تُثير عودة أحزاب المعارضة الرئيسة في تونس إلى الاحتجاج في الشارع على السلطات تساؤلات حول الدلالات.
وتتزامن دعوات الاحتجاجات مع استئناف جلسات محاكمة "غيابية" بحق سياسيين بارزين ورجال أعمال ومسؤولين سابقين بتهمة التآمر على أمن الدولة.
ووسط دعوات المعارضة التونسية بالإفراج عن "المعتقلين السياسيين"، بدأ 6 منهم إضرابا عن الطعام في السجون، للمطالبة بمحاكمة حضورية لهم.
ويأتي هذا التطور في وقت تخيم فيه القطيعة بين السلطة وأحزاب المعارضة على الوضع في تونس، حيث يتبادل الرئيس قيس سعيد مع معارضيه الانتقادات والاتهامات.
وعلق المحلل السياسي التونسي، هشام الحاجي بأن "استعادة الأحزاب السياسية الحضور في المشھد السياسي ھو في حد ذاته دليل على أنه لا يمكن أن تكون ھناك حياة سياسية دون وجود أحزاب سياسية خاصة أن تونس عرفت الأحزاب السياسية منذ مطلع القرن العشرين".
وأضاف الحاجي لـ"إرم نيوز" أن "استعادة الأحزاب السياسية النشاط ھو أيضًا تفاعل مع شعور بوجود انغلاق سياسي، وأيضًا مشاكل حياتية تؤثر على حياة قطاعات واسعة من التونسيين".
وشدد المحلل السياسي على أن "دور الأحزاب السياسية في التأثير على مسار الأحداث السياسية في تونس غير مؤكد، خاصة أن الأحزاب السياسية غابت عن المشھد السياسي في السنوات الأخيرة".
وبيّن أن ذلك الغياب جاء "بعد أن تم الحد من نفاذھا لوسائل الإعلام إلى جانب تفكك أبرزھا سواء لعوامل داخلية كالانقسامات أو لسجن أبرز قياداتھا، علاوة على أن السنوات الأخيرة أفقدتھا الكثير من مصداقيتھا وقدرتھا على التأثير في الرأي العام".
وقال المحلل السياسي التونسي، محمد صالح العبيدي من جهته إن "هذه الاحتجاجات تظهر عمق وحدّة الأزمة السياسية في تونس، حيث تسعى المعارضة إلى الخروج من دائرة الجمود إلى الحراك سواء في الشارع أو غير ذلك".
وأشار العبيدي في تصريح لـ"إرم نيوز" إلى أن قدرة المعارضة "على ترسيخ نفسها قوة في الشارع تبدو محدودة بالنظر إلى تآكل شعبيتها".
وأوضح العبيدي أن "أحزاب المعارضة تعاني من مأزقين في الواقع، الأول يتعلق بالانقسام الذي يهزها والذي يمنع توحيد جهودها، والثاني يتعلق بالقطيعة مع السلطة، حيث لم تجد أي طريق لفتح قنوات تواصل معها رغم محاولات الضغط عليها".
وأكد أنه "بناء على كل هذه المعطيات تبقى خيارات المعارضة لترسيخ نفسها قوة في المشهد السياسي محدودة، لا سيما في ظل فقدانها بشكل كبير شعبيتها، وتراجع قدرتها على التعبئة، وحتى الاحتجاجات التي انتظمت الآن لم تكن بتلك التعبئة القادرة على إحراج السلطة" وفق تقديره.