بالتزامن مع الحراك الدبلوماسي الرامي إلى التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، يسرّع الجيش الإسرائيلي بوتيرة عملياته العسكرية في عدة مناطق جنوب لبنان، أبرزها الجبهة الساحلية؛ حيث يحاول الوصول إلى الخط الساحلي بالقرب من بلدة الناقورة، وفق خبيرين عسكريين.
الخبير العسكري وائل عبد المطلب قال إن الجيش الإسرائيلي يحاول السيطرة على محور البياضة – طير حرفا – شمع باعتباره محورًا إستراتيجيًا، ويمكّن إسرائيل إن استطاعت السيطرة عليه خنق كامل القطاع الغربي حيث لا تزال تتواجد عناصر من "حزب الله".
وأضاف عبد المطلب لـ "إرم نيوز"، أن الجيش الإسرائيلي يسعى، أيضًا، إلى السيطرة على الطريق الساحلي الممتد من بلدة الناقورة، وصولاً إلى مدينة صور، كما أن السيطرة على بلدة البياضة ستمكن الجيش الإسرائيلي من التحكم بتل البياضة، وهي منطقة مرتفعة مشرفة على كامل المنطقة، وهذا التحكم سيتيح لإسرائيل التحكم الناري الصاروخي على كافة منطقة صور.
وتابع الخبير العسكري أن إصرار إسرائيل على هذا المحور يعود إلى سهولة التحرك فيه؛ فـ"حزب الله" لا يتمتع بنفوذ قوي في بلدة الناقورة ومحيطها، كما أن هذه المنطقة تعد المركز الأساس لقوات الأمم المتحدة "اليونيفيل".
وأكد أنه على الرغم من التوغل البري الإسرائيلي في هذا المحور، إلا أن المنطقة تشهد اشتباكات متقطعة بين عناصر الحزب والجيش الإسرائيلي في القرى الثلاث (البياضة، وشمع، وطير حرفا).
وأضاف: "عسكريًا يفسر هذا الأمر بتحقيق تقدم سريع عن طريق بلدات اللبونة، وعلما الشمع، ليصار بعدها إلى السيطرة الكاملة، لأن الهجوم الشامل على القطاع الغربي قد يكون مستحيلاً على الجانب الإسرائيلي بسبب انفتاح القطاع على منطقة صور، وباقي البلدات والقرى؛ حيث ستكون النيران المقابلة كثيفة ومفتوحة من الجانبين على عكس ما سيحصل في حالة الطوق.
ويرى العقيد المتقاعد في الجيش اللبناني جميل أبو حمدان، من جانبه، أن الجيش الإسرائيلي يقوم بالتوغل في الأراضي اللبنانية من 3 محاور، الأول وهو محور البياضة وصولاً إلى الساحل، والثاني بلدة كفرشوبا، والثالث بلدة الخيام.
وأوضح: "في بلدة الخيام يتم التوغل من الطرفين الشرقي والجنوبي بهدف تطويقها، ومن الواضح أن التوغل نجح إلى حد كبير، بدلالة استعمال حزب الله لسرب من الطائرات المسيرة الانقضاضية، وهي المرة الأولى التي يلجأ فيها الحزب إلى هذه الطائرات، كونه يستعملها فقط لمهاجمة الداخل الإسرائيلي، أما بالنسبة لمحور بلدة كفرشوبا فالجيش الإسرائيلي، وبحسب المعلومات المؤكدة، استطاع الوصول إلى الجانب الجنوبي للبلدة مع استمرار العمليات العسكرية بشكل ضارٍ".
ويضيف الخبير العسكري لـ "إرم نيوز" إلى أن ما يُجرى، حاليًا، على الأرض يعد فعليًا المرحلة الثانية من العمليات البرية التي أعلن عنها الجيش الإسرائيلي؛ فالمرحلة الأولى هدفت إلى إنشاء منطقة عازلة بعرض 6 كلم تقريبًا على طول الحدود والتي أسفرت عن سيطرة الجيش الإسرائيلي على تلة مارون الراس التي ترتفع عن سطح البحر بـ950 مترًا، والمرحلة الثانية يبدو أنها تستهدف توسيعها لتصل إلى 15 كلم، "علمًا بأن المنطقة الجديدة تعد الأهم كونها مشرفة على مناطق جنوب الليطاني"، لافتًا إلى أن المرحلة الثانية بدأت بالتوغل عبر محور بلدات طيرحرفا – الجبين – شيحين.
ويشير أبو حمدان إلى وجود مخاوف فعلية من التوغل الإسرائيلي الجديد كون المواقع الإستراتيجية التي تشرف على معظم قرى الجنوب تتيح للجيش الإسرائيلي مراقبة أي تحركات لـ"حزب الله" في حال التوصل إلى وقف إطلاق النار والتدخل المدفعي في حال الاشتباه بأي تحرك، بالإضافة إلى مراقبة تحركات الجيش اللبناني والذي سيكون واقعًا بين فكي الكماشة خلال عملية انتشاره في الجنوب، خاصة أن إسرائيل كانت قد أعلنت أنها لن تنسحب من لبنان إلا بعد مرور فترة وقف إطلاق النار المؤقتة والمحددة بالـ60 يومًا.