logo
العالم العربي

لبنان وسوريا على طريق جديد.. هل تُطوى صفحة الماضي؟

لبنان وسوريا على طريق جديد.. هل تُطوى صفحة الماضي؟
بدء المحادثات بين أحمد الشرع ونواف سلامالمصدر: رئاسة مجلس الوزراء اللبناني "إكس"
16 أبريل 2025، 5:07 ص

في خطوة وُصفت بأنها متقدمة في سياق العلاقات السورية اللبنانية، أثار اللقاء الأخير الذي جمع رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام بالرئيس السوري أحمد الشرع، تساؤلات واسعة حول ما إذا كانت هذه المبادرة ستمثل بداية فعلية لطيّ صفحة الماضي بين البلدين.

فبعد عقود من التوترات، والتشابك الأمني والسياسي والاقتصادي، جاءت هذه الزيارة لتعكس رغبة مشتركة في إعادة صياغة العلاقة على أسس أكثر ندية واحتراماً للسيادة.

ويرى خبراء أن هذا اللقاء لا يرقى بعد إلى مستوى القطيعة مع الماضي، لكنه يؤشر لتحوّل ملحوظ في النهج السياسي المعتمد من الطرفين، لا سيما في ظل وجود إرادة واضحة لمعالجة ملفات شائكة، مثل ترسيم الحدود الذي ظلّ لسنوات نقطة نزاع مستمرة، وملف المعتقلين المتبادل بما يحمله من أبعاد قانونية وإنسانية معقّدة.

أخبار ذات علاقة

من اللقاء

"صفحة جديدة".. سوريا ولبنان يبحثان ترسيم الحدود برا وبحرا

تحولات بارزة

وتستند أهمية هذا الأمر إلى التغيّرات التي طرأت على المشهدين اللبناني والسوري، بما في ذلك تراجع القبضة السياسية السورية على القرار اللبناني، والتطورات الداخلية في كلا البلدين التي دفعت باتجاه التفكير في علاقات أكثر توازناً.

وفي هذا السياق، أوضح المنسق السابق للحكومة اللبنانية لدى قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل)، العميد منير شحادة، أن اللقاءات الأخيرة بين سوريا ولبنان لا تعني طيّ صفحة الماضي بشكل كامل، لكنها تمثّل خطوة متقدمة في مسار العلاقات الثنائية.

وأشار شحادة، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أن التغيرات السياسية في لبنان، لا سيما مع تولّي العهد الجديد، ساهمت في إحداث تحوّل بارز في العلاقة بين البلدين، ما يُعد تطوراً إيجابياً رغم تعقيدات الملفات العالقة.

وفي مقدمة هذه الملفات، سعي الطرفين إلى ترسيم الحدود، حيث لا تزال هناك 27 نقطة خلافية ومحاضر تداخل غير مرسّمة، وهو ما يشير إلى وجود نية سورية صريحة لتنظيم هذه العلاقة الحدودية بعد سنوات من الفوضى.

واعتبر شحادة أن النظام السوري الجديد، بعد أحداث 2011، بات أكثر انفتاحاً على حل هذا الإشكال، مما يعكس رغبة في منع تكرار أزمات سابقة وقعت على الشريط الحدودي.

وأشار شحادة إلى أن من بين المؤشرات الإيجابية أيضاً، البحث في ملف المعتقلين من الطرفين، رغم صعوبته وتعقيداته، نظراً لوجود عدد كبير من السوريين في السجون اللبنانية، وبالعكس، مع التحديات القانونية المتعلقة ببعض المتهمين بجرائم خطيرة.

ولفت إلى أن اتفاقاً محتملاً لتبادل السجناء يمكن أن يسهم في التخفيف من أزمة الاكتظاظ داخل السجون، شريطة استثناء مرتكبي الجرائم ضد الجيش والمؤسسات الأمنية اللبنانية.

فهم مشترك

من جهة أخرى، رأى العميد اللبناني خالد حمادة، مدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات، أن ما يحصل، حالياً، هو بداية لمسار جديد من العلاقات بين سوريا ولبنان، مختلف كلياً عن المراحل السابقة التي تميزت بسيطرة دمشق على القرار السياسي اللبناني.

وأشار حمادة، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أن المرحلة الجديدة تقوم على أسس السيادة المتبادلة، وفهم مشترك لأمن الحدود، مع ضرورة التزام لبنان بتنفيذ قرارات دولية حاسمة، كـ1701 و1680 و1959، التي تطالب بضبط الحدود، نزع السلاح غير الشرعي، وخروج كافة القوى المسلحة غير اللبنانية.

وبيّن أن هذه المرحلة ستواجه صعوبات نتيجة التباطؤ اللبناني في تنفيذ تلك القرارات، مما قد ينعكس سلباً على التعاون المشترك في مسائل مثل ضبط الحدود ومنع اختراقات من جانب حزب الله، وهو ما سيدفع سوريا إلى المطالبة بنشر قوات لبنانية شرعية.

أخبار ذات علاقة

الشرع وسلام

بين بيروت ودمشق.. مساع لحل ملفات ثقيلة بغطاء إقليمي

عوائق إضافية

كما حذّر حمادة من عوائق إضافية تتمثل في ملف الموقوفين السوريين المتهمين بعلاقات مع النظام السوري، وما يتطلبه من جهد حكومي لبناني خاص، إضافة إلى تعقيدات تخص الحدود الشرقية حيث ينتشر السلاح ضمن ما يُعرف بالعشائر، فضلاً عن مسألة الملكيات اللبنانية في القرى السورية الحدودية، التي باتت خاضعة لتحالفات بين ميليشيا حزب الله والفرقة الرابعة السورية، ما سيفتح أبواب نقاشات طويلة.

وأوضح حمادة بالإشارة إلى أن العودة إلى المرحلة السابقة لم تعد واردة، وأن المشهد الحالي يعكس بداية لمرحلة جديدة، ستتضمن مراجعة للعديد من الاتفاقيات السابقة، وأبرزها الاتفاقية الخاصة بإنشاء المجلس الأعلى السوري اللبناني، التي لطالما صادرت القرار الدستوري اللبناني.

وختم أنه مع أن بعض النقاط لا تزال عالقة، إلا أن المؤشرات العامة تدل على أن الماضي بدأ يُطوى تدريجياً.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC