فتحَ تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة لمشروع قرار يؤيد "إعلان نيويورك" بشأن تنفيذ حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، الباب أمام سيناريوهات آليات تنفيذ القرار، وإحداث زخم دبلوماسي جديد نحو حل القضية الفلسطينية.
ويرى محللون أن القرار يسهم في خلق مسار دبلوماسي يعيد طرح إقامة الدولة الفلسطينية كحل لإنهاء دوامة العنف في الأراضي الفلسطينية، وكذلك في المنطقة، وإحياء مبادرة السلام العربية.
وقال المتحدث باسم حركة فتح ماهر نمورة، لـ"إرم نيوز"، إن التصويت بمثابة "استفتاء" دولي على ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية، مضيفا، أن "هذه خطوة من خطوات متوقعة ستصدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ستتكلل بالتصويت على منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، والاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل فرنسا وبريطانيا ودول من الاتحاد الأوروبي".
وأردف أن "هذا تأكيد لما كانت تنادي به السلطة الفلسطينية بأن حل الدولتين يجنب المنطقة ويلات الحروب، ويضع حدًا لممارسات الاحتلال، وإنقاذ المنطقة التي أصبحت على برميل بارود بسبب الحكومة اليمينة المتطرفة في إسرائيل".
وعدّ هذه الخطوة انتصارًا للحراك الذي قادته السعودية وفرنسا، بدعم وإسناد عربي، لحشد المواقف والتنسيق لتحقيق هذا الإنجاز الدبلوماسي. لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن "الحكومة الإسرائيلية تصعّد من الأوضاع في الضفة الغربية من خلال السيطرة على مناطق واسعة ومصادرة آلاف الدونمات وتوسعة المستوطنات، لمنع إقامة دولة فلسطينية وإفشال المخرجات الأممية".
ويرى الكاتب والمحلل السياسي هاني العقاد، أن هذا الإعلان "إنجاز" بالنسبة للفلسطينيين، مشيرًا إلى أنه يحتاج المراكمة عليه من أجل الاستفادة منه.
وقال العقاد لـ"إرم نيوز"، إن "هذا الإعلان إنجاز جيد للقضية الفلسطينية، ويعبر عن قناعة أممية بأن إقامة الدولة الفلسطينية هي البوابة نحو حل الصراع وإنهاء التوتر في المنطقة".
وأضاف، أنه "في الوقت الذي تحاول فيه إسرائيل رفض وجود السلطة الفلسطينية وليس حتى دولة فلسطينية بشكل قاطع، وتريد أن تحوّل الحكم في الضفة وغزة لإدارة بلديات فقط، جاء هذا الضغط العالمي إسنادًا للقيادة الفلسطينية".
وتابع، أن "الضغط الدولي المدعوم بإسناد وإصرار عربي سيشكل أساسًا، ليتحول النقاش حول هذا الإعلان إلى نقاش حول آليات تنفيذه وفرضه على أرض الواقع".
وأوضح، أن "القمة العربية الإسلامية في الدوحة ستشهد نقاشات جدية بشأن حل الصراع على أساس حل الدولتين، لأن القناعة باتت راسخة لدى الجميع بأن الحلول الجزئية لا يمكن أن تجلب الاستقرار، ولا يمكن أن تنهي الحرب".
وقال، إن "الحل الشامل برعاية دولية وبحراك من العمق العربي سيضع إسرائيل في مأزق حقيقي، لأن إسرائيل تعمل على سحق البنية والعوامل التي يمتلكها الفلسطينيون لإقامة الدولة".
وأردف، أن "تبني الأمم المتحدة لإعلان حل الدولتين سيفتح الباب أمام المزيد من الاعترافات القادمة بالدولة الفلسطينية، ويمهد لحصول فلسطين على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وهو ما يجعل المسار الدبلوماسي أكثر فعالية".
وأشار إلى أنه "رغم الإجراءات الإسرائيلية، إلا أنها لن تستطيع كثيرًا تجاهل القانون الدولي، خاصة مع الضغط العربي والأوروبي على الولايات المتحدة".
بدوره، يرى المحلل السياسي إياد جودة، أن "إعلان نيويورك" سيقود نحو مسار واضح يفضي لقيام دولة فلسطينية رغم الرفض الإسرائيلي لهذه الخطوة.
وقال جودة لـ"إرم نيوز"، "لأول مرة، تواجه إسرائيل رفضًا دوليًا واسع النطاق لإجراءاتها الأحادية في الأراضي الفلسطينية، وهي إجراءات تُعَد عائقًا أمام إقامة دولة فلسطينية مستقلة".
وأضاف أن "هذا الإعلان جاء بعد تحرك أوروبي نوعي وفاعل نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وسيشجع مزيدًا من الدول لاتخاذ خطوات مماثلة لما أعلنته فرنسا وبريطانيا".
وتابع: "الضغط يجب أن يكون على الولايات المتحدة؛ لأنها توفر الحماية القانونية والسياسية لإسرائيل، وفي حال تصاعد الزخم الدولي ستضطر الولايات المتحدة لإجبار إسرائيل على القبول بالإجماع الأممي الرافض للدولة الفلسطينية".
وشدد جودة على ضرورة أن يتوصل الفلسطينيون إلى موقف موحد بين كل قواهم السياسية، للاستفادة من الدعم العربي والدولي الحالي، وإبطال الذرائع الإسرائيلية التي كانت تستخدمها دائمًا للتهرب من أي التزامات تتعلق بإقامة دولة فلسطينية.