في خطوة قد تحمل إشارات رمزية على تهدئة غير معلنة، أفرجت السلطات الفرنسية عن المؤثر الجزائري المثير للجدل "دوالمن" (بوعلام نعمان) بعد انتهاء مدة احتجازه القانونية دون اتفاق مع الجزائر بشأن ترحيله.
وأعادت هذه الخطوة، تسليط الضوء على واحدة من أكثر الملفات حساسية في العلاقات بين باريس والجزائر، بعدما توترت، مطلع العام، بسبب رفض الجزائر استقبال مواطنها المطرود، في واقعة أثارت أزمة دبلوماسية حادة بين البلدين..
فهل يشكّل الإفراج عن دوالمن بداية لانفراج محتمل، أم أن جذور الأزمة لا تزال أعمق من أن تعالج برمزية قانونية؟
أطلقت السلطات الفرنسية سراح المؤثر الجزائري "دوالمن " بعد انتهاء المدة القانونية القصوى البالغة 90 يومًا من الاحتجاز الإداري، وذلك في غياب أي اتفاق بين باريس والجزائر بشأن ترحيله.
والمؤثر المعروف على منصة "تيك توك"، واسمه الحقيقي بوعلام نعمان، غادر مركز الاحتجاز الإداري في لو ميسنيل أملو، الواقع في إقليم سين-إي-مارن، بعد أن أمضى كامل المدة القانونية المقررة للاحتجاز، بحسب صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية.
من جانبه، رأى الدكتور جان-مارك لافيرنيير، الباحث في مركز الدراسات الجيوسياسية في باريس والمتخصص في العلاقات الفرنسية-الجزائرية، لـ"إرم نيوز" أن "إطلاق سراح بوعلام نعمان لن يكون كافيًا لتبديد التوترات القائمة بين باريس والجزائر، لكنه خطوة رمزية تشير إلى نوع من التهدئة غير المعلنة."
وأضاف: "الملف كان في قلب أزمة دبلوماسية واضحة، حيث رفضت الجزائر استقبال مواطنها، ما عكس حالة انعدام الثقة بين الحكومتين. الإفراج عنه، الآن، قد يُستخدم كورقة تهدئة إعلامية، لكنه لا يعالج جذور الأزمة، مثل ملف التأشيرات، أو قضايا الذاكرة، والتعاون الأمني."
وتابع الخبير الفرنسي: "من المرجح أن تتريث الجزائر في الرد على هذا التطور، خاصة في ظل الأجندة الانتخابية الداخلية، وتداعيات ملفات الهجرة غير النظامية".
وكانت الجزائر قد رفضت استقباله، مطلع العام الحالي، بعد أن طرد من فرنسا بتاريخ 9 يناير، إثر حكم بالسجن مع وقف التنفيذ لمدة 5 أشهر، بسبب نشره مقطع فيديو على تيك توك يدعو فيه إلى "إنزال عقوبة صارمة" بأحد المعارضين السياسيين للنظام الجزائري في العاصمة الجزائر. هذا الرفض الجزائري لإعادة استقباله أدى حينها إلى أزمة دبلوماسية حادة بين الجزائر وباريس.
وبعد إعادته إلى فرنسا، ألقي القبض عليه مجددًا، في 20 مارس، في مدينة مونبلييه من قبل شرطة الحدود، ليُنقل إلى مركز الاحتجاز الإداري ذاته الذي خرج منه مؤخرًا.
في 25 مارس، رفض المحكمة الإدارية في باريس طلبًا بتعليق قرار طرده، معتبرةً أن الشروط القانونية لتعليق القرار "غير مستوفاة"، رغم إقامته الطويلة في فرنسا — التي امتدت إلى نحو 20 عامًا في وضع غير قانوني، و15 عامًا في وضع قانوني.
واستندت المحكمة إلى أنه لا يملك روابط عائلية قوية مع أبنائه البالغين أو أحفاده، ولا يعيش في كنف شريكة حياة، كما لم يُثبت وجود اندماج مهني مستمر أو مستقر.
لاحقًا، رفض مجلس الدولة الفرنسي طلبًا مستعجلًا تقدّم به المؤثر نفسه لوقف تنفيذ قرار الطرد.