مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
رصد مراقبون للشأن الإسرائيلي مدى إجادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المراوغة والمناورة في مساحات ضيقة، خاصة فيما يتعلق بتحصين مستقبله السياسي.
وتوازيًا مع مساعيه الرامية إلى التحرر من المحاكمة في قضايا الفساد، وتعويله على ضغط دونالد ترامب على مؤسسة الرئاسة الإسرائيلية، لاقتناص قرار العفو، دأب في المقابل على المماطلة في تشكيل لجنة رسمية، للتحقيق في إخفاقات المستوى السياسي يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بحسب تعبير وسائل إعلام عبرية.
وبدلًا من تشكيل لجنة قضائية للنظر في الإخفاقات، أطلق لائتلافه حرية الهيمنة على اللجنة، ووضع شروط انعقادها بعد إزاحة المستوى القضائي عنها.
ويحدد النهج الانتقائي لأعضاء لجنة التحقيقات، مؤشرات استباقية على نتائجها، تتسق بطبيعة الحال مع استراتيجية نتنياهو، إذ تتألف اللجنة في عضويتها من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، المعروف بمواقفه الأكثر تطرفًا؛ والوزراء زئيف إلكين، وهو وزير "ليكودي"، يشغل منصب نائب وزير الخارجية؛ وعميحاي شيكلي، وزير ما يعرف بـ"الشتات اليهودي"؛ ووزير الزراعة آفي ديختر، وهو في ماضيه رئيس سابق لجهاز الأمن العام "الشاباك".
بالإضافة إلى عضوية وزيرة الشؤون الاستخباراتية السابقة، وزيرة الابتكار والعلوم والتكنولوجيا حاليًا، جيلا جملائيل، صاحبة أول خطة لتهجير الغزيين من قطاع غزة.
كما حصلت على العضوية وزيرة الاستيطان أوريت شتروك من "الصهيونية الدينية"، وعميحاي إلياهو من حزب "عوتسما يهوديت"، وهو صاحب مبادرة إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة، بحسب صحيفة "يسرائيل هايوم".
وإمعانًا في التسويف، رأى نتنياهو حتمية ما أسماه بـ"التريث" في انعقاد اللجنة، مبررًا موقفه بأن "هذا الحدث بالغ الأهمية، ويثير جدلًا واسعًا بين الجمهور وبين عائلات ضحايا يوم 7 أكتوبر".
لكن المماطلة فتحت مجالًا لاقتراحات أعضاء اللجنة، التي أبعدتها عن "بيت القصيد"؛ ومنها طلب الوزيرة أوريت شتروك "التحقيق مع الدوائر الإسرائيلية الضالعة في اتفاق أوسلو"، وعزت ذلك إلى أن "التفاوض مع الفلسطينيين، كان من بين أسباب أحداث 7 أكتوبر".
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ذهب فريق آخر في اللجنة إلى "مثول المتورطين في خطة فك الارتباط الإسرائيلي عن قطاع غزة أمام اللجنة".
واشترط أعضاء اللجنة التحرر من القيود الزمنية عند الشروع في التحقيقات، أو بالأحرى إطالة أمدها لأجل غير مسمَّى، علاوة على تفادي توجيه اتهامات الإخفاق لشخصيات، والاكتفاء في المقابل بالجهات الاعتبارية، وفق اقتراح وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، المطروح على أعضاء اللجنة.
ولتحييد مسؤولية الداخل الإسرائيلي، ابتكر أعضاء لجنة التحقيقات ما وصفوه بـ"الاعتبارات الخارجية"، التي يعتقدون وجودها، فضلًا عن شمول التحقيقات دوائر إعلامية وقضائية؛ بالإضافة إلى حجب نتائج التحقيقات الأولية عن الجمهور، وعزوا ذلك إلى احتمالية مثول قيادات أمنية رفيعة المستوى أمام اللجنة.
وبينما يصر نتنياهو على حضور أولى لجان التحقيق بنفسه، تجاهل القائمون على اللجنة حتى الآن، وضع إطار عام للتحقيق، أو جدوله الزمني؛ ولم تجب عن سؤال: هل ستكون قرارات اللجنة مُلزمة، أم ستكتفي بالتوصية والسماح بالتحقيق دون قيود؟.