تشهد العاصمة الليبية طرابلس، حالة من الترقب على وقع أنباء تحدثت عن تعبئة لقوات حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة تمهيدا لهجوم مرتقب ضد قوات جهاز الردع.
وجاءت هذه الأنباء لتعزّز المخاوف من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا خاصّة بعد إحاطة المبعوثة الأممية، هنا تيتيه، أمام مجلس الأمن الدولي والتي عرضت فيها اقتراحاً لحل الأزمة التي تعرفها البلاد وتقوم على 4 ركائز.
وكان الدبيبة قد تعهد في وقت سابق بوضع حدّ لـ"سطوة" الميلشيات المسلحة على طرابلس، وذلك إثر مواجهات نشبت بين قواته وقوات جهاز دعم الاستقرار أفضت إلى مقتل رئيس الجهاز، عبد الغني الككلي المعروف بـ"غنيوة".
وقال المحلل السياسي الليبي، عبد السلام شبيك: "في تقديري، من غير المرجح أن تُقدم حكومة الوحدة الوطنية على مجازفة عسكرية مباشرة ضد قوة الردع في هذه المرحلة؛ نظرًا لحساسية التوازن الأمني في العاصمة طرابلس وتشابك المصالح الداخلية والخارجية".
وأضاف شبيك، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "أي هجوم محتمل ستكون له تداعيات خطيرة، أبرزها: تفجر صراع مسلح في قلب العاصمة، وهو ما قد يعيد سيناريو الفوضى ويهدد حياة المدنيين وانقسام الأجهزة الأمنية وتفكك الجبهة الداخلية، خاصة أن الردع جزء من المنظومة الأمنية الرسمية لكنها تتمتع باستقلالية واسعة، وتدخل أطراف إقليمية ودولية، إذ لن تسمح بعض القوى الخارجية باندلاع حرب أهلية جديدة في طرابلس، بالإضافة إلى إضعاف شرعية الحكومة نفسها؛ لأن أي تصعيد دموي سيُستغل سياسياً ضدها من قبل خصومها".
واستنتج شبيك أن "الخيار العسكري ضد الردع سيكون مغامرة غير محسوبة العواقب، وقد يدفع طرابلس نحو مواجهة مفتوحة لا تخدم إلا المتربصين بالاستقرار. الحل يكمن في المسار التفاوضي وترتيب البيت الأمني عبر إصلاحات وهيكلة مدروسة بدل الانجرار إلى صراع داخلي".
وتأتي هذه المستجدات في وقت لا تزال فيه الأزمة السياسية التي تعرفها ليبيا منذ العام 2021 تاريخ انهيار الانتخابات العامة تراوح مكانها.
ومن جانبه، قال الباحث في العلاقات الدولية، بشير الجويني، إنّ "كل مظاهر السلاح في ليبيا تبقى عقبة أمام بناء الدولة والتداول السلمي على السلطة، فلا يمكن أن ينظر على مستوى رسمي لكل عملية لحصر السلاح في يد الدولة إلا بشكل إيجابي".
وشدد الجويني، في تصريح لـ"إرم نيوز"، على أنّ "حصر السلاح بيد الدولة لا يمكن إلا أن يقود إلى المساهمة في إنهاء المراحل الانتقالية واحتكار الدولة للقوة والسلاح وبسط سيادتها على كافة التراب، لكن هل أن هذه العملية ستكون بتعويض مجموعة مسلحة أو ميليشيا بمجموعة أخرى؟ أم أنها ستكون لصالح الدولة وأجهزتها الرسمية؟".
وأنهى المحلل السياسي حديثه بالقول، إنّ "المواجهة بين الأطراف في ليبيا تبقى مفتوحة، والمواجهة المباشرة تبقى رهينة وقت فقط".