logo
العالم العربي
خاص

إعادة الإعمار "ممنوعة".. إسرائيل تخطط لـ"خنق" الجنوب اللبناني اقتصادياً

غارة إسرائيلية على جنوب لبنانالمصدر: منصة إكس

كشفت مصادر عسكرية لبنانية مطلعة أن التصعيد الإسرائيلي الأخير في الجنوب اللبناني يدخل ضمن خطة مبرمجة تهدف إلى "خنق الجنوب اقتصادياً، وشل قدرته على التعافي".

وأكدت المصادر لـ"إرم نيوز"، أن طبيعة الأهداف التي يتم قصفها، في الأيام الأخيرة، توضح أن تل أبيب انتقلت من استهداف مواقع عسكرية إلى تدمير منشآت مدنية وصناعية تُستخدم في عمليات إعادة الإعمار.

أخبار ذات علاقة

طائرة مسيرة إسرائيلية

مسيّرة إسرائيلية تلقي قنبلة صوتية على مزارعين في جنوبي لبنان

وقالت إن إسرائيل تسعى، من خلال هذا التصعيد، إلى إضعاف البيئة الحاضنة لحزب الله، وتجفيف مواردها الاقتصادية، بما يضمن الحد من نفوذ حاضنة الحزب وقدرتها على الصمود.

وأضافت أن هذه السياسة تأتي في سياق خطة أوسع لتطبيق القرار الدولي 1701 على الأرض بالقوة، وفرض منطقة عازلة تمتد من الحدود وصولاً إلى جبل الشيخ، مشيرةً إلى أن إسرائيل تعمل، حالياً، على إرساء معادلة جديدة في الجنوب عنوانها الضغط الاقتصادي مقابل الأمن الحدودي.

تصعيد عسكري مرتقب

المصادر أشارت إلى أن ما يقوم به الجيش الإسرائيلي في الجنوب اللبناني هو ضرب البنية الاقتصادية لحزب الله، وسيعمل على توسيع نطاق الأهداف لخنق البيئة الداعمة للحزب، مؤكدة أن حزب الله بالمقابل يحاول تجهيز نفسه تكتيكياً وتجميع عناصر قتالية، للدخول مع إسرائيل في حرب موسعة، لذلك لا يقوم بالرد حالياً.

وذكرت أن الحزب يحضّر لمرحلة أكثر سخونة، ولقطع الطريق عليه، سيركّز الجانب الأمريكي والإسرائيلي على تطبيق اتفاق 1701 جنوبي الليطاني، خاصةً أنه ثبت بالدليل أن الحزب لا يزال يملك ترسانة من الصواريخ، إذ خلال الضربة الأخيرة دوت انفجارات قوية جداً لصواريخ مخزّنة عائدة له، على مسافة تُقدّر بخمسة إلى 6 كيلومترات عن مواقع القوات الدولية، وهذا يعني أن له نشاطاً واضحاً في جنوب الليطاني، وفق قولها.

وأكدت المصادر أن من جملة الأهداف الإسرائيلية أيضاً ستكون موجهة ضد قادة الصف الثاني في الحزب الذين أصبحوا، الآن، في الصف الأول بعد الاغتيالات الأخيرة، وستتركز الأهداف شمال منطقة البقاع لوجود صواريخ دقيقة هناك، فضلاً عن أن الحزب لا يزال يملك أكثر من 50% من قدراته جنوبي الليطاني.

ولفتت إلى أن استهداف اقتصاد الحزب بدأ بمحاولة قطع مصادر الأموال، لكن لا يزال الحزب قوياً مادياً داخل لبنان، خاصةً أن الثنائي الشيعي مسيطر على مفاصل الدولة، خاصة القضاء والأمن، ومن غير المتوقع إحداث أي خرق في هذا الشأن من قبل الدولة اللبنانية.

منطقة عازلة

وفي ذات السياق، أكد الخبير العسكري اللبناني، العميد مارسيل بالوكجي، أن ما تقوم به إسرائيل، حالياً، من ضربات موسعة في الجنوب يهدف إلى إنشاء منطقة عازلة تؤمن عمق حدودها وصولاً إلى جبل الشيخ من الجهة السورية، لذلك أضرت هذه الضربات بالحلقة الثانية والثالثة للحاضنة الشعبية للحزب، على عكس الحزب كميليشيا عسكرية، الذي لم يتأثر بشكل كبير، خاصةً أنه يحصل على تمويل مادي عبر قنوات تهريب من حلقات ضيقة جداً وغير مكشوفة.

وقال الخبير لـ "إرم نيوز" إن أهداف إسرائيل في هذه المرحلة تتركز على البنى التحتية والمنشآت الاقتصادية الخاصة بإعادة الإعمار، من آليات، وجرافات، ومقالع، ومعامل باطون، وغيرها، لوقف أي عملية بناء يقوم بها الحزب، ولاحقاً من المتوقع استهداف أهداف تعود للبيئة الحاضنة، وضرب إمكاناتها المادية.

وأشار إلى أنه، خلال هذا الأسبوع، تُجرى مفاوضات غير مباشرة بين الحكومة اللبنانية وإسرائيل، على أن تصبح مباشرة بعد تنفيذ مسألة حصرية السلاح، التي لن تتحقق إلا بضربة إسرائيلية كبيرة وموضعية غير موسعة لإجبار حزب الله على تسليم ترسانته، خاصةً جنوب الليطاني.

واختتم الخبير حديثه بالتأكيد على أن خطة إسرائيل ستبدأ، مع بداية شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في حملة تصعيد كبيرة ستشمل إغلاق مطار بيروت والمرافئ لفترة محددة، وستكون الضاحية الجنوبية، وشمال البقاع من جملة الأهداف الأساسية، بينما ستكون الأهداف الثانوية في عكار، وجرود كسروان، ومناطق أخرى، حتى الوصول إلى اتفاق.

وبعد أسبوع على قصف آليات وحفارات تُستخدم في إعادة الإعمار، بلغ التصعيد ذروته مساء الخميس، حين نفّذ الطيران الحربي الإسرائيلي غارات عنيفة على وادي بصفور بين بلدتي أنصار وسيناي شمال الليطاني، ما أدى إلى دمار واسع في معامل إسمنت وورش صناعية، وتردّد دوي الانفجارات في مناطق النبطية والزهراني.

وأعلنت مؤسسة مياه "لبنان الجنوبي" في بيان أن الغارات أدت إلى إصابة وتدمير المخزن الإستراتيجي للمؤسسة الخاص بالمحروقات وخسارة ما فيه بالكامل، لافتةً إلى أن المخزن كان يحتوي على نحو نصف مليون لتر من مادة المازوت تُستخدم لتشغيل مولدات الكهرباء العائدة لمحطات وآبار المياه، وتُوزع على القرى والبلدات الجنوبية لتأمين ضخ المياه للسكان.

أطماع تاريخية

وقال الكاتب والمحلل السياسي، داوود رمّال إن الأطماع الإسرائيلية في الجنوب اللبناني ليست جديدة، وإنما هي أطماع تاريخية، ولطالما كانت أهداف إسرائيل لا تقتصر على احتلال منطقة جنوب الليطاني والوصول إلى حوض نهر الليطاني، بل تمتد إلى خط النهر شمال صيدا، إذ تعتبر أن هذه المنطقة جزء ممّا تسميه "مملكة إسرائيل" الممتدة من الجنوب وصولاً إلى جبل الشيخ (جبال حرمون).

وأضاف رمّال لـ "إرم نيوز" أنه بعد السيطرة على جبل الشيخ في سوريا وتحقيق الهدف، عززت إسرائيل من سيطرتها على النقاط الخمس في الجنوب التي تُعد امتداداً لجبل الشيخ، لذلك وبعد تدمير قدرات حزب الله في الجنوب وفق بنك الأهداف لديها، انتقلت إلى المرحلة الثانية المتمثلة في استهداف المنشآت المدنية التابعة للقطاع الخاص، مشيرةً إلى أن الضربة الأخيرة استهدفت منشآت تابعة للدولة اللبنانية (خزان المازوت) الذي يشغّل توربينات مياه لبنان الجنوبي.

وأشار إلى أن إسرائيل انتقلت إلى التدمير الممنهج لكل هذه المنشآت، في رسالة واضحة إلى لبنان مفادها أن إعادة الإعمار ممنوعة.

مفاوضات مباشرة

وبنفس الوقت يرى رمّال أن مقاربة هذا التصعيد الإسرائيلي يجب ألا تنطلق فقط من أن إسرائيل تريد النزع الكامل لسلاح حزب الله، بل يجب النظر إليها على أن إسرائيل تريد أبعد من ذلك، فهي تسعى إلى أن يجلس لبنان مباشرة إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية، وهذا المطلب نقله الموفدون الأمريكيون مورغان أورتاغوس، وتوماس باراك.

وأوضح أن المطلب الأمريكي يقوم على فكرة أن الحل يكمن في التفاوض المباشر مع إسرائيل، غير أن لبنان يرفض هذا الأمر، ويقبل فقط بصيغة التفاوض غير المباشر، وهذا هو السقف الأعلى للجانب اللبناني.

ولفت إلى أن رفض لبنان للمفاوضات المباشرة سيدفع إسرائيل إلى مواصلة الضغط العسكري واستهداف المنشآت الحيوية المرتبطة بإعادة الإعمار، لتقول للبنان إنه "لا إعادة إعمار، ولا انسحاب قبل نزع سلاح حزب الله، وقبل الذهاب إلى اتفاقية سلام عبر التفاوض المباشر".

واختتم رمّال حديثه بالتأكيد على أن لبنان يراهن، حالياً، على ضغط دولي تقوده الولايات المتحدة، والمجموعة الأوروبية، والدول العربية أيضاً، لإلزام إسرائيل بالامتثال للقرار الدولي 1701، ولمضمون اتفاقية وقف الأعمال العدائية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC