أكد خبراء في الشأن السوري، أن التوافق على شكل النظام السياسي القادم في سوريا، بين تنظيمات وفصائل المعارضة التي أسقطت نظام "الأسد"، سيكون العملية الأكثر تعقيدًا، في بناء دولة حقيقية في البلاد، لا تشهد صراعات أو نزاعات أو تهديد لوحدتها.
وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن التوافق من عدمه، مرهون بمدى رغبة اللاعبين الإقليميين والدوليين، في أن تكون سوريا منطقة هادئة مستقرة، لا تقوم بتصدير المخاطر، أو الذهاب بها إلى واقع شبيه لما شهده العراق وليبيا واليمن، في حال إعلاء القوى الدولية الفاعلة لمصالحها على حساب استقرار سوريا، واهتمامهم بما يخدم نفوذهم في ظل الصراعات والنزاعات الدولية.
وأشاروا إلى أن التوافق سيكون مرتبطًا إلى حد كبير بمدى ابتعاد لغة السلاح عن ترتيب المعادلة السياسية، وأن يكون التقارب من خلال دستور يعامل كافة المكونات بالمساواة التي يطمح لها الشارع، وألا يكون هناك محاصصة أو توزيع أو تقسيم سواء لمناصب أو سلطات في الدستور الجديد أو داخل القوانين التي ستترتب عليه.
ويقول الكاتب والباحث السياسي، مسعود عكو، إن الغالبية العظمى من السوريين سعداء بسقوط نظام "الأسد" ومن خلفه بعد 54 عامًا من حكم حزب "البعث"، وسوريا مقبلة على مرحلة جديدة، حالها مثل حال أي دولة تخرج من صراع عسكري يحمل أطرافًا متحاربة، وهو ما يجعل الغلبة حول وضع وشكل "النظام السياسي"، لصالح القوى الأكثر سيطرة على الأرض وكلما كانت السيطرة ذات ثقل، كلما حصلت على حصة أكبر.
وأوضح "عكو" في تصريحاته، أن من في يده السلاح سيرسم ملامح المرحلة المقبلة في سوريا، وهذا عادة ما يكون واقع البلدان التي تدخل وتخرج من صراعات مسلحة، ونتمنى أن يحدث عكس ذلك، ولكن للأسف هذا ما جرى في الدول التي مرت بهذا النوع من الصراعات والتحولات، مدللًا على ذلك، بالعراق واليمن وليبيا، الذين شهدوا صراعات عسكرية وتدخلات دولية، ولن تكون سوريا بمنأى عن ذلك، في حال كانت الغلبة للسلاح.
وتمنى "عكو" أن يكون "الحوار" هو سيد الموقف بين الفرقاء، هيئة تحرير الشام والجيش الوطني وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" وبقية الفصائل.
وحدد "عكو" بعض النقاط، للوصول إلى حالة من الاستقرار في سوريا وبناء نظام سياسي يمنع أي فوضى فيها ويحقق ما تطمح له جميع مكونات الشعب. وفي صدارة ذلك، ضرورة إعادة دمج جنود وضباط الجيش السوري وعدم تسريح إلا الضباط الكبار الذين تلوثت أيديهم بدماء السوريين ومحاكمتهم بشكل عادل بما يتفق مع قيم العدالة الانتقالية ومنع الانتقام أو الحساب بمعزل عن القانون، وحل حزب البعث وإنهاء وجوده، وإقصاء كل بعثي من الحياة السياسية.
وشدد على أهمية عدم تكرار تجربة الحاكم الأمريكي للعراق بعد غزوه العام 2003، عندما قام بحل الجيش العراقي، ليتحول غالبية مكوناته إلى مجموعات متطرفة وإرهابية مسلحة، تشكل معها التنظيمات الإرهابية ومنها "داعش" التي قدم إليها عشرات الآلاف من الإرهابيين حول العالم.
فيما يؤكد المحلل السياسي السوري، رابح خيرت، أنه مع وجود تباين كبير بين أفكار وأهداف فصائل المعارضة بين من يريد حرية وديمقراطية ومساواة في سوريا، ومن يتمسك بأيدلوجيته الممزوجة بأطماع شخصية أو أغراض طائفية، إلا أن التوافق أو الصدام مرتبطين بدور المؤثرين والقائمين على هذه الفصائل، وحتى الآن مشهد التوافق مرتبط باللاعبين الإقليميين والدوليين الذين ساندوا ما جرى ويريدون الوصول إلى مشهد ناجح بهذه التجربة.
وبين "خيرت" في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن العقدة مرتبطة بالسلاح والمقاتلين والفوضى جراء ذلك؛ ما سيجعل الفصائل تتمسك بالمشاركة في السلطة ثم التحول إلى الرغبة في تقاسمها على حساب آخرين، ثم الذهاب إلى الانفراد بها.
وتابع أن التنظيمات والفصائل مرتبطة بـ"أيدلوجيات" تنفصل وتتوزع إلى أفكار أخرى أكثر فرعية في داخلها، وهو ما يهدد بنزاعات وصراعات واستخدام للقوة.
وأضاف "خيرت" أن التوافق سيكون مرتبطًا إلى حد كبير، بأن يكون السلاح خارج المعادلة السياسية، وأن يكون التقارب من خلال دستور يعامل كافة المكونات بالمساواة التي يطمح لها الشارع، وألا يكون هناك محاصصة أو توزيع أو تقسيم سواء لمناصب أو سلطات في الدستور الجديد أو القوانين التي تترتب عليه.
وأشار "خيرت" إلى أن الوصول إلى توافق بين المكونات وأيضًا الفصائل فيما بينها، يتأرجح بشكل كبير بمدى رغبة المجتمع الدولي واللاعبين الإقليميين في أن تكون سوريا منطقة هادئة لا تصدّر المشاكل أو أزمات أصعب من قبل، أو إعلائهم لمصالحهم سواء داخل سوريا أو في مجالها، وسط التحكم في الأطراف الداخلية التي من الممكن أن تنحاز لقوى دولية، للحصول على دعم للفوز بالسلطة.