logo
العالم العربي
خاص

"الطابور الخامس".. هل ينقلب عون على حزب الله بعد المساس بمقامه؟

عناصر من حزب اللهالمصدر: منصة إكس

لم يشهد لبنان مستوى الإحراج العربي والدولي الذي يعيشه اليوم على خلفية ملف حزب الله، كما لم تُطرح أمام المسؤولين اللبنانيين أسئلة بحدّة ما طُرح مؤخراً خلال لقاء وفد وزارة الخزانة الأمريكية مع رئيس الجمهورية جوزيف عون.

وضع الوفد على طاولة البحث معلومات تتعلق بـ اختراق الحزب لمؤسسات حيوية، أبرزها مرفأ بيروت ومطار رفيق الحريري الدولي، عبر ما وصفه بـ"الطابور الخامس" الذي يسهّل عمليات تهريب الأموال لصالح التنظيم.

وبحسب مصادر دبلوماسية وسياسية لبنانية، فإن بيروت تتجه نحو مزيد من التباعد مع عواصم عربية مؤثرة كانت قد تبنّت مسار دعم اقتصادي مشروط بتحقيق تقدم فعلي في ملف حصر سلاح حزب الله وتعزيز سيادة الدولة.

 وأكدت المصادر أن تلك العواصم كانت تروّج لدى واشنطن لإعطاء حكومة نواف سلام الفرصة الكاملة لاستعادة زمام القرار اللبناني، غير أن التطورات الأخيرة تهدد هذا المسار وتزيد من الشكوك حول قدرة الحكومة على تنفيذ التزاماتها.

أخبار ذات علاقة

أنصار حزب الله يحيون ذكرى اغتيال نصر الله ببيروت

اختبار السيادة بدأ.. هل تكسر الرئاسة اللبنانية قبضة "حزب الله"؟

حسم سلاح "حزب الله"

ويقول مصدر سياسي لبناني رفيع المستوى، إن مؤسسات الدولة وقفت في حالة "خجل" من معلومات قدمت من وفد وزارة الخزانة الأمريكية خلال زيارتها منذ أيام للعاصمة بيروت، ومنها تفاصيل دقيقة وزمنية لعمليات تهريب أموال لصالح حزب الله تمت من خلال المرفأ والمطار، في حين أن هناك متابعة دقيقة تتم داخل هذين المنفذين من خلال فريق آخر تابع لرئيس الجمهورية، ولكنه لم يستطع كشف عمليات التهريب لصالح الميليشيات اللبنانية.

وبيّنت المصادر في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن مقربين من الرئيس جوزيف عون عقدوا خلال الأيام الماضية اجتماعات مع قيادات في حزب الله، من بينها لقاء مع رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد.

وبحسب المصادر، جرت مصارحة مباشرة بشأن تصرفات الحزب التي انعكست سلباً على موقع رئيس الجمهورية وهيبة الدولة في الداخل والخارج، ولا سيما ما يتعلق بملف تهريب الأموال وعمليات الاختراق الأمني داخل مؤسسات حكومية حساسة، في إشارة إلى مطار رفيق الحريري الدولي ومرفأ بيروت.

وفي موازاة ذلك، حذّر المقربون من أن ممارسات الحزب تُفاقم الضغوط الدولية على لبنان وتُقربه من خطر شنّ حرب إسرائيلية، من خلال تقديم ذرائع مرتبطة بعدم تعاون الميليشيات مع الخطة الحكومية الهادفة إلى ضبط السلاح وحصره بيد الدولة.

ويتساءل المصدر قائلا:هل يتغير الرئيس عون في طريقة تعامله مع حزب الله بمنطق الجمع بين حماية الأمن الاجتماعي للبنان بعدم حدوث مواجهات أهلية، وفرض سيادة الدولة بتنفيذ عملية حصر السلاح؟!".  

ويعرف عن الرئيس جوزيف عون سعيه إلى التوصل إلى تسوية مع حزب الله تضمن معالجة ملف السلاح بطريقة لا تدفع البلاد نحو اقتتال داخلي ولا تفتح الباب أمام حرب إسرائيلية قد تهدد البيئة الحاضنة للميليشيات. وفي الوقت نفسه، يتمسّك عون بضرورة أن تستعيد مؤسسات الدولة كامل سيادتها على الأراضي اللبنانية، لكن عبر مسار تدريجي يراعي الحساسية الداخلية ويحافظ على السلم الأهلي.

غير أن هذا الطرح يختلف بشكل واضح عن مقاربة رئيس الحكومة الدكتور نواف سلام، الذي يدفع باتجاه تطبيق قرار الحكومة الصادر في أغسطس/ أب الماضي، والقائم على حصر السلاح حصراً بيد الجيش والقوى الأمنية وفرض سلطة الدولة بلا استثناءات أو اعتبارات إضافية. هذا التباين بين الجانبين يعكس الفجوة في رؤية كيفية التعامل مع حزب الله بين منطق التدرج الذي يتبناه عون، ومنطق الحسم المؤسساتي الذي يصرّ عليه سلام.

أخبار ذات علاقة

غارات سابقة على جنوب لبنان

لبنان.. الجدل السياسي يخفي استعدادات لمواجهة عسكرية واسعة

وأكد مصدر دبلوماسي لبناني، أن الأزمة الكبرى التي باتت أمام لبنان، أنه لم يعد هناك مهل أو فرص حقيقة من الأصدقاء عربياً ودولياً، وأن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، مثلما كان منذ أشهر قبل تأزم الوضعية الخاصة بنزع السلاح، والعمل على توفير عنصر التمويل لحزب الله من منظومته المالية في الخارج ، لإعادة بناء قدراته العسكرية.

وبحسب المصدر في تصريحات لـ"إرم نيوز"، فأن المشكلة الآن في أنه كان هناك تفهم عربي كبير من دول تحمل على عاتقها مسؤولية تعافي لبنان اقتصادياً بالتوازي مع تحقيق تطورات إيجابية في ملف نزع السلاح، وكانت تسوق أمام واشنطن، مبررات إعطاء فرص للحكومة، لمعالجة بعض الخلل في مؤسسات بالداخل بهدف تقليل نفوذ حزب الله، ولكنها تراجعت خطوات لحين وجود عملية نزع حقيقي للسلاح.

وأشار المصدر إلى أن هذه الدول كانت تستهدف توافقا جمعيا بالداخل في التعامل مع أزمة السلاح ولكن التباين بين الرئاسات الثلاثة، رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب، جعلت تلك البلدان العربية، تعيد النظر في بعض السياسات التي كانت منفتحة فيها على لبنان.

محطات الصراع بين إسرائيل وحزب الله

ولفت إلى أن لبنان وصلت إليه رسائل مباشرة بعيداً عن المبعوث الأمريكي توم باراك، بأن التعامل مع اختراق المرافق الحكومية من حزب الله وفي صدارتها مرفأ بيروت ومطار رفيق الحريري، يجب أن يكون فوريا، بلهجة :"الآن بمعنى الآن وليس الأسبوع القادم".

وبدوره، يرى الباحث السياسي اللبناني، علي حمادة، أن قدرات حزب الله المالية حتى الآن ليست في خطر، وهناك محاولات من أجل محاصرة هذه القدرات ولكنها لم ترقَ من مصرف لبنان وأيضا جهات أمريكية الى مستوى يمكن أن يشكل خطرا داهما على مالية الحزب.

أخبار ذات علاقة

مؤسسة القرض الحسن- الذراع المالي لميليشيا حزب الله

موارد حزب الله "في مهب العاصفة".. لبنان يحارب "القرض الحسن" و"الكاش"

شبكة مالية معقدة

وأفاد حمادة في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن مالية الحزب شبكة معقدة وواسعة النطاق، وليست قائمة على التحويلات النقدية "الكاش" وتعاملات مالية، ولكنها شبكة مرتبطة باستثمارات منذ 3 عقود في مختلف جوانب الاقتصاد اللبناني في مجال الخدمات والصناعات والاستيراد والتصدير.

وأضاف أن التنظيم مازال يسيطر وإن كان ذلك أقل من قبل، ولكنه يسيطر على مرافق الدخول إلى لبنان أي أنه مازال لديه نفوذ كبير في مطار رفيق الحريري ومرفأ بيروت، يعتبر أقل من الماضي لكنه حاضر.

وذكر حمادة أن محاصرة حزب الله ليس بالأمر السهل، إضافة إلى الشبكات الدولية التي يمتلكها في القارة الأفريقية من تجارة ألماس وتبيض أموال وتجارة بأنواع مختلفة وفي شتى الصناعات، والعمل قوي من خلال مجال الاستيراد والتصدير الذي يخدم حركة أمواله أيضا في العديد من الدول هناك، لاسيما أن هناك جاليات لبنانية "شيعية".

وتحدث حمادة أن هناك أيضا انتشارا لحزب الله مالياً في أمريكا الجنوبية انطلاقاً من فنزويلا، إضافة إلى وجود تعاملات بالأرجنتين وأوروجواي والبرازيل وسط تواجد قوي لجاليات جديدة مقربة من حزب الله، ذهبت واستقرت في مناطق حرة اقتصادية بين بلدان لاتينية كبرى، وتتعامل في جميع أنواع التجارة لتبييض الأموال لحزب الله الذي كان قام بتمويل انتقال هؤلاء من بيئته ليستقروا هناك ويباشروا أعمالا لصالحه.

واستكمل حمادة أن لدى حزب الله أيضا شبكات أخرى في أوروبا؛ إذ يحتكر تجارة استيراد السيارات المستعملة في بلجيكا وألمانيا بشكل كبير، وفي فرنسا بعمل جزئي إلى لبنان، وهذه وسائل لتبييض الأموال وتدوير مالية الحزب، ومن ثم لا يحتاج لإطلاق حرب لإنقاذ نفسه خاصة أن ذلك القرار يكون إيرانيا وليس انطلاقا من لبنان.

واستطرد حمادة أن حزب الله يمكن أن يستخدم في لحظة ما الشارع ضد الحكومة اللبنانية ومصرف لبنان وضد من يعمل على محاصرته لاسيما في حال اتخاذ قرار حكومي بإغلاق جمعية القرض الحسن التي تتعاطى أعمالا مصرفية خارج القانون، ولا أحد يستطيع التصدي لعمليات تبييض أموال كبيرة لصالح التنظيم.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC