كشف مصدر سياسي مطلع على تفاصيل الأزمة داخل "الإطار التنسيقي" في العراق، أن الخلافات تتمحور بالدرجة الأولى حول الموقف من قانون الحشد الشعبي، بعد فشل تمريره داخل البرلمان، خلال الأسابيع الماضية.
وأضاف المصدر الذي طلب حجب اسمه لـ"إرم نيوز" أن "الشق الثاني من الخلاف يتعلق بملف الولاية الثانية لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني".
وأردف أن "تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، وعصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي يدعم بقاء السوداني في منصبه، فيما يتحفظ جناح دولة القانون بزعامة نوري المالكي، إضافة إلى فصائل أخرى، على هذا الخيار".
ويعتبر هؤلاء أن "إعادة تكليف السوداني قد تضعف نفوذهم وتفتح الباب أمام ائتلافه الجديد ليكون رقماً صعباً بعد الانتخابات"، وفق المصدر ذاته.
وأكد أن "استمرار الاجتماعات الدورية للإطار لم ينجح في تذويب هذه الخلافات، بل إن حدة التجاذبات ارتفعت خلال الشهرين الماضيين، مع تصاعد الحملات الانتخابية، حيث اتجهت بعض القوى إلى الانسحاب التكتيكي وخوض الانتخابات بقوائم منفردة، تمهيداً للعودة لاحقاً ضمن تحالف مشروط بإقصاء أو تحجيم بعض الأطراف".
وأشار إلى أن "هناك خشية متزايدة من أن تتحول هذه الانقسامات إلى تصدع حقيقي يسبق موعد الانتخابات، خاصة مع تداول معلومات عن نية بعض الأطراف كشف ملفات فساد واستهداف خصومها عبر القضاء أو الإعلام، وهو ما قد يسرع من تفكك التحالف الذي تأسس أصلاً على قاعدة مواجهة التيار الصدري".
إمكانية التماسك
وتأسس "الإطار التنسيقي" في خريف 2021، عقب فوز التيار الصدري بأكبر عدد من المقاعد النيابية، كجبهة موحدة ضمّت قوى سياسية شيعية بارزة مثل دولة القانون بزعامة نوري المالكي، والفتح بزعامة هادي العامري، والعصائب، وتيار الحكمة، وحركة عطاء، بهدف مواجهة مشروع "حكومة الأغلبية الوطنية" الذي طرحه مقتدى الصدر آنذاك.
غير أن هذا التحالف ظل رهينة للتوازنات الهشة والتجاذبات بين مكوناته.
وخلال العامين الماضيين، برزت عدة مؤشرات على هشاشة الإطار، أبرزها الخلافات بشأن التعيينات في مؤسسات الدولة، وتقاسم الوزارات، وإدارة الملف الأمني والاقتصادي.
كما مثّلت القوانين المؤجلة داخل البرلمان ـ مثل قانون الحشد الشعبي ـ ساحات متكررة للصراع الداخلي، حيث اتهمت بعض الأطراف الأخرى بتعطيلها استجابة لضغوط خارجية أو لحسابات انتخابية ضيقة.
ومع اقتراب موعد الانتخابات، تتجه مؤشرات المشهد إلى صعوبة الحفاظ على تماسك "الإطار التنسيقي"، في ظل تضارب المصالح بين مكوناته وتباين حساباته الانتخابية.
فبينما يسعى السوداني لتعزيز موقعه عبر ائتلاف واسع يضم قوى من داخل الإطار وخارجه، يتمسك المالكي بضرورة إعادة ترتيب البيت الشيعي وفق معادلة تضمن له ثقلاً وازناً بعد الاقتراع، وهو ما يفتح الباب أمام مزيد من التنافر السياسي.
بدوره، يرى أستاذ الإعلام والباحث السياسي غالب الدعمي أن "الإطار التنسيقي، وبغض النظر عن حجم الخلافات الداخلية التي تُعد قوية ومفصلية، يبقى مدعوماً خارجياً، وتحديداً من إيران، وهو ما يحول دون تفككه الكامل".
وأضاف الدعمي في حديث لـ"إرم نيوز" أن "القوى المنضوية في الإطار قد تختلف في التفاصيل، لكنها تتفق على العنوان العام، وكلما تراجع الدور الإيراني في العراق، ضعف الإطار وربما تشتت في حال انكفاء طهران وابتعادها عن المشهد العراقي" وفق تعبيره.
ولا تزال جملة من الملفات تمثل محور جدل عميق داخل الإطار التنسيقي، أبرزها العلاقة مع واشنطن ومستقبل الوجود العسكري الأمريكي في العراق، فضلاً عن الخلاف حول تمرير قانون الحشد الشعبي وما يرتبط به من صراع على النفوذ داخل المؤسسات الأمنية.
ولم يتمكن الإطار التنسيقي من الدخول إلى السباق الانتخابي عبر قائمة موحّدة، بل توزعت مكوناته على أكثر من قائمة انتخابية، في محاولة لكل طرف لإثبات حجمه الحقيقي داخل الشارع الشيعي.
واختار السوداني التوسع عبر ائتلاف "الإعمار والتنمية"، فيما فضّل المالكي التمسك بكتلته التقليدية "دولة القانون"، في حين مضت قوى أخرى مثل العصائب وتيار الحكمة بخيارات منفصلة، وهو ما كشف عمق الخلافات الداخلية، وسط تساؤلات عن قدرة "الإطار" في العودة مجدداً بعد السباق الانتخابي.