قال خبراء مختصون في العلاقات الدولية والشأن اللبناني، إن الغارات المتصاعدة التي تشنها إسرائيل على جنوب لبنان، في استهداف مباشر لميليشيا حزب الله، على الرغم من حربها القائمة مع إيران، تعود لإجراءات احترازية، حيث تعتبر أن الميليشيا اللبنانية "خنجر" إيراني في الظهر.
وأكدوا في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن هذه الغارات، التي تهدف أيضا لمنع أي تحركات من جانب حزب الله، تُعتبر رسالة تحذيرية بأن أي تدخل في هذا التوقيت من جانب الحزب سيُواجه بضربات أقوى بعدة مراحل من أي هجمات إسرائيلية سابقة، وبدعم أمريكي وأوروبي سياسي وعسكري.
وتستمر إسرائيل في رفع وتيرة شن الغارات على مناطق في جنوب لبنان، في ظل فتح تل أبيب جبهة الحرب التي دخلت يومها التاسع مع إيران، حيث استهدفت الطائرات الإسرائيلية مواقع مدنية في قرى جنوبية.
ويأتي ذلك في وقت يؤكد فيه رئيس مجلس الوزراء اللبناني، نواف سلام، تمسك بلاده بخيار الأمن والاستقرار، ورفض الانجرار إلى الحرب الدائرة في الإقليم.
ويقول المحلل السياسي اللبناني، علي حمادة، إن المواقف الرسمية اللبنانية واضحة وجادة، وقد أُبلغت لقادة "حزب الله"، بأن الدولة اللبنانية تُعارض بشكل شديد أي تورط للحزب أو استخدام لأراضيها في أعمال تهدد أمن وسيادة لبنان، في ظل المواجهة القائمة بين إسرائيل وإيران.
وأضاف حمادة لـ"إرم نيوز" أن لحزب الله مواقف مبدئية بتأييد إيران، وهذا أمر متعارف عليه في ظل الارتباط القائم، لكن اللجوء لاستخدام السلاح وتوريط لبنان ستكون له عواقب وخيمة، في مقدمتها أن الرد الإسرائيلي سيكون أقوى بعدة مراحل من أي ضربات سابقة، وذلك بغطاء أمريكي وأوروبي، سياسيا وعسكريا؛ ما يعني أنه لا تسامح مع الحزب في أي مغامرة ضد إسرائيل انطلاقًا من الأراضي اللبنانية.
وأشار إلى أن جميع المستويات والسلطات اللبنانية، بدءًا من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة وغالبية القوى السياسية، سيكون لها موقف سلبي غير مسبوق من أي تدخل من جانب الحزب، لا سيما أن الدولة بمكوناتها كافة تضررت من الحرب الأخيرة نتيجة مغامرة حزب الله، ومع ذلك جرى التعامل مع الأزمة حينها بوحدة وطنية.
وبحسب حمادة، فإن حزب الله لا يملك القدرة على تغيير كفة الحرب بين إسرائيل وإيران، لكن "تل أبيب" تتخوف من أي تهديد، حتى وإن لم يكن حاسما، ولهذا تشن هذه الغارات كخطوة استباقية وردعية.
وأردف أن المشكلة العميقة لحزب الله أنه يتحرك بأوامر إيرانية، وبتكليف ديني من المرشد الإيراني، ولذلك فإن الحزب قد يتورط في حال صدور قرار من طهران، وسيدخل المواجهة مع إسرائيل وهو مدرك تماما لعواقب ذلك.
من جانبه، يرى الباحث في العلاقات الدولية، مروان حداد، أن إسرائيل تتخوف من تحرك محتمل من جانب حزب الله في توقيت معين، ضمن مسارات المواجهة مع إيران.
وأوضح حداد لـ"إرم نيوز" أن إسرائيل تعتبر حزب الله "خنجرا" إيرانيا في الخاصرة، وهو كذلك بالفعل، حتى وإن تراجعت قدراته بعد انسحابه من بعض مناطق شمال نهر الليطاني وتدمير جانب كبير من ترسانته.
وبيّن الباحث في العلاقات الدولية، أن تعامل إسرائيل بالغارات يأتي كإجراء احترازي أولاً، لا سيما في ظل تعدد الجبهات في المواجهة مع إيران، مشيرا إلى أن تلك الغارات المتكررة والاستهدافات لبعض المواقع التي كانت تابعة لحزب الله، وأصبحت خالية مؤخرا في الجنوب، تُنفذ بشكل دوري.
وأضاف أن هناك ما يُشبه "اتفاقا تحذيريا" غير مكتوب بين الولايات المتحدة ولبنان، بأن أي تحرك من حزب الله لن يؤدي فقط إلى تدمير التنظيم وبيئته الحاضنة، بل قد يُعرض لبنان ككل للخطر، وهي الرسالة التي تُنقل بوضوح إلى الحزب وتُطالب الدولة اللبنانية بتأكيدها.
ويؤكد حداد أن هناك تفاهما بين قائد الجيش اللبناني، جوزيف عون، وقيادات حزب الله، على ضرورة عدم الانخراط في المواجهة بأي شكل، حفاظا على الحاضنة الشعبية للتنظيم، التي تُعتبر جزءا أساسيا من لبنان، وفي الوقت نفسه، حماية لما تبقى من البلاد بعد الحرب الأخيرة.