كشفت مصادر دبلوماسية عربية رفيعة المستوى أن إبلاغ الحوثيين في اليمن حركة حماس بتجميد الهجمات على إسرائيل، يأتي ضمن تفاهمات واتفاق غير معلن، أجرته الولايات المتحدة مع الميليشيا اليمنية بوساطة دولة عربية، بهدف عدم تهديد المراحل القادمة من اتفاق غزة الذي يرعاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأوضحت المصادر في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هذه الترتيبات التي جرت بين واشنطن والحوثيين بوساطة دولة عربية، تمت بموافقة طهران في ظل سعيها من جهة أخرى إلى إحياء المفاوضات الخاصة بها مع الولايات المتحدة.
وكانت صحيفة عبرية قالت مؤخرا إن الجناح العسكري لحركة حماس "كتائب عز الدين القسام" تلقى رسالة من قيادة الحوثيين في اليمن، متضمنة "تجميد الهجمات" على إسرائيل.
ووفق ما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" فإن "الرسالة كشفت عن إعلان الحوثيين تجميد هجماتهم على إسرائيل وفي البحر الأحمر في ضوء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة".
وبينت المصادر أن الإدارة الأمريكية اعتمدت على هذا الترتيب مع الحوثيين الذي تم بشكل غير مباشر، بعدم توجيه هجمات إلى إسرائيل في ظل تخوف واشنطن من استغلال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أي هجمة تجاه إسرائيل أو سفن تابعة لها بالبحر الأحمر، ليقوم بعملية عسكرية جديدة في غزة؛ ما يهدد وقف إطلاق النار في القطاع.
وأفادت المصادر بأن أكثر ما يقلق ترامب من استكمال اتفاق غزة بمراحله، كل من نتنياهو وإيران، في وقت يدرك فيه أن الأخيرة ترغب في إظهار أنها قادرة على تهديد هذا الاتفاق، والرئيس الأمريكي يتعامل في هذا الإطار بنوع من المنطقية ولا يستهين بطهران خاصة أن هناك عروضا جديدة من إيران حول التفاوض على ملف برنامجها النووي في حين أن ترامب يريد أن يشمل التفاوض ملفات البرنامج النووي والصاروخي والميليشيات.
وتابعت المصادر أن هذا الترتيب أو التفاهم الذي أجراه ترامب أقرب إلى اتفاق شبيه عقده مع الحوثيين بتنسيق ووجود طهران، جرى في مايو/ أيار الماضي، لافتة إلى أن الرئيس الأمريكي وجد في الأيام الأخيرة أن المنصة التي تهدد وقف إطلاق النار في غزة وتجعل "زوايا مغلقة تفتح"، هي أي تصعيد قادم من الحوثيين تجاه إسرائيل، فكان العمل الفوري على اتفاق بوساطة عربية تحت أعين طهران.
وفسرت المصادر ذلك بالقول إن ترامب يعمل بأقصى درجة على عدم توجيه الحوثيين هجمات ضد إسرائيل بصواريخ ومسيرات؛ ما سيستغله نتنياهو حينئذ بالرد على الميليشيا اليمنية عبر عمليات عسكرية في غزة؛ ما يجعل اتفاق وقف إطلاق النار يخرج عن سيطرته.
وبحسب المصادر، فإن اقتحام الحوثي بدفع من إيران اتفاق غزة أمر يدرك ترامب خطورته ويهتم به مثل الوصول إلى حل ملف الأنفاق وأيضا نزع سلاح حماس، خاصة أن نتنياهو يتحين أي فرصة للخروج عن الاتفاق والإفلات من ضغوط الرئيس الأمريكي خاصة أن التيار اليميني في تل أبيب يرى أن هناك تقييدا لخطة الضفة الغربية من ناحية أخرى بحصار من الإدارة الأمريكية.
وأردفت المصادر أن إيران وجدت من ناحية أخرى، في هذا الترتيب الذي كان تحت أعينها بين الحوثيين وإدارة ترامب عبر وساطة عربية بمثابة نقطة إيجابية بالنسبة لها وفتح مسار أعمق في ترتيب ملف المفاوضات مع الولايات المتحدة خاصة أنه كلما طال الوقت في عدم توجيه عملية عسكرية من إسرائيل بدعم أو مشاركة أمريكية توسع إطار باب التفاوض، على الرغم من إدراك طهران مدى انفصال أي عملية تجهز تجاهها عن مدى توتر أو تحسن العلاقة بين نتنياهو وترامب.
وبدوره، يرى الخبير الاستراتيجي الدكتور محمد يوسف النور، أن إبلاغ الميليشيا اليمنية لحماس بوقف الهجمات ليس مفاجئا بعد أن رهن زعيمهم عبد الملك الحوثي الشهر الماضي، استئناف العمليات بمدى التزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار في غزة من عدم ذلك.
وبين النور في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الجديد في رسالة الحوثيين إلى حركة حماس مرتبط أيضا بتغيير الأدوار الإقليمية في المنطقة والذهاب إلى إنهاء دور حماس عسكريا ضد إسرائيل حتى لو بشكل مؤقت، بعد أن أنهكت بشكل كامل في قطاع غزة وبما آلت إليه الأوضاع بعد 7 أكتوبر 2023.
ويعتقد النور أن هذا الإعلان يعكس من جهة أخرى، مدى بروز تغيرات جيوستراتيجية بالمنطقة، في سياق التفاهات غير المعلنة بين الولايات المتحدة وإيران فيما يتعلق بالتهدئة، وهو ما يحمل أيضا ترتيبات جديدة تتعلق بعمليات الإسناد في الفترة المقبلة بعد أن وضح حجم الأضرار للكثير من الكيانات المرتبطة بطهران.