logo
العالم العربي

"غموض مقصود".. ماذا تحمل الخطة الأمريكية لمستقبل غزة؟

الدمار في غزةالمصدر: رويترز

يترقب الفلسطينيون انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل، عقب تسليم الحركة غالبية الرهائن الأحياء وجثث الأموات منهم، في حين تتحرك واشنطن لاستصدار قرار من مجلس الأمن بشأن غزة

أخبار ذات علاقة

قوات إسرائيلية في محيط غزة

وسط تحفظ إسرائيلي.. واشنطن تخطط لبناء قاعدة عسكرية في غلاف غزة

ويتّسم مشروع القرار الأمريكي المطروح على مجلس الأمن بشأن مستقبل غزة بغموض لافت، خاصة في القضايا المفصلية مثل نزع سلاح الفصائل الفلسطينية المسلحة، وآليات انسحاب الجيش الإسرائيلي ودور السلطة الوطنية الفلسطينية.

ويُفهم من هذا الغموض، وفق ما يرى خبراء، أنه جزء من استراتيجية أمريكية مدروسة تهدف إلى إبقاء تفاصيل الاتفاق مرنة وقابلة للتأويل، بما يمنح واشنطن وتل أبيب قدرة أكبر على التحكم في مسار التنفيذ، دون الالتزام الصريح باستحقاقات سياسية أو ميدانية واضحة.

مساحة رمادية

المحلل السياسي سليمان بشارات قال إن "البنود الواردة في الخطة الأمريكية جاءت بقدر كبير من العمومية والمرونة، ما أتاح مساحة واسعة لتأجيل الخوض في التفاصيل الدقيقة، بهدف تمرير الاتفاق دون الاصطدام بخلافات مبكرة".

وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "واشنطن تعمّدت ترك التفاصيل لمرحلة لاحقة من التفاوض، كي تتمكن الأطراف المختلفة، من مواءمة البنود بما يناسب احتياجاتها السياسية أو الميدانية".

وأوضح أن "مشروع القرار الأمريكي المزمع تقديمه لمجلس الأمن لا يزال محل نقاش داخلي وخارجي؛ ما يزيد من المساحة الرمادية في الاتفاق". 

أخبار ذات علاقة

رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، محمد اشتية

محمد اشتية لـ"إرم نيوز": مباحثات لتعديل خطة إنهاء الحرب في غزة

ولفت إلى أن الإدارة الأمريكية تسعى لتكريس ما يسمى بـ"مجلس السلام" كمرجعية تقود المرحلة المقبلة برئاستها، دون تحديد طبيعة المهام المنوطة به؛ ما يمنح إسرائيل فرصة لعرض الاتفاق بشكل يخدم خطابها السياسي الداخلي، خصوصًا في قضايا نزع السلاح والانسحاب، ويعزز سردية الحكومة أمام جمهورها بأنها ما زالت تملك زمام السيطرة في الملفات الأساسية.

واعتبر أن الهدف المشترك لأمريكا وإسرائيل يتمثل في حصر الدور الفلسطيني في مهام إدارية وخدماتية وإنسانية، دون أي صفة سياسية أو سيادية؛ ما يُفسّر تهميش دور السلطة الفلسطينية وإقصاءها من معادلة ما بعد الحرب.

ويرى بشارات أن هذا التوجه يصبّ في مصلحة الرؤية الأمريكية-الإسرائيلية لإبقاء الوضع تحت نوع من الوصاية أو "الانتداب الدولي" غير المُعلن على غزة؛ ما يؤدي في المحصلة إلى تقويض العنوان السياسي الفلسطيني وإضعاف أي مسعى لتمثيل وطني موحد.

وأشار بشارات إلى أن "الضبابية المتعمّدة وعدم الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق يخدمان أهدافًا أمريكية واضحة، منها منح إسرائيل ورقة قوة إضافية في أي مفاوضات مستقبلية، أو إبقاء واشنطن في موقع من يستخدم العصا متى شاءت".

واعتبر أن هذه السياسة تُبقي الولايات المتحدة في موقع التحكم، وتحافظ على مرونة التعامل مع تطورات الساحة بما يخدم مصالحها ومصالح إسرائيل، بعيدًا عن أي التزامات سياسية واضحة تُقيّد الطرفين.

بنود فضفاضة

ويرى المحلل السياسي ذو الفقار سويرجو أن الولايات المتحدة تعمّدت صياغة بنود الاتفاق بشكل فضفاض قابل للتفسير والتأويل بهدف منح نفسها مساحة للمناورة وإرضاء إسرائيل، دون فرض أي استحقاقات سياسية قد تلتزم بها الأخيرة.

وقال سويرجو لـ"إرم نيوز" إن هذا الغموض سيفتح المجال أمام معيقات حقيقية قد تُعرقل الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق؛ مما قد يؤدي إلى توترات، لكنه لا يتوقع انهيارًا كاملاً، لكون واشنطن مصمّمة على فرض الاتفاق بما يتماشى مع المصالح الإسرائيلية.

وأشار سويوجو إلى أن القوة الدولية التي يُروَّج لها هي التي ستُكلّف بنزع سلاح الفصائل الفلسطينية وتدمير الأنفاق، وهي عملية معقّدة تحتاج إلى وقت طويل وستواجه عقبات سياسية عديدة، خصوصًا في ما يتعلق بالشأن الفلسطيني، كإدخال المساعدات وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع حتى حدود الغلاف.

 وحذّر من أن غياب أي دور رسمي للسلطة الفلسطينية في هذا المسار، سيُتيح للولايات المتحدة وإسرائيل تنفيذ رؤيتهما الأحادية في غزة، ضمن خطة أشمل لإعادة ترتيب المنطقة.

ولفت إلى أن "هذا النهج يعزز فصل القطاع عن الضفة الغربية، ويعامل غزة كإقليم مستقل في مرحلة انتقالية قد تطول؛ ما يهدد بإجهاض أي مشروع وطني لإقامة كيان فلسطيني موحّد".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC