في زيارة وُصفت بأنها "الفرصة الأخيرة"، وصل المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيرييلو، إلى مدينة بورتسودان، العاصمة المؤقتة لسلطة الجيش السوداني، حيث أجرى لقاءات مع المسؤولين هناك، بمن فيهم الفريق عبد الفتاح البرهان.
وتأتي الزيارة في ختام أيام عمل المبعوث الأمريكي الذي من المقرر أن يترك منصبه قريبًا، مع انتهاء عهد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي خسر الانتخابات الرئاسية لصالح منافسه الجمهوري، دونالد ترامب.
وصرّح المبعوث الأمريكي، عبر تدوينة على منصة "إكس"، بأنه عقد اجتماعات مثمرة يوم الاثنين في بورتسودان مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إلى جانب قادة المجتمع المدني وفريق الأمم المتحدة الإنساني.
وأكد أن الولايات المتحدة تدعم إنهاء الحرب والفظائع المرتكبة بحق الشعب السوداني، مشددًا على أن الطريقة الوحيدة لإنهاء المعاناة هي وقف الحرب ومنح السودانيين السيطرة على مستقبلهم.
وأشار بيرييلو إلى أن الرسالة التي تلقاها من ممثلي المجتمع المدني السوداني خلال زيارته كانت واضحة، حيث طالبوا بإنهاء الفظائع المرتكبة ضد النساء السودانيات وحماية المدنيين. وأضاف: "نحن نشاركهم في إلحاحهم لإنهاء الحرب، وضمان سودان موحّد وديمقراطي وسلمي".
ورحّب المبعوث بالتقدّم الأخير في توسيع نطاق الوصول الإنساني، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة، باعتبارها أكبر مانح للمساعدات للسودان، تعمل لضمان إيصال الغذاء والمياه والأدوية إلى جميع الولايات السودانية الـ18، إضافة إلى اللاجئين.
وأوضح بيرييلو أنه استمع إلى العاملين في المجال الإنساني في الخطوط الأمامية في بورتسودان، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تساهم بأكثر من نصف الدعم الإغاثي في السودان.
من جانبه، يرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أبو عبيدة برغوث أن الزيارة تأتي في إطار محاولة أخيرة من الديمقراطيين لتحقيق ما فشلوا فيه خلال الفترة الماضية، وهو وقف الحرب في السودان.
وأوضح برغوث، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن إدارة بايدن لم تتمكن من إجبار أطراف الصراع السوداني على وقف الحرب عبر التفاوض، مشيرًا إلى أن قوات الدعم السريع أبدت مرونة في التعامل مع المبادرات الدولية والإقليمية، بينما ظل الجيش السوداني رافضًا لكل الدعوات لوقف إطلاق النار.
وأضاف: "زيارة المبعوث الأمريكي تمثل محاولة أخيرة لإنقاذ الموقف قبل مغادرة بايدن للبيت الأبيض. الإدارة الأمريكية حاولت سابقًا الضغط على البرهان لتحقيق السلام لكنها لم تفلح".
وأشار برغوث إلى أن البرهان يتبع أسلوب المراوغة، حيث يمنح الضوء الأخضر في البداية، ثم تتراجع مجموعة نظام البشير عن التفاوض، معتبرا أن النظام السابق يسعى إلى شرعية تمثيله للسودان لضمان العودة إلى السلطة، رغم صعوبة تحقيق ذلك.
من جانبه، أكد المحلل السياسي عمار الباقر أن زيارة المبعوث الأمريكي جاءت في الوقت الضائع، معتبرًا أنها لن تؤثر على مسار الحرب.
وأضاف أن الجيش السوداني يدرك أن المبعوث سيغادر منصبه قريبًا، ما يجعله غير جاد في التعامل معه، وفق قوله.
وأوضح الباقر أن المبعوث الأمريكي، خلال فترة عمله، فشل في زيارة بورتسودان سابقًا، واشترط عقد لقاءاته مع المسؤولين في المطار، وهو ما رفضته حكومة الجيش.
وأشار إلى أن الفريق عبد الفتاح البرهان، بعد ساعات من زيارة المبعوث، أصدر تصريحات تصعيدية لا تحمل أي إشارة إلى وقف الحرب، ما يعزز الشكوك في فاعلية جهود بيرييلو.
وكان البرهان قد أعلن رفضه للمفاوضات ووقف إطلاق النار، مشددًا على شروطه، وأبرزها انسحاب قوات الدعم السريع من المناطق التي سيطرت عليها وتجميعها في معسكرات محددة.