logo
العالم العربي

قرار الهجوم على السويداء.. هل وقع الشرع في "الفخ الإسرائيلي"؟

قرار الهجوم على السويداء.. هل وقع الشرع في "الفخ الإسرائيلي"؟
مقاتلون تابعون لوزارة الدفاع السورية في السويداءالمصدر: أ ف ب
17 يوليو 2025، 1:48 م

بعد سكوت المدافع وخفوت هدير الدبابات وأزيز الرصاص في مدينة السويداء، جنوبي سوريا، يجمع العديد من الخبراء والمراقبين على أن الوضع السوري ما بعد الهجوم على السويداء لن يكون كما قبله. 

يجزم العديد من المراقبين أن "شعرة معاوية" بين دمشق والسويداء انقطعت إلى غير رجعة، والثقة الضعيفة التي كانت سائدة بين الجانبين تحولت إلى "صفر ثقة"، ما سيترك تداعيات كبيرة على الواقع السوري المأزوم أصلا، على حد قولهم.

أخبار ذات علاقة

قوات سورية تطلق النار وسط اشتباكات دامية في السويداء

إعلام غربي: أحداث السويداء تثير مخاوف الانزلاق إلى حرب طائفية في سوريا

"فخ" و"سوء تقدير"

في هذا السياق، يرى الكاتب والمحلل السياسي السوري مازن بلال، أن تداعيات أحداث السويداء فاجأت الجميع، مؤكدا أن ما حدث هو "فخ"؛ لأن دمشق تعرف طبيعة الفصائل التي تعتمد عليها، ونوعية خطاب الكراهية السائد في سوريا حاليا.

ويضيف بلال، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن عنف الأحداث الدائرة استدعى تدخل آليات ثقيلة وهو أمر مرفوض من قبل إسرائيل، مشيرا إلى حالة من "سوء التقدير" لدى حكومة دمشق لنوعية المواجهة، ولتبعات الاعتماد على فصائل بدلا من جيش يعرف قواعد الاشتباك، وهذا الأمر لم يؤد إلى مجازر فقط بل أعطى إسرائيل فرصة استثمار الحدث.

ويلفت الكاتب السياسي السوري إلى أن قراءة خطاب شيخ عقل الطائفة الدرزية حكمت الهجري يبيّن أن هناك اتفاقا تم فرضه على أهالي جبل العرب، وهو نتيجة تفاهمات مسبقة، في باكو غالبا، مشيرا في هذا الصعيد على المعلومات التي نشرها موقع "أكسيوس"، والتي تحدثت عن إبلاغ تل أبيب بأن مدرعات سورية ستدخل إلى السويداء، وهو ما يؤشر إلى أن المسألة كانت أصعب مما قدرته دمشق.

ويوضح بلال أن ما حصل كان فخا إسرائيليا أمريكيا، لدفع الحكومة السورية إلى توقيع اتفاق مع تل أبيب بشروط إسرائيلية، فأعطوا ضوءا أخضر بالهجوم، ويبدو أن الإدارة السورية الجديدة قد ابتلعت الطعم دون أي قراءة أو استفادة من تجارب التاريخ، وخاصة تجربة الرئيس أديب الشيشكلي مع الدروز والتي انتهت بسقوط حكمه ثم مقتله في منفاه في فنزويلا على يد شاب درزي.

مؤشرات وهدف إسرائيلي 

من جهته، يرى الكاتب السوري عدي الزعبي، أن قرار مهاجمة السويداء جاء بعد العديد من المؤشرات التي فُهمت في دمشق كضوء أخضر للقيادة السورية بأنها "موافقة" على الهجوم. وأشار إلى أن التصريحات الأمريكية المتكررة "المحابية"، والمفاوضات المستمرة مع إسرائيل، شجعت الحكومة على إنهاء حالة الاستعصاء، بشكل مباشر، وعنيف، وسريع. وكان هذا فخاً.

ويضيف: بعد عمليات التطمين الأمريكية، أتى الرد الإسرائيلي العنيف وغير المسبوق. مشيرا إلى أن الهدف الإسرائيلي يكمن في تهييج المكون "السني" السوري للقيام بعمليات انتقام واسعة ضد الدروز. وهذا ما سيحصل على الأغلب. حسب قوله، مرجحا أن إسرائيل ستراقب هذه العمليات، قبل أن تتخذ قراراً بالدخول بشكل كامل. 

ويعتقد الزعبي أن سوريا أمام خيارين: الدخول في الانتقام الطائفي، الذي سيعقبه تدخل إسرائيلي كامل، في بلد يعاني من انقسام طائفي كامل. وهذا أسوأ كابوس سوري، وأفضل سيناريو إسرائيلي، أو الانسحاب، والعودة إلى المفاوضات، وتسليم السويداء إلى حكم محلي ذاتي، وبالطبع، إعادة فتح ملف العلويين، والتوقف عن تهديد الأكراد. 

أخبار ذات علاقة

طلال أرسلان

طلال أرسلان: نطالب بموقف عربي حازم في السويداء لمنع التدخل الإسرائيلي(فيديو إرم)

لا شبه مع سيناريو "إبريل غلاسبي"

من جهته، لا يعتقد الكاتب اللبناني علي حمادة أن الشرع تلقى ضوءا أخضر من الأمريكيين "ضمنيا"، فسره وانطلق على أساسه للهجوم على منطقة السويداء.

ويعتقد حمادة، في تصريحات لـ إرم نيوز"، أن تفسير ما حصل هو أن الشرع اعتبر ربما بأن اتصالاته مع إسرائيل ومواقفه التي سلّف فيها الإسرائيليين خلال الأشهر القليلة الماضية سكوته عن الضربات التي قامت بها إسرائيل لمخازن ومراكز الجيش السابق بعد سقوط النظام، ومن ثم المباشرة بمفاوضات ومباحثات في عدة عواصم، وفتح تواصل مباشر أمني مع إسرائيل.

وأضاف: "هذا كله مع الإيحاء دائما بأنه ذاهب نحو مسار السلام والاتفاقات الإبراهيمية، سيمنحه نوعا من الحصانة لكي يتمدد نحو الجنوب، ولكي يقوم بعملية عسكرية في منطقة السويداء وبمحاذاة الحدود مع إسرائيل، إضافة إلى خصوصية المكون الدرزي بالنسبة للإسرائيليين".

يقول الكاتب السياسي اللبناني إنه ربما قيّم الشرع ومستشاروه الوضع وأخطؤوا في التقييم، خاصة مع الإشادات الأمريكية بحقه، وهو ما اعتبره بمثابة حصانة، بحيث أنه يمكن أن يستعيد السيطرة على السويداء بعملية عسكرية، وأن لا يتدخل لا الأمريكيين ولا الإسرائيليين.

 لكن ما حصل، وفقا لتقييم حمادة، هو أنهم تدخلوا؛ الإسرائيلي أولا، ومن ثم عندما بدأت تخرج للعلن مشاهد الارتكابات والانتهاكات الكبيرة من تدمير وحرق وسرقات وتنكيل بمشايخ دين، لم يترك ذلك مجالا أمام الولايات المتحدة لأن تبقى صامتة، ولذلك كانت هناك بيانات ومواقف أمريكية تندد بهذه الانتهاكات وتدعو لوقف النار الفوري.

وأشار إلى أن الموقف الأمريكي كان واضحا قبل التدخل الإسرائيلي، حيث طالبوا الشرع بإخراج جيشه من السويداء؛ لأنه ذهب بعيدا في العملية العسكرية.

ولكن حمادة لا يستبعد أن يكون الاستدراج إلى الفخ قد تم من خلال الاشتباكات بين عشائر البدو والفصائل الدرزية في السويداء، حيث من المعروف بأن عشائر البدو بشكل عام في هذه المناطق هم الذين يتولون مسائل التهريب عبر الحدود، وعندما تفاقمت الأمور تدخلت قوات الأمن السورية الرسمية الموجودة في درعا، ثم تفاقمت أكثر، فأُرسل الجيش لحسم الوضع عسكريا ضد كل الفصائل الدرزية، هذا الأمر أدى إلى ما أدى إليه.

 ويوضح الكاتب والمحلل اللبناني: "حصلت قراءة خاطئة للموقف الأمريكي والموقف الإسرائيلي ولحدود حرية الحركة التي يتمتع بها الرئيس أحمد الشرع، حيث تبين بأن هناك حدودا مرسومة أمريكيا وإسرائيليا".

أخبار ذات علاقة

أحمد الشرع

بعد أحداث السويداء.. ما رسالة الشرع للدروز في سوريا؟ (فيديو)

نتائج خطيرة 

يرى الكاتب السياسي السوري مازن بلال أن نتائج هذا القرار، ستدفع ثمنها سوريا، بأن الجنوب السوري سيصبح مساحة إسرائيلية مفتوحة، نتيجة سوء تقدير وعدم قراءة التاريخ السياسي لسوريا. 

فيما يذهب الكاتب عدي الزعبي إلى أبعد من ذلك، فيقول: "بعد المجزرة التي تعرض لها الدروز، لا يمكن حكم السويداء من المركز. كما لا يمكن حكم العلويين ولا الأكراد من المركز". مشيرا إلى أن أسلوب الحكم والحسم العسكري كارثي، وسيمزق البلد بشكل كامل.

ويختم: "لا يمكن مواجهة إسرائيل، من خلال مجتمع محطم ومنقسم، يعادي فيه العلويون والدروز والأكراد، المركز، وفي دولة يراقب فيها القائمون على السلطة الجرائم الطائفية الصريحة والمتنقلة، ويشجعون منهج الحسم العسكري. معتبرا أن "السلطة  السورية ارتكبت خطأً فادحاً في السويداء، وكل الإشارات، من التحريض الطائفي والعسكري والقومي، تشير إلى أن القادم أسوأ بكثير"، على حد قوله.

أما الكاتب علي حمادة فيرى أن نتائج ما حصل ظهرت فورا، وهو عمليا نوع من الفيدرالية الأمنية، أعلنها الرئيس الشرع عندما وافق على تفويض الفصائل المحلية من أبناء المنطقة بأن يتولوا الأمن، بمعنى آخر ليس هناك جيش ولا أمن في السويداء.

ويقول حمادة إن هذا الاتفاق سيرتب مسؤولية كبيرة على الفصائل الدرزية، في ظل تدخل أيادٍ خارجية قد تشعل الأوضاع الداخلية والتنافس الداخلي والخلافات المحلية، لتخرج السلطة في دمشق فتقول: "انظروا سلمناهم الأمن ففشلوا في تسلم الأمن والمحافظة على الأمن، ما يعني أن الموضوع يحتاج إلى تحمل مسؤوليات والمسؤوليات خطيرة لأن التدخلات كبيرة"، حسب قول الكاتب حمادة.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC