مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصريحات متضاربة بشأن موقفه من وجود وسيطرة حركة حماس الأمنية على قطاع غزة، وصلت إلى تهديد بالتحرك العسكري المباشر ضدها في حال استمرارها بـ "قتل الناس" وفق تعبيره.
ومنذ بدء سريان اتفاق التهدئة ووقف إطلاق النار، شرعت حركة حماس في حملات أمنية أسفرت عن مقتل عدد من الفلسطينيين، وشنّت عمليات إعدام ميدانية ضمن ما وصفتها بحملات لمواجهة أشخاص مرتبطين بإسرائيل، واتهمتهم بارتكاب جرائم قتل وسلب ضد الفلسطينيين.
ويثير تهديد ترامب تساؤلات حول مواقف الإدارة الأمريكية المتغيرة بين تصريح وآخر، وما إذا كانت تهدف من وراء ذلك للضغط على حركة حماس للقبول بشروط المراحل المتبقية من خطة إنهاء الحرب.
وقال المحلل السياسي عبد الكريم عاشور إن "التغير الأخير في موقف ترامب وتهديده لحماس في حال استمرارها بقتل الناس في غزة يعكس تأثره بالضغوط الإسرائيلية ودوائر داخل الإدارة الأمريكية"، معتبرًا أن هذا التحول "مؤشر على أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدًا من الضغط على حركة حماس".
وأضاف لـ"إرم نيوز": "هناك تضارب واضح في مواقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ قبل يومين تحدث عن منحه حركة حماس الضوء الأخضر للاستمرار في الحكم لفترة محددة، دون اكتراث بما يجري من قتل وفوضى وعصابات".
وتابع عاشور أن "الولايات المتحدة كانت عمليًا طرفًا مباشرًا في الحرب على غزة منذ بدايتها، لكنها مارست ذلك عبر وكيلها إسرائيل"، مشيرًا إلى أن وجود نحو 200 جندي حاليًا للإشراف على تنفيذ خطة ترامب يثبت حجم هذا التدخل.
وأكمل أن "ما جرى في شرم الشيخ كان بداية لتدويل الأزمة"، لافتًا إلى أن "التحركات الدولية بدأت تأخذ طابعًا أكثر جدية، مع وجود مقترح بريطاني-فرنسي سيُعرض على مجلس الأمن قريبًا، يهدف لإقرار التدويل بشكل رسمي ووضع غزة تحت وصاية دولية، عبر نشر قوات دولية تنهي حكم حركة حماس وتدير المرحلة الانتقالية".
ورجّح أن "غزة حُسم أمرها، والمشهد القادم سيكون مشابهًا لما جرى في لبنان، حيث لم يعد يُتوقع عدوان شامل أو قصف مدمر كما حدث سابقًا، بل ستتجه الأمور نحو استراتيجية تجريد حركة حماس من السلاح وملاحقة أي مظاهر مسلحة في كل مكان".
وأشار عاشور إلى أن "موضوع نزع السلاح بات يُستخدم كذريعة؛ لأن حركة حماس لم تعد تملك ما يهدد أمن إسرائيل فعليًا، فالمتبقي من السلاح هو سلاح خفيف، وهذا أمر تدركه الإدارة الأمريكية أيضًا"، مؤكدًا أن "الهدف الحقيقي من هذا الضغط هو إنهاء وجود حركة حماس كسلطة حاكمة في قطاع غزة".
واقع مختلف
من جانبه، قال الخبير في العلاقات الدولية أشرف عكة إن "تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة لا تحمل مغزى حقيقيًا، وتندرج في إطار التصريحات المتناقضة التي اعتاد إطلاقها"، معتبرًا أن الواقع على الأرض يشير إلى شيء آخر تمامًا.
وأضاف في تصريح لـ"إرم نيوز" أن "ما تقوم به حركة حماس حاليًا قد يُفهم كجزء من جهد لضبط الحالة الأمنية ومعالجة الفراغ الذي أحدثته الفوضى في غزة"، مشيرًا إلى أن التصريح ليس موجّهًا مباشرة ضد حركة حماس، التي تُبدي استعدادًا للانخراط في المرحلة الثانية من خطة التسوية، بما يشمل إعادة ترتيب وضعها الأمني وتسليم الحكم لجهة إدارية فلسطينية.
وأشار إلى أن "الولايات المتحدة تواصل تحضيراتها لإطلاق آلية أمنية جديدة في غزة، في ظل الحديث عن زيارة قائد المنطقة الوسطى الأمريكية إلى إسرائيل، وهو ما يؤكد وجود تنسيق عسكري أمريكي لمتابعة الترتيبات الميدانية".
وتابع: "نحن أمام مفاوضات صعبة ومعقدة وضبابية، لكن التهديدات الكلامية لا تغيّر في الوقائع، خاصة في ظل دخول فرق فنية دولية من تركيا ومصر وقطر إلى غزة للبحث عن رفات الجنود، وهو ما يعكس جدية التقدم في بعض بنود الاتفاق".
وأكمل عكة أن "تهديدات ترامب الأخيرة ضد حركة حماس تهدف لأغراض داخلية، سواء لتعزيز موقفه السياسي أو دعم نتنياهو"، مشيرًا إلى أن تصريحاته المتضاربة تعكس رغبة في تصوير ما جرى في غزة كإنجاز دبلوماسي، دون أن تغيّر فعليًا في مسار الخطة الأمريكية.
وقال إن "حركة حماس، وفق التفاهمات، تبدي التزامًا مبدئيًا بتنفيذ بنود المرحلة الأولى، مع وجود بعض الثغرات التي قد تُعالج ضمن الخطة العربية المصرية، بجهود من القاهرة والدوحة وأنقرة"، مؤكدًا أن المنطقة تمر بمرحلة سياسية مختلفة تمامًا، والتصريحات النارية لا تعكس حقيقة الترتيبات الجارية على الأرض.
وأضاف أن "تصريحات ترامب الأخيرة هي للاستهلاك الإعلامي والدعائي، ولا تغيّر من جوهر المسار الذي تتحرك فيه الأطراف نحو استكمال ترتيبات ما بعد الحرب في قطاع غزة".