. خاصة مع أجواء الليونة والتفاهم التي أبداها الطرفان تجاه الوضع اللبناني الحالي".