قال خبراء قانونيون، إن قرار محكمة العدل الدولية أمس، بتأجيل الدعوى المرفوعة من قبل الجيش السوداني ضد دولة الإمارات، إلى أجل غير مسمى، هو مقدمة لشطب الدعوى، وتأكيد بأنها بلا أساس قانوني.
وكانت المحكمة قررت الخميس، تأجيل الشكوى إلى موعد يحدد لاحقًا دون تحديد توقيت زمني.
ويزعم الجيش السوداني أن الإمارات قدمت دعما عسكريا لقوات الدعم السريع في الحرب الدائرة بالبلاد منذ أبريل/ نيسان 2023، لكنها نفت تلك المزاعم مرارا وتكرارا.
ورأى الخبير في القانون الدولي، المعز حضرة، أن دعوى الجيش السوداني قائمة على جزئية اتهامات لدولة الإمارات العربية المتحدة، بالإبادة الجماعية لقبيلة المساليت في غرب دارفور، غربي البلاد.
وأوضح أنه لا يوجد أي سند قانوني لهذه الدعوى، ولا ما يثبت أن الإمارات شاركت في الإبادة الجماعية في السودان، لذلك لا أتوقع أن تستمر هذه الشكوى طويلاً في المحكمة، و"ستشطب".
وقال حضرة لــ"إرم نيوز" إن الجيش السوداني، ارتكب الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، في حرب دارفور 2003-2010، ولايزال الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، ووزير الدفاع الأسبق، عبد الرحيم محمد حسين، ووزير الداخلية حينها، أحمد هارون، مطلوبين لدى العدالة الدولية، وتجرى حاليا محاكمة قائد الجنجويد علي كوشي في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وأضاف حضرة "أعتقد أن هذه الدعوى لصرف الأنظار، ولإيجاد مبررات للهروب من الإبادة الجماعية الحقيقية والماسأة الإنسانية التي نتجت عن هذه الحرب العبثية".
وأشار إلى أن الجيش السوداني ارتكب ما يصنف بجرائم حرب والإبادة الجماعية بقتله المدنيين عبر القصف الجوي في مدن نيالا والجنينة والضعين بدارفور، بمزاعم أنها حواضن اجتماعية لقوات الدعم السريع.
وأكد حضرة أنه لا توجد بينات يمكن أن تثبت أو تشير إلى أن الإمارات شاركت بقوات في تلك المزاعم، أو أنها قدمت الدعم لقوات الدعم السريع، في حين أن الجيش تلقى دعما عسكريا مباشرا من دول مثل إيران وروسيا وأوكرانيا.
وقال إن الجيش السوداني يريد من هذه الدعوى أن يبرر الانتهاكات التي حدثت، ويحاول صرف أنظار الشعب السوداني والعالم عن الذين ارتبكوا هذه الجرائم، وكذلك لتوفير غطاء لقواته والميليشيات المتحالفة معه لارتكاب المزيد من الجرائم في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وجبال النوبة.
وأضاف أن الشعب السوداني يعاني من النزوح والتهجير والجوع والمرض، وبدلاً أن يتم إنهاء هذه الحرب، تنشغل حكومة الأمر الواقع في بورتسودان بــ"دعاوى فارغة لا قيمة لها"على حد تعبيره.
من جانبه قال الخبير القانوني، حاتم إلياس إن البناء التأسيسي للدعوى التي تقدم بها الجيش السوداني ضد الإمارات "ضعيف جدا" ولا يستند على أساس قانوني، واعتمد على أقوال ظنية واستنتاجية.
وأضاف في تصريح لــ"إرم نيوز" أن الجانب الدعائي السياسي ظهر بوضوح في الشكوى، أكثر من الجانب القانوني، وهذا ما دأبت عليه المؤسسات القضائية في عهد الرئيس السابق، عمر البشير، في التعامل مع كثير من القضايا في مواجهة السودان.
وأشار الياس إلى أن ما طرحه ممثلو حكومة السودان، أمام محكمة العدل الدولية كشف الخلل القانوني في تكوين حيثيات الاتهام في مواجهة الإمارات، الذي جاء ضعيفا، وكان مجرد بينات ليس لها أساس مادي.
وتطرق إلى الجانب الإجرائي المتعلق بعدم مصادقة الإمارات على اختصاص المحكمة فيما يتعلق ببعض القضايا بعينها مثل الإبادة الجماعية.
وذكر إلياس أن المحكمة قبلت الشكوى بشكل مبدئي باعتبارها محكمة معنية بحل النزاعات بين الدول، لكن التأسيس الضعيف للشكوى، التي لا تستند إلى أي أدلة يؤكد أن هذه الشكوى سيتم شطبها بالنهاية.
وفنّدت دولة الإمارات العربية المتحدة مزاعم السودان المقدمة أمام محكمة العدل الدولية واصفة إياها بأنها "مضللة" و"محض افتراء"، بحسب وكالة أنباء الإمارات الرسمية (وام).
جاء ذلك، خلال جلسة استماع عقدتها المحكمة، الخميس، للرد على طلب السودان اتخاذ تدابير مؤقتة بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
وقدّمت ريم كتيت، نائب مساعد وزير الخارجية الإماراتية للشؤون السياسية، رد الإمارات أمام المحكمة، واستهلت كلمتها بالإعراب عن تضامن دولة الإمارات مع الشعب السوداني وأدانت بشدة "العنف المستمر، والاعتداءات على المدنيين، والأعمال الوحشية للعنف الجنسي مطالبة بمحاسبة الجناة.
وأكدت كتيت أن الإجراءات القانونية المتخذة من قبل المحكمة لا تتعلق بالتزامات دولة الإمارات بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية.
واتهمت كتيت السودان، باعتباره "أحد أطراف النزاع"، باستغلال المحكمة لتقديم "ادعاءات كاذبة" ضد دولة الإمارات و"التنصل من مسؤوليتها" عن الصراع الدائر، بحسب (وام).
وأكدت كتيت تحفظ دولة الإمارات على المادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية، مشيرة إلى أن ذلك "ممارسة مشروعة لسيادة الدولة".
وأضافت أن القضية التي رفعها السودان تمثل محاولة لـ"الالتفاف على مبدأ موافقة الدولة" الذي يعد "ركيزة أساسية للنظام القانوني الدولي".
وأشارت إلى أنه على الرغم من الطعن في اختصاص المحكمة، فقد شاركت دولة الإمارات في الجلسات "احترامًا للمحكمة ومبادئ القانون والعدالة الدوليين"، مؤكدة "التزام دولة الإمارات الراسخ بتعهداتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية".
واستعرضت كتيت تاريخ العلاقات بين دولة الإمارات والسودان، مسلطة الضوء على استثمارات تجاوزت 4 مليارات دولار لدعم الشعب السوداني، وتعزيز مؤسسات الدولة، ودعم الانتقال نحو حكومة مدنية قبل اندلاع الصراع في أبريل 2023.